حتى مخاطر فيروس (جنون البقر) لن تصل إلى عشر معشار مخاطر فيروس (جنون قطر), فقد جن جنون هذه الجزيرة الصغيرة, التي لم تظهر إلى الوجود إلا عام 1971 بعد انفصالها من البحرين, لكنها عادت ثانية عام 1986 وهي في سن المراهقة لتتمرد على البحرين باختلاق أزمة الجزر, فبدت عليها علامات الإصابة بفيروس التمرد منذ اليوم الذي ولدت فيه على يد الشيخ (أحمد بن علي آل ثاني), فكان المتمرد نفسه أول ضحايا التمرد, حين تمرد عليه ابن عمه الشيخ (خليفة بن حمد آل ثاني). . ولم يسلم المتمرد الثاني من (آل ثاني), فكان هو الضحية الثانية لفيروس (جنون قطر) حين تمرد عليه ابنه الشيخ (حمد بن خليفة) عام 1995 بانقلاب قاده الابن على أبيه, وهكذا توارثت قطر فيروسات الخطر, فظهرت عليها أعراضها بأبشع صورها التعبوية والتآمرية والإعلامية, وكان من الطبيعي أن تواصل تمردها على كل الأنظمة العربية والإسلامية, من خلال قنواتها الفضائية, التي جندتها في بداية الأمر لتأجيج الخلافات والفتن ضد الأقطار الخليجية القريبة منها, ثم نقلت عدوى الإصابة بهذا الفيروس إلى الوطن العربي كله, فتخصصت بإثارة المشاكل والأزمات, لتنتقل بعد تلك المرحلة إلى الأقطار الإسلامية البعيدة عنها. تارة توفر الدعم المطلق للجيوب والأوكار العابثة, وتارة تقدم الهبات المالية (رشاوى) للأطراف المثيرة للقلق, وتارة أخرى تتحالف من أحزاب وتنظيمات بعينها في محاولة لتغيير ملامح المشهد العربي برمته, ولم يعد يشغلها شيء سوى اختلاق المشاكل وافتعال الفتن والأزمات, وهذا هو ديدنها وشغلها الشاغل. . الفيروسات تقتحم الكويت تسللت فيروسات (خطر قطر) إلى المجتمع الكويتي عبر ثلاث خلايا مؤلفة من (21) شخصا, تحددت واجباتهم بضرب الاستقرار, وإشعال الاضطرابات, وإثارة القلاقل, فشكلت فيها لجنة للتحقيق في الإيداعات الداخلية والخارجية لمسيلمة الكذاب على خلفية ما نشر في الصحف المحلية عن تسلمه مبلغ (200) مليون ريال قطري من حكومة الدوحة يوم 1/6/2011 اما لتغطية نفقات الأزمات المخطط لها, أو لشراء الولاءات والذمم, وحفظوا ملف التحقيق في أرشيف الفضائح الكبرى التي شهدتها البلاد منذ ولادتها وحتى يومنا هذا. . الخطر في مصر ثم تقافزت فيروسات الخطر القطري بشكل جلي في البيئة المصرية المصابة بهوس الأزمات, فأصدرت منظمة العدل والتنمية لحقوق الإنسان بيانها, الذي استنكرت فيه اللقاءات السرية, التي جمعت مرشد الإخوان بحامل الوباء, وأبدت استنكارها أيضا على زياراته المكوكية مع أسراب الخفافيش العائدة إلى الدوحة, الأمر الذي وضع علاقات الإخوان بقطر في موضع الشك والريبة. . وأدانت أكثر من منظمة مصرية التدخل (الخطري) في الشأن المصري, وحذرت من المخططات التخريبية الخبيثة التي اشتركت فيها حكومة الدوحة. . مع الغزاة في بنغازي ظهرت فيروسات قطر مع نعيب بوم الناتو في الوخزات الأولى لبزوغ فجر الأوديسا خلف قطعان الغزاة الذين التفوا حول بنغازي, بيد أن الملفت للانتباه إن جيوش الناتو انسحبت كلها, وحزمت حقائبها, فغادرت الأرض الليبية, وعادت إلى ديارها بعد انتهاء مهمتها الحربية, وتركت وراءها الفيروسات القطرية تبحث عن ضالتها بين القبائل المتناحرة, فكان التمزيق والتفكيك في مقدمة أولوياتها التخريبية, لكنها اكتشفت في نهاية المطاف إن الجسد الليبي محصن تماماً ضد الفيروسات المراهقة, التي لا علم لها بتماسك النسيج الليبي في مواجهة الأخطار المحدقة به, ففشلت أموال الدوحة بإغراء رؤساء القبائل في الانخراط في سلك العمالة للغرب. . وهكذا تحطمت آمال دولة قطر, التي لا تزيد مساحتها على مساحة أصغر قرية ليبية من قراها المبعثرة على سواحل المتوسط, ولم تعد لأموالها أي قيمة عند أحفاد عمر المختار. . الأمازيغ يكافحون فيروسات دولة (خطر) أعلن الأمازيغ الأحرار في بيان نشروه في الجزائر, ووجهوه إلى حكومة (خطر), أكدوا فيه على وحدة الصف الجزائري في التصدي لموجة الفيروسات التآمرية اللئيمة, ولم يتحملوا الدوخة التي سببتها لهم الدوحة بدعمها المالي لبعض أطراف المعارضة الجزائرية, ومساومتها حكومتهم على سياستها الخارجية, ووساطة الدوحة غير المرحب بها بين الجزائريين والليبيين, وعروضها الاستثمارية, التي أقل ما يقال عنها: (جعجعة ولا طحين). . وتضمن البيان رفضا قاطعا للخدمات القطرية المريبة المعروضة عليهم سراً وجهراً, وحذر البيان من محاولات تمرير الأجندات الامبريالية, التي سخرت الدوحة نفسها لتمريرها تحت مسميات العدالة والحرية, التي يفتقر إليها المواطن القطري على أرضه وقواعده, التي صارت وكراً للفيالق العسكرية الأجنبية. . الانتشار على نطاق واسع صارت المنظمات الإرهابية هي الوسط المثالي لنقل فيروسات التآمر إلى العواصم العربية الأخرى ابتداءً بسوريا وانتهاءً بالمغرب العربي, ومروراً بالعراق واليمن والأردن والسودان ولم تسلم منها حتى البلدان الفقيرة في أفريقيا الوسطى. . ولم يعد هنالك ما يخفي تدخل قطر السافر في الشأن السوري, خصوصا بعدما وصل الأمر إلى المجاهرة العلنية, والتباهي بالتنسيق المباشر مع البيت الأبيض لرفع وتيرة الاقتتال إلى أقصى درجات العنف والتطرف. . المثير للدهشة ان الخارجية القطرية باتت تتحدث معنا بصيغة (نحن), وتكررت هذه المفردة الاستعلائية في أكثر من لقاء, من مثل قولها: ((نحن لن نعطي المزيد من المهل لدمشق)), من دون أن توضح لنا ما المقصود بمفردة (نحن), أهي الصفة المحلية, أم العربية, أم العالمية ؟, وهل صارت الدوحة هي المتحدث الرسمي باسم الجامعة العربية ؟, أم باسم مجلس الأمن الدولي ؟, لا احد يدري حتى الآن, بيد أن الثابت لدينا أن قطر صارت تتصرف وكأنها من الدول العظمى, التي لا تنتمي إلى البلدان العربية, فهي وعلى الرغم من صغرها وضئالتها, وعلى الرغم من عدم اكتمال نموها ضمن منظومة دول مجلس التعاون الخليجي, تقف الآن في الصف الأمامي مع روسيا والصين واليابان. . في اليمن مثلا, أبدت التيارات السياسية تذمرها من الدور الخبيث الذي تلعبه الفيروسات القطرية, وفي العراق تصاعدت الأصوات المنددة بالدور القطري المتورط مع القوى الخارجية المعادية لبغداد, وفي عمان رفضت الحكومة الأردنية ان تتحول أرضها إلى محطة لإيواء المرتزقة الذين تبعثهم قطر من وقت لآخر للتسلل من أراضيها إلى بعض البلدان العربية المجاورة لها. . وفي باريس ندد زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي (هارلم ديزير) بوجود نوع من التعاون والتنسيق القطري مع المجاميع الإرهابية التي كانت تحتل شمال (مالي), وطالب قطر بتقديم إيضاح سياسي إزاء هذا الموضوع. . وقال رئيس الحكومة القطرية بهذا الصدد: (نحن نتمنى أن يتم حل مشاكل مالي عن طريق الحوار السياسي). ألم أقل لكم إن قطر صارت من الدول العظمى التي ينبغي أن نحسب لها ألف حساب. . ختاما نقول: لقد تشوهت سمعتها وتذبذبت مواقفها باعتبارها الشريك الأمريكي غير المرحب به في الأوساط الشعبية العربية, الأمر الذي اضطرها للبحث عن مكانة جديدة لها في الأوساط الأمريكية والأوربية والإسرائيلية, فظهر هذا التوجه من خلال إيوائها الجامعات الغربية ومراكزها البحثية, بما في ذلك جامعة (جورج تاون), ومعهد (بروكينجز), وسيأتي اليوم الذي تجد فيه نفسها في عزلة تامة, خارج الأوساط العربية النقية المشفرة ضد العملاء والجواسيس والخونة. . . وهي اليوم مرشحة للسقوط والانزلاق نحو الهاوية أكثر من أي وقتٍ مضى, ومن المرجح انها ستهوى من شاهق متأثرة بتعجيل الجاذبية الأرضية الحتمية, التي ستعيدها إلى الدوحة, وتضعها في حدود حجمها الطبيعي, ولله در سيد البُلغاء عندما قال: اذكر مقالاً محكماً من قاله حقاً برعْ لا يحصد الإنسان إلا مثلما كان زرعْ ما طار طيرٌ وأرتفع إلا كما طارَ وقعْ.
مقالات اخرى للكاتب