قبل ايام شاهدت لقاء تلفزيونيا مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسى، ورغم طول اللقاء وتشعب الاسئلة ..
استوقفت كثيرا امام ادارة الباب المفتوح التي تحدث عنها الضيف، اذ اكد ان ضرورات العمل الناجح في مجال التعليم العالي تفرض علينا العمل وفق منهج الباب المفتوح التي تعني التواصل المستمر مع الجامعات والمؤسسات العلمية على ان لايقتصر عملنا على التواصل مع القيادادت الجامعية فقط ، وانما يجب ان يكون هناك تواصل دائم مع تدريسيي الجامعات بل ويمتد الى ضرورة التواصل مع طلبة تلك الجامعات، وهو مايشكل نقطة هامة وحساسة تستحق النقاش وتستوجب الوقوف عندها وبيان اهميتها لاسيما ونحن نعيش تحت وطأة الكثير من القيادات البيروقراطية في الجامعات و مؤسسات الدولة الاخرى.
في البداية تكون لدي اعتقاد بان ادارة الباب المفتوح التي تطرق اليها الضيف ربما تكون مجرد جملة اعلامية جاءت في سياق الحديث.. لكن متابعة احاديث الوزير وطروحاته السابقة سرعان ما أثبتت العكس وتأكد لي بأنها لم تكن كذلك وانما هي فكرة ومنهج راسخ في أدائه وسلوكه الوظيفي بل تكاد تكون ملازمة لاغلب أحاديثه الاعلامية .
ان اتباع ادارة الباب المفتوح والمقابلات ، وتحديد اللقاءات الحوارية لغرض تذليل العقبات المعيشية او الادارية او العلمية لتكون روافد علمية ثقافية في المؤسسات العراقية لتعزيز برامجها بالجودة للحصول على الاعتماد الاكاديمي ، والتواصل مع الاساتذة والعلماء العراقيين في الخارج كمصادر للافكار والمقترحات التطويرية للجامعات والمؤسسات العراقية وخدمة الطالب العراقي وايجاد حلقات التواصل التي تيسر المخاطبات والحوارات الجادة والهادفة وبما يخدم التواصل مع الاساتذة والعلماء والطلبة من داخل الوطن وخارجه التي شكلت ركيزة أساسية في فكر ونهج الوزير منذ زمن بعيد .
وهنا يبدو من الضروري التأكيد على ان أهمية ادارة الباب المفتوح لاتكمن في ان هذه السياسة تعد من الأدوات عالية الفاعلية للرقابة والتطوير وأكتشاف أماكن القصور والخلل لأنها إحتكاك مباشر مع الآخرين فقط، وانما هي ادارة تتيح للمسؤول الأعلى تجنب المفاجآت غير السارة والناجمة عن التراكمات السلبية والاحتقان . ولاسيما ان مؤسساتنا الرسمية قد اعتادت ان تكون زيارة المسؤول الأعلى لأي منها لاتتعدى حدود الزيارة البروتوكولية التي تقتصر على التباحث بين المسؤول الاعلى والمسؤول الأول لتلك المؤسسة تحديدا، والتي غالبا ما تبدأ وتنتهي بالمجاملات التي تمتد او تختم بؤليمة غداء دون ان يتم التوصل الى اية نتائج نافعة وملموسة .
ان التطبيق الناجح لادارة الباب المفتوح يفرض على المسؤول الاعلى أن يتجاوز الاسلوب التقليدي القائم على فكرة إبقاء الباب مفتوحاً في انتظار من يصلنا، وينتقل إلى فكرة الخروج من مكاتبه والمبادرة للتواصل مع الطرف الآخر من خلال النزول الميداني لمواقع العمل ، فرؤية الواقع أصدق أنباءً من المخاطبات الرسمية المرفوعة، ناهيك عن أن التواصل المباشر يعد شكلاً من أشكال الاتصال التي تمكّن المستويات الإدارية العليا من أن تبقى على إحاطة بمواقف التدريسيين والموظفين والمشاكل المتعلقة بالوظائف والرؤى حول المؤسسة بشكل عام. وهي بذلك تتحول الى ستراتيجية أدارية منهجية وقائية فضلا عن كونها الطريقة الأبسط لمعالجة الشكاوى.
بعد ان اصبح الوكيل وزيرا ..لابد من التأكيد على ان ادارة الباب المفتوح هي مسؤولية والتزام يتعهد بها قائد المؤسسة على نفسه وأمام مؤسسته يضمن من خلالها الحفاظ على سمعة وصورة المؤسسة، ويتطلب منه إيجاد آليات وأنظمة وسياسات داعمة تسانده في تطبيق هذه الممارسات تسمح بتدفق الآراء والأفكار من أهمها أنظمة والمقترحات والشكاوى والتظلمات، واعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الممارسات اليومية بالمؤسسة، وبذلك يمكن الوصول إلى تطبيق خلاق لادارة الباب المفتوح تكون عوائده نافعة على المؤسسة وسمعتها.
اننا اليوم بأمس الحاجة الى تفعيل تلك السياسة في مؤسساتنا العلمية بوصفها سياسة تؤدي الى خلق وترسيخ بيئات عمل علمية تقوم على أساس الــــثقة والاحترام المتبادل وتطوير القدرات العلمية والوظيفية، وهو مانـــــــفتقده اليوم بعد ان نجحت سياسات الباب المغلق في خلق بطانات مقربة من المسؤول الاعلى ساهمت كثيراً في ايجاد بيئة خادمة لمصالحها وطاردة في الوقـــت نفسه للكفاءات العلمية الحقيقية.
مقالات اخرى للكاتب