تقسيم الاتحاد السوفيتي إلى جمهوريات مستقلة عام 1991 دون سابق إنذار بسبب "ميخائيل سيرغيفيتش غورباتشوف" وهو آخر رئيس للاتحاد السوفيتي آن ذاك، يذكرنا بالدكتور "حيدر العبادي" الذي تسلم رئاسة الحكم بالعراق في النصف الأخير من عام 2014 حيث لم يلتمس منه الشعب العراقي والمتابعون للشأن العراقي سوى الوعود وبيع الكلام، يحدث هذا أثناء حاجة العراق الماسة إلى قائد شجاع يقف بوجه الأزمة الداخلية للبلد، وبوجه المخططات الدولية الساعية لتقسيم العراق إلى ثلاثة مكونات.
وهذا ما ينذر بأنه كما قاد غورباتشوف مهمة تفكيك الاتحاد السوفيتي، فالعبادي يقود مهمة تفكيك العراق من حيث يعلم أو لا يعلم، كما عمل غورباتشوف الذي انتهى بعهده الوجود القانوني لدولة اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية وحل محلها رابطة الدول المستقلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
يا ترى هل يعلم العبادي شيئا عن خارطة الشرق الأوسط الجديد التي ستفرض نفسها بلغة الدم مثلما وصفها الزعيم الكردي مسعود البارزاني ويتردد العبادي من مصارحة العراقيين بها؟
وأنه سيكون آخر رئيس وزراء للعراق الموحد وفي فترة حكمه ستولد ثلاث دول داخل دولة واحدة؟!
الدولة الأولى: "كردية" ستكون دولة منشغلة بداية إعلانها بصراع الأحزاب العائلية والمدنية ولكن يرجح أن تكون مستقرة ومزدهرة، كون الأكراد أصحاب تجربة سابقة "بالحكم الذاتي" ولديهم القدرة على حل الخلافات مهما يكلفهم الأمر دون تفاقمها ووصولها إلى الشارع، ولا توجد أزمة ثقة بين الأكراد على من يتسلم حكم الدولة الكردية، لأن من سيسعى بولادة الحلم الكردي بلا شك هو الذي سيحكم كونه حقق الحلم المنشود منذ سنين عجاف، والمعروف عن الشعب الكردي أنه يحب الشخص المخلص لقضيته.
الدولة الثانية: "سنية" ستكون دولة صراع عشائري بداية إعلانها بسبب من سيحكم من، والحكم سيكون بيد من يكسب ود العشائر ويجمعهم تحت سقف واحد ولن يستطيع أحد جمع السنة تحت موقف واحد، إلا إذا أشركهم فعليًّا بالقرارات السياسية والاقتصادية، والمعروف عن المكون السني العراقي أنه يحب الشخص القوي وليس المتسلط.
الدولة الثالثة: "شيعية" ستكون دولة صراع "ديني - مدني - عائلي" وغير مزدهرة بالرغم من طوفانها على بحرٍ من النفط بسبب الولاءات المتعددة، وستكون هناك أزمة ثقة كبيرة بين المكون الشيعي وبين من سيحكم الدولة الشيعية بسبب النموذج الذي قدمه السياسيين الشيعة في حكم العراق الواحد طيلة "ثلاثة عشر" عاماً ولم يتحسن شيء بل من سيئ إلى أسوأ والمعروف عن المكون الشيعي العراقي أنه لا يحب الشخص الدكتاتوري عكس من يمثلهم وهذا ما سيعانون منه طويلاً.
التاريخ كتب في بعض صفحاته أن غورباتشوف كان نزيهاً محاولاً الإصلاح بصدق رغم عمالته لأميركا التي اختلف التاريخ على إثباتها كثيرا، لكنه لم يكن يوماً مثل الذين حكموا العراق بعد أن أطاحت أميركا بنظام صدام حسين وهم عبارة عن آلهة للفساد وتقصدوا سرقة ثروات الشعب وإذلال الوطن.
فالاتحاد السوفيتي تفكك بشكل سلمي وانتهى كل شيء وغادر غورباتشوف مبنى الكرملين تحت جنح الظلام، وتم إنزال علم الاتحاد السوفيتي من فوق مبنى الكرملين بكل هدوء يا ترى هل فكر العبادي كيف سيغادر وماذا سيكتب التاريخ عن تجربة نموذج الحكم الديمقراطي في العراق؟! وهل سيتم إنزال العلم العراقي الشامخ بهدوء ليحل محله ثلاثة أعلام متفرقة؟! أم أن حال العراق سيطبق عليه نموذج يوغسلافيا ولا يخفى على أحد ما حصل بعد تفكك يوغسلافيا!
باختصار شديد انظروا ما يحل بالشعوب الصغيرة المنفصلة في أوروبا وما هي قيمة أي منها عندما تهب العواصف الشديدة.
مقالات اخرى للكاتب