اللاجئون هم أشخاص هربوا من بلدانهم والانتقال بعيدا عن مناطق الخطر بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد لأسباب عرقيه أو دينيه أو انتمائهم إلى فئة اجتماعيه أو آرائهم السياسية – ويشمل الأشخاص الذين يفرون نتيجة اختلال النظام كالنزاعات المسلحة والاضطرابات والإرهاب .
وفي كل يوم يواجه ملايين البشر مخاطر عديدة من خلال الصراعات المسلحة والنزاعات والكوارث الطبيعية في العالم يضطر الإنسان للحفاظ على حياته الهروب منها واللجوء إلى مناطق أو دول أكثر أمانا .
وبعد احتلال العراق انتشرت النزاعات المسلحة ، والعصابات المنظمة ، وتفشت الطائفية ، والقتل على الهوية ، والإرهاب ، عندها هرب الكثير من أبناء وطننا على مدى سنين وحتى اليوم ، ولجئوا إلى دول أمنه ، وتسبب ذلك بخسارة العراق خيرة أبنائه من العلماء والمهندسين والمثقفين وأصحاب شهادات الاختصاص وغيرهم .
وآخرون نزحوا إلى مناطق أكثر أمنا داخل العراق ، بعد إن استبيحت مدنهم من الإغراب تبعها غزو همجي مجرم من قبل ما يسمى داعش الفاقدة لكل القيم الإنسانية ، والنازحون يعانون اشد الظروف قسوة وحرمان وجوع ومرض ومعظمهم في العراء وهكذا تعاظمت عملية النزوح عن سابقاتها لتشكل ظاهرة خطيرة تعاني منها جميع العائلات والشرائح الاجتماعية العراقية حيث تفرقوا وانتشروا في أماكن متعددة ، بالإضافة إلى القلق الدائم عن أهاليهم الذين لا زالوا في المدن التي احتلت من قبل داعش ، وهكذا تشتت النسيج الاجتماعي.
هؤلاء اللاجئون اغلبهم مدنيون يخضعون لحماية القوانين الدولية المعنية ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إذ هي الوكالة الرائدة بحماية اللاجئين والمشردين ، إلى جانب الحماية العامة التي يوفرها القانون الدولي الإنساني للمدنيين وقوانين حقوق الإنسان التي كفلت رعايتهم وضمان حقوقهم.
أما النازحون فأشخاص لم يغادروا أراضي بلدانهم – ويتمتع هؤلاء داخل ،بلدانهم بحماية يجب إن تكفلها لهم أنظمة قانونية متنوعة – أهمها القانون الوطني ، وقانون حقوق الإنسان ، وكذلك القانون الدولي الإنساني لان هناك مدنيون في مناطق نزاع مسلح مؤهلين للحماية .
والمعالجة الإنسانية واضحة من خلال القانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان اذ كلاهما يسعى إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم وان كان ذلك في زاويا مختلفة – فالقانون الإنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح في حين تحمي حقوق الإنسان أو بعضها الفرد في جميع الأوقات في الحرب والسلم على السواء .
لو احترمت القواعد العامة للقانون الإنساني في مواده ( 27) (26) و (29)و(30) من الباب الثالث ، لما حصل النزوح لأنها أوجبت على الدول ضمان كرامة الإنسان وشرفه ، وحقوقه العائلية، وعقائده الدينية ، وحماية الأطفال والنساء بصفة خاصة من الاعتداء على شرفهم، وحماية المدنيين ضد جميع أعمال العنف والتهديد – (( وان حكومة المالكي أكيد لم تحترم هذه القواعد في بلدنا العراق )) فهربت إعداد كبيرة خارج العراق ونزحت إعداد أخرى داخله لضمان حياتهم والعيش بكفاف تحت ظل التسهيلات التي تقدمها الدولة والمنظمات الدولية الإنسانية .
يعلم الجميع أن اللاجئ والمشرد يعيش في هواجس وإحباط .. همه الأول ( تعويض الوطن بالحرية) والنازح همه (تعويض الخوف بالأمان ) ويظل كلاهما في قلق مستمر تحوم حولهما أجواء الذكريات الأولى – ومرتع الصبا والنشأة تحز في قلبه . ينتظر اللاجئ الذي فقد كل ما يملك إن يعود لوطنه وعمله بصورة طوعية بعد سنين الألم والغربة . والنازح الذي فقد أيضا كل شئ يحلم بالعودة إلى بيته ومدينته بعد شقاء وضياع.
مع كل هذه المعانات يفاجئ اللاجئ بقرارات بين حين وأخر تصدر عن دول بصفتها حامية ومضيفه تتضمن إعادته قسرا إلى بلده ، في الوقت الذي لا زال بلده في نزاع مسلح لا امن ولا استقرار ، عليه يجب إن تحترم الدولة المضيفة تعهدها وعدم إعادة اللاجئ قسرا إلى بلده طالما يتعرض للخطر .
هذا هو حال اللاجئ والنازح العراقي هل من سبيل لإنقاذه والزمن يمر والألم يتراكم والموت يلاحقه والتشرد التصق به ؟ هل ينفع تذكير المسئولين العراقيين الجدد إن أبناء جلدتهم من الرجال والنساء ينتشرون في إنحاء العالم مشردين دون عمل ومعظمهم من أصحاب الكفاءات يعانون اشد ظروف الغربة والمرض والعوز بعد سنين عجاف .
والنازحون فلهم الله ، لان إعدادهم فاقت التصور فلم تستطع الحكومة ولا المنظمات الدولية والإنسانية من معالجة أوضاعهم التي زادت سوئا ، وهم وأبنائهم يلاحقهم الموت والمرض والجوع والحرمان والتشرد وبرد الشتاء وهم في العراء ، بالإضافة إلى خسارة أبنائهم نعمة التعليم والمعرفة .
الحكومة والدولة معنية بمعالجة مشكلة المهجرين والنازحين وانتشالهم بدون منة وباهتمام لان أهمية هذا الأمر تتزامن مع أهمية تحرير الأرض من دنس الغزاة إن كانوا من عصابات داعش أو غيرها ؟ وان أي إهمال وتسويف يعد خرقا لحقوق الإنسان وكرامته .وعدم الاعتماد على الجهد الخارجي البائس ، والذي يتعامل مع الإحداث في العالم كل حسب منفعته ومفهومه السياسي .لو نشأ هذا العدد من اللاجئين والنازحين كما هو ألان في العراق - في بلد أخر (؟ ) لعلمنا عمق التمايز حتى في حياة البشر ؟!
وفي الختام نقول إن العالم الذي ينعم بالسلام ، هو العالم الذي يشعر فيه الناس بالأمن والأمان في بيوتهم ومجتمعاته .
مقالات اخرى للكاتب