قيلَ إن عملية تحرير تكريت أخذت طابعها "الثأري" أكثر مما هي عملية "تحرير" للأرض العراقية التي اغتصبها داعش وهذا ما لمسناه – للأسف الشديد- من خلال الإعلام الذي رافق تحضيرات الحرب واجتهد الآخرون في تعداد الأسماء التي أطلقت على العملية لكن كلمة "الثأر" تكررت بطريقة متساوية تقريبا لعملية التحرير برغم إننا نتفق على أهمية "الثأر" لشهداء قاعدة سبايكر من داعش.
أعجبني توجيه الدكتور حيدر العبادي القائد العام للقوات المسلحة وهو يأذن للقوات المسلحة ببدء عمليات تحرير تكريت أن يتجنبوا الخلط بين منتسبي داعش والمدنيين الأبرياء وان يتجنبوا حصول مجزرة جديدة يذهب ضحيتها الأبرياء من المدنيين واعتقد كان توجيه العبادي ضروريا جدا لبعض العناصر المشاركة في العمليات والتي تغلبت فيها عاطفة الحماس الطائفي على عاطفة الروح الوطنية العراقية والتي نحن في أمس الحاجة إليها في العمليات العسكرية لا سيما وان عناصر التنفيذ فيها لا تقتصر على منتسبي الجيش والقوات المسلحة بل تشارك فيها أعداد كبيرة من المتطوعين في الحشد الشعبي.
كنا نتأمل أن تقتصر عملية تحرير المدن الخاضعة لسيطرة داعش على طرد العناصر المحتلة والغريبة وتسليم المدن المحتلة لأهلها الذين شاركت عشائرهم مع الجيش وقوات الحشد الشعبي في عملية التحرير وان لا تتكرر نتائج عملية "جرف الصخر" وبعض المناطق التي حررت في ديالى وبسببها منع أهالي تلك المناطق من العودة إلى بيوتهم بحجج وذرائع "أمنية"!
بالفعل كانت تحضيرات تحرير تكريت مشجعة وكان لمساهمة أعداد كبيرة وهائلة من الشباب العراقي المتطوع للقتال من أهالي صلاح الدين وبعض الضباط من منتسبي الجيش السابق مع قوات الحشد الشعبي ظاهرة إيجابية ملفتة للنظر، كما أن شن الحرب وبدء الصفحات القتالية كانت رسالة "عراقية" نقية للآخرين تعني ان العراقيين لا يحتاجون أن يقاتل الآخرون بالنيابة عن أهل العراق وان العراقيين أولى من غيرهم في القتال لتحرير البلدات التي احتلها داعش.
لا أخفي عن القراء ان عددا كبيرا من المواطنين صارحوني عبر وسائل مختلفة أنهم وضعوا أيديهم على قلوبهم عند بدء عملية تحرير تكريت، إذ خشوا أن تصاحب هذه العملية إجراءات انتقامية ضد المدنيين أو ما تبقى من سكان تكريت وقصباتها نتيجة الاحباطات الكبيرة والاتهامات التي قامت ولم تقعد بعد مأساة شهداء سبايكر وقال هؤلاء إنهم اطمأنوا من توجيهات رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة للقوات الأمنية والحشد الشعبي بالابتعاد عن العمليات الثأرية ومنع وقوع مجازر والخلط بين القتلة من داعش والمدنيين.
كانت عملية تحرير تكريت البداية الحقيقية لعمليات جديدة للقوات العراقية لتحرير الأنبار والموصل فيما بعد واستعادة الثقة بالنفس وعدم تكرار مهزلة تسليم الموصل من دون أي قتال أو تكرار نسخة "البغدادي"!
من المعلوم للجميع ان داعش يستخدم أسلوب العصابات ومنها الكر والفر ويتجنب خوض حرب مباشرة ومواجهة مباشرة مع القوات النظامية لأنه يفقد التوازن فيهرب داعش ضمن مناورة وخدعة معروفة كررها مع القوات المسلحة في البغدادي وحديثة وغيرها!
نعتقد ان عملية تحرير تكريت ستتمخض عنها نتائج ايجابية جدا لصالح وحدة العراق ومحاولة ممتازة لاستعادة الهوية الوطنية للعراقيين الذين أضاعوها لزمن في خضم المهاترات الطائفية المقيتة!
مقالات اخرى للكاتب