تزامناً مع تعليق واشنطن لمحادثاتها مع روسيا حول سورية ،عاد من جديد حديث بعض القوى الإقليمية والدولية، عبر تصريحات لبعض القوى في واشنطن والنظام التركي وفرنسا والكيان الصهيوني والنظام السعودي والنظام القطري، والرامية إلى تبييض صورة «جبهة النصرة» المتطرفة، عبر أدواتها الإعلامية والمتزامنة مع إعلان الجبهة انفصالها عن تنظيم القاعدة الدولي قبل ما يزيد على الشهرين، وما صاحبها من حرب إعلامية تسعى إلى تبييض صورة الجبهة المتطرفة، وإظهارها كقوة عسكرية على الأرض السورية، خصوصاً في الشمال السوري، وهنا يقرأ معظم المتابعين أنّ هذه الضجة الإعلامية، هي نقطة البداية لتعويم جبهة النصرة من جديد، هكذا يقرأ معظم المتابعين.
فبعض القوى في واشنطن وتركيا وفرنسا وقطر والسعودية والكيان الصهيوني، تسعى اليوم إلى تبييض صورة جبهة النصرة «فرع تنظيم القاعدة في سورية» من خلال إظهارها كطرف «معتدل» يحمل مشروعاً إسلامياً معتدلاً، و»يمثل» طيفاً من الشعب السوري، وذلك من خلال دمجها كقوة مسيطرة مع ما يسمّى بـ«جيش الفتح»، وجيش الفتح لمن لا يعلم، هو عبارة عن مزيج من منظمات متطرفة الكثير من مقاتليها ليسوا سوريين… «النصرة، أحرار الشام، الجبهة الإسلامية وغيرها»، ولا يضمّ بالمطلق أيّ فصيل مما يسمّى أميركياً «الجيش الحر»، لأنّ جبهة النصرة قبل أشهر عدة قامت بتصفية جميع الحركات المنضوية ضمن صفوف ما يسمى بـ«الجيش الحر» جبهة ثوار سورية، حركة حزم في مناطق إدلب كاملة وبعض مناطق ريف حلب.
اليوم من الواضح أنّ الهدف من وراء محاولة تعويم الجبهة الإرهابية، هو إتاحة الفرصة أمام بعض أجهزة الاستخبارات عسكرياً وأجهزة الإعلام سياسياً وإعلاميا،ً لإعادة تبييض وتعويم جبهة النصرة من جديد وترتيب أوراقها في الداخل السوري وتجميع قواها في الشمال السوري، لإسقاط مفاهيم جديدة على دور الجبهة بسورية، والسعي إلى إعادة إحياء وشرعنة دورها كممثل للمجاميع المتطرفة المسلحة بسورية، ليتمّ لاحقاً جمع جميع هذه القوى وإسقاط مفاهيم الاعتدال عليها، وهذا ما أكدته أحاديث المسؤولين الأميركيين وغيرهم أخيراً.
اليوم، من الواضح أنّ مسعى بعض الدول أميركا وتركيا وفرنسا وقطر والكيان الصهيوني والسعودية لإعادة تعويم جبهة النصرة من جديد، قد نجح مرحلياً في بعض المناطق في شمال سورية وبعض مناطق جنوبها، وهذا النجاح لا تسقط مفاهيمه بمعظم مناطق جنوب ووسط سورية.
وعند الحديث عن الجنوب السوري، فهذه الجبهة شهدت بفترات ماضية معارك كبرى، خصوصاً في مدن تتصل جغرافياً بالعاصمة دمشق وريفها، فهناك في مدينتي درعا والقنيطرة وريفيهما دارت معارك كبرى، ويبدو واضحاً من خلال الحديث عن تصعيد المعارك مستقبلاً في الجنوب السوري، أنه في هذه المرحلة بدت ظاهرة للجميع قوة التحالف بين جبهة النصرة كبرى الفصائل المسلحة بالجنوب السوري والكيان الصهيوني. والصهاينة الذين يديرون ويتحكّمون ويدعمون ويموّلون ويسلحون معارك معظم المجموعات المسلحة، ومن ضمنها جبهة النصرة بالجنوب السوري وخصوصاً بمدينة القنيطرة وريفها، وذلك بدا واضحاً من خلال معارك بلدات حضر وتل كروم والبعث وخان أرنبة بمدينة القنيطرة، فمع تجدّد هذه المعارك بين الحين والآخر يبرز إلى الواجهة عمق التحالف بين النصرة والكيان الصهيوني.
ختاماً، إنّ عملية تعويم جبهة النصرة ترتبط بمجريات معارك واسعة وشاملة تسعى الجبهة وبدعم أميركي تركي – فرنسي- قطري صهيوني سعودي، إلى إنجازها في المراحل المقبلة، مع العلم أنّ هذه المعارك التي تسعى الجبهة لإنجازها لها مجموعة محدّدات ظرفية وزمانية ومكانية، وليس من السهل التنبّؤ بمسار حركتها أو طبيعة وكيفية الحسم فيها، خصوصاً مع سعي جبهة النصرة وتحت غطاء جيش الفتح وبدعم تركي سعودي فرنسي صهيوني أميركي، لفتح معارك واسعة في عموم المنطقة الجنوبية والشمالية والغربية لسورية، والهدف من هذه المعارك كما يتحدثون هو منع أيّ فرصة تسمح باختراق ما ينجزه الجيش العربي السوري، يعطي القيادة السياسية السورية أوراق قوة جديدة، ومن هنا سننتظر مسار المعارك على الأرض خصوصاً في الأسابيع الأربعة المقبلة، لنقرأ مسار المعارك بوضوح بعيداً من التكهّنات، مع تأكيد أنّ الجيش العربي السوري ما زال يمسك بزمام المبادرة بمحيط محافظة إدلب وبداخل مدينة حلب وبعض أريافها، وهو الآن يخوض معارك داخل احياء مدينة حلب الشرقية ، وفي الإطار ذاته، حصّن الجيش العربي السوري خطوط دفاعه في ريف حماة الشمالي والشمالي الغربي وخصوصاً معسكر جورين ومحيطه عسكرياً، خشية أيّ اختراق لما بعد محيط المعسكر الاستراتيجي مستقبلاً، مع الاستمرار بتوجيه ضربات محكمة وبحرفية عالية لتحركات جبهة النصرة بمحافظتي القنيطرة ودرعا وأريافهما جنوب سورية.
مقالات اخرى للكاتب