ليس برلمانيا ولا وزيرا ولا تاجر , شاب غير معروف قادتني الصدفة الى معرفة هذا الشاب الذي وكما يبدو من بكاءه انه طال حبسه لتلك الدموع وهو الان يطلقها بحرية ....
يبدو انها تبقى البقرة الحلوب كما يحلو لكثيرين تسميتها , بعظهم متهكما والاخر متألما , ولم يجني البصريون شيئا من الالم ولا التهكم الا المعاناة والعوز والحرمان .
كل ما في البصرة هو للعراق ولعله تجاوز العراق ليغطي نفقات دول وشعوب اخرى , وليست الاردن الاخيرة التي شملتها رعاية الرؤساء ومكرماتهم السخية بنفط البصرة ...!!
يفرح شبابها بفرصة عمل متواضعة او وضيعة احيانا ..
هي المحافظة التي عجزت عن انجاب وزيرا او سفيرا او ملحقا او وكيلا او قائدا او عضوا في محكمة او هيئة نزاهة او مفوضية .... وكأن ناسها خُلقوا ليحرسوا نساء الرؤساء وابناءهم !!
لم تنل حصتها من القسمة الطائفية , ولم تشملها المناطقية بداعي الوحدة الوطنية !!
حيدر البوبصيري شاب مواليد 1990 اصبح المعيل الوحيد لعائلته بعد ان قدمت شهيدين في طريق العراق الجديد على يد الارهاب ضمن شهداء الحرس الوطني .. شاب يتألم لدموع امه واخواته اللواتي فقدن اخوين شابين , لم يكن بمقدوره سوى حبس دموعه رغم احتراق مقلتيه بحرارة تلك الدموع المحروقة بجمر الفؤاد .. يبحث عن عمل فالعائلة ليس بمقدورها الاستمرار بالحياة وسط دنيا الموديلات الجديدة , وجد نفسه في المدينة الرياضية يقدم ملفات التعيين الواحد تلو الاخر ودون نتيجة سوى الوعود الكاذبة التي حقيقتها (طريقة طرد مهذبة ) , وبعد ان يأس ذهب الى المدينة وهو يحمل هموما اثقل من احجارها , ارتفع صوته مطالبا بفرصة العمل التي هي حق طبيعي له , كان جواب المسؤولين هناك بليغا جدا عندما اتصلوا بالشرطة التي بدورها اعتقلته بتهم عديدة احدها تهمة التهجم على المسؤولين .......
اعتقل حيدر , دموعه تكشف حجم لوعته .. كأنه وجد في السجن مكانا مريحا للبكاء على الاحبة الذين لم يقي حقهم من دموعه , وعلى محنة الام الثكلى والاخوات الفاقدات ...
المدينة الرياضية التي استوعبت ثلاثة الاف عامل هندي عجزت عن احتواء حيدر ؟؟ كم نحن غرباء في اوطاننا !! عشنا وسنموت هكذا .
هل ستُعيد تلك المدينة ما فات من حياة لهذا الشاب ؟؟ وهل ستمحي اوجاعه ؟؟ ام ستمسح دموعه ؟
ان دمعة واحدة من دموع هذا الشاب تساوي مدن رياضية كثيرة , بل تساوي دنيا بحالها ...
البصرة تعطي كل شيء ويعز عليها ان تعيل احد ابناءها الذين رماهم القدر على قارعة الطريق باحثا عن ما يعيل به عائلة مفجوعة .... ان امثال هذا الشاب في دول العالم او حتى في بعض محافظات العراق يتمتعون بأفضل الامتيازات ويعيشون ارقى حياة مليئة بالسعادة واللهو واللعب ..
ان معاناة حيدر يعيشها الالاف في مدينة النخيل المبتلات بخيراتها بخيرها والمعاقبة بنفطها .
هل ستمحى دموع هؤلاء الالاف ؟ احجية علينا ان نحل رموزها بمطالباتنا وتساؤلاتنا للمسؤولين , اين ضيعتم ملف العاصمة الاقتصادية يا نواب و يا حكومة ؟؟ الا تستحق البصرة ان تكون عاصمة اقتصادية ؟؟ ليس سؤالا عاطفيا , بل وفق طبيعة المحافظة ووضعها الاقتصادي ومنافذها البحرية تستحق اكثر من ذلك .
واخيرا .. كان هناك صوتا مدافعا عن حقوق البصرة , وبالفترة الاخيرة أُسكت هذا الصوت بأن اعطوه هيئة مستشارين احدى الرئاسات !!!!
اقرأ ايضاً