مازلت أذكر تصريح رئيس الوزراء حيدر العبادي انه "مستعد لأن يدفع حياته ثمنا لإصلاحاته و في مقدمتها محاربة الفساد" لقد بدى متحمساً لابسا قناع الجدية الصارمة. السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يبدأ رئيس الوزراء بنفسه ام هو معفي من المسؤولية؟
لقد قام دولة رئيس الوزراء بتوقيع واقرار عقد عراقنا للهواتف النقالة الذي قاد المفاوضات و التوقيع عليه بنفسه ابان فترة مجلس الحكم في ايلول عام 2003 عندما كان وزيرا للاتصالات و أثبتت محاضر التحقيقات الفدرالية المفرفقة ادناه أن العبادي استلم رشوة مقدارها خمسة ملايين دولار عن توقيع العقد و ارساءه بدون منافسة على شركة أوراسكوم. و هذه هي البداية فقط. فالموضوع لم يقف عند الرشوة بل هو أعمق من ذلك بكثير.
أولاً: ديون شركة أوراسكوم المستحقة للعراق
شركة أوراسكوم مدينة للعراق بمبلغ ملياري دولار. ورغم أن العبادي يتباكي على هدر رواتب نواب رئيس، والبالغة ثلاثة مليار دينار في السنة الكاملة، علما إن النواب تبرعوا برواتبهم. لكن العبادي لم و لن يطالب شركة أوراسكوم بتسديد مبلغ يساوي 2% من ميزانية العراق لعام 2015 ،وما يقارب 3% من ميزانية عام 2016 ! أن مبلغ ملياري دولار يكفي لدفع رواتب و تقاعد كل العراقيين، مسؤولين و غير مسؤولين ! علماً أن الشركة لا تدفع فوائد عن الدين، ربما لأن العبادي يعتبر الفائدة حرام و الرشوة حلال !!
فلو تم أيداع المبلغ في مصرف دولي، لأستحق الشعب العراقي فائدة عن الايداع، و لتم تأمين رواتب العراقيين لعشر سنين متتالية !! فالشركة مدينة بهذا المبلغ منذ عام 2003!!! العبادي لم يكلف نفسه عناء مطالبة الشركة بالسداد. فرواتب العراقيين و تقاعدهم لا تعني شيئا ، للعبادي هي ورقة يستخدمها فقط للاطاحة بمنافسيه، بحجة أن رواتبهم تكلف الدولة. لكن ديون شركة أرواسكوم و التي بلغت مليارات الدولارات لا تكلف الدولة ولا يجدير بالمطالبة بها! منطق غريب!
ومع ذلك فاهو السيد الشمري – و هي وفقة تحتسب له- يطالب بإيقاف العمل بالعقد و الغاءه، فخلال سبع سنوات كانت عائدات العقد للعراق 921 مليون دولار ( أقل من مليار للعراق في سبع سنوات) . بمعنى ميلون و ثلاثمائة الف عن السنة الواحدة. في حين بلغ الحد الأدنى لأرباح هذه الشركة ثلاث مليارات و456 مليون دولار في السنة الواحدة. لتدفع مليون واحد للدولة التي توفر لها 24 مليون مشترك!!!!!! أن موقف الشركة تجاه العراق أكثر من مشين، كمن يدفع فلسا واحد لعامل في حين يربح من مهارة العامل 1000!! على الأقل السيد الشمري حرص على المطالبة بحقوق العراقيين المالية قوتهم و قوت اولادهم.
المليار ألف مليون. فالشركة تجني أكثر من ثلاثة الاف مليون من العراق في السنة و لكنها تدفع للعراق مليون واحد!! ألم يكن من الأفضل اختصار الموضوع و منح العقد للشركة مجانا؟ العراقييون محرومون من رواتبهم و تقاعدهم قوتهم و قوت اولادهم حتى تعتاش شركة دخلية و مشبوهه على حسابهم!!!
انظر الرابط
http://www.alsumaria.tv/news/
ثانيا: استلام رشاوي من تاجر اسلحة زود النظام الصدامي المقبور بالاسلحة الكيمياوية
الموضوع لم ينهي عند حد الرشوة، بل بلغ مستوى أدنى بكثير! نظمي عوشي أو نظمي أوجية، تاجر الأسلحة الذي زود نظام صدام المقبور، بالاسلحة الكيمياوية ، هو أحد أطراف عقود عراقنا و يستلم نسبة 6% من عوائد العقد!!! العبادي لم يجد شخصاً يرتشي معه، سوى تاجر الاسلحة المحظورة، الذي حكم عليه في كل فرنسا و ايطاليا، لتزويده النظام الصدامي المقبور بالاسلحة المحظورة!!! العراقييون يدفعون إجوراً للقاتل الذي قتلهم!! ألم يكن المقبور صدام يطالب من عائلة القتيل، دفع ثمن الرصاص الذي تكلفه قتل أبنهم!! ما فرق تصرف العبادي عن تصرف المقبور صدام ؟ الفرق الوحيد هو أن صدام طالب عائلة القتيل الشهيد صراحة بثمن الرصاص لكن العبادي غشّ الشعب العراقي، و خدعه باسم الديمقراطية و المظلومية و حقوق الانسان! لقد طبّل العبادي، و زمر للعقد، على أنه رمز من رموز حرية التعبير و حقوق الانسان!! و العقد في حقيقته، ينتفع منه تاجر اسلحة، قتل العراقيين في حلبجة و غيرها. قتل الاطفال و النساء و الشيوخ و الشباب ممن اطلق عليهم صدام المقبور الاسلحة الكيمياوية، ليموتوا خنقاً، بعد فقدوا القدرة على التنفس، و تركت جثثهم في العراء! هذا هو نظمي عوشي، الذي صافحه العبادي عند توقيع العقد، بعد أقل من اسبوع على تولي العبادي، منصب وزير الاتصالات في فترة مجلس الحكم!! للتفاصيل أنظر الروابط
http://aliraqtimes.com/ar/print/60245.html
http://www.almadapress.com/ar/news/39457/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A8%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%AE%D8%AF%D9%85
ثالثاً : المتاجرة بصحة العراقيين و تعريضهم لخطر الأصابة بالسرطان
و لم يكتفي العبادي بقوت العراقيين ودماءهم، بل قرر المتاجرة بصحتهم. فأبراج الهاتف النقال تم بناءءها و تاسيسها وسط الاحياء السكنية ،و هي ذات اشعاع عالي، مما يشّكل حظورة على حياة العراقيين، بما فيها الاصابة بمرض السرطان. لقد احتجت وزارة البيئة العراقية و لأكثر من مرة على وجود الابراج بين الاحياء السكنية و طالبت بغلقها، ليقوم رئيس الوزراء الديمقراطي و الاصلاحي بالغاء وزارة البيئة!! العبادي مستعد للقيام باي شيئ في سبيل استمرار سيل الرشاوي! فبعد أن هددت وزارة البيئة بغلق الابراج، و فاتحت مجلس الوزراء، تم غلق وزارة البيئة . أنظر الروابط
http://www.almirbad.com/news/view.aspx?cdate=02022015&id=d8f0d0f6-1536-434d-a487-1599a2de55d1
http://sumer.news/ar/news/5351/%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%AF-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%86%D8%A7--%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%A1-%D9%88%D8%B2%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A6%D8%A9
رابعاً: تخاذل البرلمان العراقي
كل هذه الانتهاكات و البرلمان العراقي لم يقرر لحد هذه اللحظة مناقشة عقود سراقنا، أو سؤال العبادي عنها؟ يبدو البرلمان العراقي في حالة سُكر شديد، أفقدته وعيه لدرجة جعلته يستهين بدماء العراقيين، و تضحياتهم . فالبرلمان يوافق على قيام العراقيين بدفع 6% من فاتورة كل هاتف نقال لنظمي عوشي الذي قتلهم بالكيمياوي ! ما فرق نظمي عوشي عن علي الكيمياوي؟ لا شيئ كلاهما قاتل. ودماء العراقيين تقطر من أيديهما. لكن العبادي يصافح هذه الايدي ليقبض الملايين الملوثة بالدماء! البرلمان يوافق أن يقتل العراقيين بالسرطان – هذا لمن لم يُقتل بالتفجيرات- حتى لا يزعل العبادي و " ياخذ على خاطره". لكن ليمت ملايين العراقيين بالسرطان!! فالبرلمان الحريص على شرع الله لا يجد بأساً في موت العراقيين بالسرطان بل يعتبره يتماشى مع شرع الله تماما كما تتماشى الرشوة مع شرع الله ،حاشى لله، ولكن طبقا لشرع البرلمان العراقي السكران!
خامساً: محاكمة العبادي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية
لقد دعى مجموعة من المحاميين العراقيين لمحاكمة العبادي بتهمة الخيانة العظمى. يبدو لي أن تهمة الخيانة العظمى لا تتناسب مع جرائم العبادي، بل يجب محاكمة العبادي بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية. فالجرائم التي ارتكبها العبادي بحق العراقيين من غصب و هدر اموالهم، و التعاقد مع قاتلهم، و قتل من تبقى منهم بالسرطان، هي جرائم ضد الانسانية. راح ضحيتها الابرياء من الاطفال و النساء و الشيوخ و الشباب. سوف نستمر بالمطالبة بمحاكمة العبادي و سوف نستمر بفضح جرائمه بحق العراقيين الابرياء...فالعين بالعين والسن بالسن! و لنا وقفة.
مقالات اخرى للكاتب