العراق تايمز: فراس الكرباسي
حذر الشيخ عادل الساعدي امام وخطيب جامع الرحمن ببغداد والتابع للمرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي، من خطورة انقلاب المجتمع العراقي في اربعة جوانب وهي العقائدية والسياسية والفقهية والاخلاقية، معتبراً بلاء داعش من أعظم المحن التي ابتليت بها الأمة العراقية اليوم بسبب تخاذلها عن نصرة القانون الجعفري وحصول الانقلاب الفقهي في المجتمع.
وقال الشيخ عادل الساعدي في خطبته بجامع الرحمن بالمنصور في بغداد ان "من أهم ما تصاب به الأمم هو النكوص عن المسيرة والانقلاب على الأعقاب بعد غياب القائد المصلح وظهور الجماعات النفعية التي تتصيد المواقف لتحقيق ذواتها ولو بحرف مسيرة الأمة كاملة وهذه سنة قد خلت في الذين خلوا من قبل أمة محمد وقد حذر القرآن هذه الأمة أن تسير بسيرة من قبلها وقال تعالى (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ) وفيها إشارة إلى سيرة بني إسرائيل التي انقلبت على الأعقاب ونكصت بعد غياب نبي الله موسى".
واضاف ان "ما نَبَّأ به القرآن واستشرافه النبي محمد لمستقبل هذه الأمة قد حصل فقد نكصت عن وعدها وأول أمرها خيانة عهدها والأمانة التي استودعها رسول الله وانقلبت على الشرعية بكل مجالاتها غير أن ابنته فاطمة الزهراء لم تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى أن الدين بكل مفاهيمه وقيمه في خطر على يد الإنقلابيين رغم أن الانقلاب لم يكن يستهدف مجالا معين بذاته بل شمل عدة نواحٍ من حياة المسلمين".
وتابع الساعدي "من هذه الانقلابات التي مرت على المسلمين سابقاً وحالياً هو الانقلاب العقائدي بسبب العقائد الهشة فمجرد أن يزول القائد الديني نبياً كان أو إماما أو مرجعاً عن الساحة تنقلب الأمة عن عقيدتها وتهتز جميع الثوابت التي عاش عليها ولعل المطلع على الساحة الدينية بعد غياب السيد الشهيد الصدر الأول والثاني خير شاهد ودليل".
واشار الساعدي " كذلك هناك الانقلاب السياسي سعت الأمة إلى تغيير البناء السياسي الرصين والجهاز الإداري المتين القائم على أسس ربانية وأحكامٍ إلهية في اخيار الرئيس وسياسة الإنصاف والعدل في الأمة إلى سياسة بشرية ناقصة تقوم على أساس الأحكام الجاهلية والتمييز العنصري والطبقي وتمزيق الوحدة الاجتماعية وتكون السلطة هدف وغاية لا وسيلة لتحقيق العدل والاختيار السياسي لا يقوم على أساس العدالة والكفاءة، بل على مسبقات وخلفيات منحطة ترفع الذليل وتذل الرفيع حتى لا يستقيم أمر الأمة.
واضاف " لقد قال المرجع الديني الشيخ اليعقوبي أثناء لقاءه مع بعض شباب حركة الحوثيين إن الذي يتدبر في سيرة أهل البيت وكيفية تعاطيهم مع السلطة والأحداث السياسية عموماً، يجد أنهم ينظرون إلى السلطة على أنها وسيلة وليست غاية كما يفهمها المتصارعون على الدنيا ووسيلة لإحقاق الحق وإزهاق الباطل وتحرير الإنسان وبسط العدل بين الناس، مشيراً إلى أن السلطة إذا خلت من تلك الأغراض فلا قيمة لها، وهي وبال على صاحبها".
وبين الساعدي إن " الانقلاب على الشرعية العقائدية والسياسية القائم على أساس الدين حتما ستتبعها تغييرات في القانون الحاكم للبلد حتى لا يتناقض القانون مع الرؤية العقائدية الجديدة والنظم الدستورية الباطلة البديلة عن النظم الإلهية لذلك سعت تلك الجماعة الانقلابية إلى تغيير قانون الأحوال الشخصية وكثير من قوانين القضاء والمحاكم الشرعية التي لا تستقيم مع منظومتها الجديدة بادعاءات واهية تارة باسم الدين وأخرى باسم القانون الاجتماعي العام الموروث عن الجاهلية وإن تغيير الأحكام والقوانين لا يعني منع شخص معينٍ عن حقه ، بل تغييرُ منظومة اجتماعية كاملة مما يستدعي انهدام النظم العامة وضياع حقوق الناس ويكونوا عرضة للبلاء من قبل الله تبارك وتعالى بسبب إعراضهم عن أحكام الله".
وشدد الساعدي إن " من أعظم سيئات الإنسان هو إعراضه عن الشريعة مما يكون سببا في وقوعهم في الفتن والمصائب والبلاءات لهذا لفت مرجع الأمة وقائدها الشيخ اليعقوبي عند عدم إقرار قانون الأحوال الشخصية والقضاء الجعفريين الى ان الدرس الذي تعلمناه في الفترة الماضية هو ان نصرة شريعة الله والاصرار على تطبيق احكامه تسهم بدفع البلاء عنا كما فعلت الثلة القليلة التي وقفت مناصرة للقانون الجعفري ولو كانت النصرة لمشاريع الله عامة وواسعة من المجتمع لكنا بخير كثير ليس فقط في دفع البلاء وانما ستكون سببا في نزول البركات علينا".
وكشف الساعدي بانه " لعل بلاء داعش من أعظم المحن التي ابتليت بها الأمة العراقية اليوم بسبب تخاذلها عن نصرة القانون الجعفري ولولا أن منَّ الله علينا برحمته وفصائل الحشد الشعبي مع القوات الأمنية التي تقاتل اليوم في المناطق الملتهبة لكنا اليوم في حال أسوأ مما كنا عليه قبل عام 2003 فحيا الله الشباب العقائدي الذي ضحى بروحه من أجل أن يحفظ كرامة العراق والمشاعر المقدسة وأعرض الناس ونسأل الله أن يمّنَّ عليهم بنصر منه وفتح قريب".
وبخصوص الانقلاب الأخلاقي، بين الساعدي ان" تبدل المنظومة القيمية لدى الأمة ومن المعلوم إن أي شرخ أو تهاون في العقيدة وتنازلٍ عن شريعة الله بالضرورة ينتجُ إنهياراً في المنظومة القيمية والأخلاقية لدى الفرد والمجتمع وهذا الانهيار يحصل دائما حينما لم تولِّ الأمة أمرها من لا يستحق وخصوصا الطبقتين الدينية والسياسية إذا كانتا دون مستوى المطلوب ولا يؤديان دوريهما تنهار المنظومة الأخلاقية وهذا ما يراه مرجع الأمة الشيخ محمد اليعقوبي حيث قال أن أسوأ ما ينتجه حكم الطواغيت والمتجبرين هو تحطيم الإنسان وسحق كرامته وتدمير القيم الصالحة في المجتمع"، مبيناً أن "التغيير في السلطة لا بد أن يستهدف إعادة كرامة الإنسان وبناء المجتمع الصالح والحكم العادل ليشعر الناس بالتغيير فعلاً وأن الظلم قد زال وحلّ العدلُ محلّه، أما مجرد تغيير الظالم والاتيان بآخر فلا قيمة له".
وختم الساعدي خطبته بالقول " كل هذه الانقلابات وقفت بوجهها الزهراء متحدية كل الصعاب موطنة نفسها على كل أذى سيقابلها به الإنقلابيون على الشريعة وقد دفعت نفسها ثمنا للدفاع عن الحق فعلينا أن نستلهم من الزهراء دروساً رسالية في الحفاظ على الشريعة وإحقاق الحق وأن لا نألوا جهدا ولا نتهاون في الدفاع عن الشريعة وحقوق الأمة ولو كان ثمنه أغلى ما نملك".