الحكومة شارفت ولايتها على الانتهاء ولم يتبقى من عمرها إلا اقل من عام واحد, ومازال ائتلاف دولة القانون حائرا في شكل الحكومة وكيف تكون لإتمام ولايتها, هل هي حكومة الشراكة التي وضعت السيد المالكي في سدة الحكم وفق اتفاقات (اربيل), أم حكومة الأغلبية التي من المحال أن تتحقق في ظل الخلافات الجمة بين دولة القانون وبين شركائه في العملية السياسية؟ في حملته الدعائية لانتخابات مجالس المحافظات كرر رئيس الوزراء من محافظة كربلاء أمس دعوته مجددا لتشكيل حكومة الأغلبية, الذي وجد فيها إنها الوسيلة الوحيدة للخروج من مأزق المحاصصة الطائفية وان حكومته مع المصالحة وبناء الدولة على أساس القانون والمساواة , فيما اقر أن المرحلة الماضية كانت مرحلة تعطيل وان المرحلة المقبلة لابد أن تستند على الاستقرار السياسي, وقد نجد إن من الحماقة تصديق إن الحكومة مع المصالحة وبناء الدولة على أسس قانونية بعد يومين فقط من إسقاط القضاء ل(45) تهمة عن النائب السابق (مشعان الجبوري) بعد مساومات سماسرة دولة القانون معه وإعادته كحليف قوي لائتلاف دولة القانون, ومع إقرار السيد (المالكي) إن المرحلة الماضية كانت مرحلة تعطيل فانه لن يقر بدوره كفاعل رئيس في عملية التعطيل هذه, وكم من المذكرات التي رفعها لمجلس النواب لتعطيل إقرار الكثير من القرارات وأخرى عطلت عن عمد لعدم رغبة الحكومة في تنفيذها, واستخدامه المحكمة الاتحادية في نقض الكثير من قرارات مجلس النواب ولعل من أسواها تجريد السلطة التشريعية من سلطاتها في تشريع القوانين, ولعل تساؤله من (كربلاء) بالأمس "لماذا لا تشرع قوانين تجريم حزب البعث" في إشارة إلى مجلس النواب, تفصح عن هذا التناقض في تجريد مجلس النواب من صلاحياته تارة وإعادتها إليه تارة أخرى, وتجلت أيضا مع اندلاع تظاهرات المحافظات الغربية واشار صراحة الى ان مسؤولية تشريع القوانين من اختصاص مجلس النواب وما على الحكومة سوى التنفيذ ! وعن شكل الحكومة الحالي وإلقاء تبعات الفشل على كونها حكومة محاصصة, فهو ذر الرماد في العيون رغم ما يمثله شكل الحكومة الحالي من خلل في البناء الديمقراطي للدولة, وحرف الانظار عن مكامن الخلل الحقيقية والتي تتمثل بطريقة استقطاب السيد (المالكي) لحلفائه التي لا تكون باتفاق الرؤى على الأهداف والبرامج الهادفة لبناء الدولة, وانما يكون على اساس مقايضة الولاء بالامتيازات, وهذا ما يشجع على استقطاب الفاسدين ومتقلبي المواقف, فليس خافيا على اللبيب ان من افسد الفاسدين في هرم الدولة القيادي هم من ائتلاف دولة القانون والمتحالفين معه والمنشقين عن كتلهم الحقيقية, اضافة الى ان السيد (المالكي) لا يعاني من خلل في اقرار القرارات في مجلس الوزراء, فقرارات المجلس تصدر في الغالب بالاجماع دون معارضة على ضوء الاتفاق الذي ابرمه مع فرقاء العملية السياسية أثناء تشكيل الحكومة وفق مبدا " من يشترك في الحكومة لا يعترض على قرارات رئيس الوزراء", وان ما يعانيه (المالكي) هو تضاد مجلس النواب مع مجلس الوزراء ومحاولة تجاوزه كسلطة تشريعية ورقابية في الكثير من الأحيان, ولو كان بإمكان ائتلاف دولة القانون تحقيق الأغلبية النيابية لمضى في اقرار القوانين دون الحاجة لتغيير شكل الحكومة, ولعل إقرار قانون الموازنة العامة بالاغلبية الذي يتشدق به ائتلاف دولة القانون وقدرته على تشكيل حكومة الأغلبية هي أحلام وردية بعيدة المنال, فقانون الموازنة العامة هو قانون يخص الدولة العراقية اتفقت عليه جميع الأطراف بغض النظر عن مواقفها من دولة القانون ولا يعني بالضرورة اتفاقها معه في طريقة ادارته للدولة, فإذا لم يكن بإمكان دولة القانون من تحقيق الأغلبية النيابية وهو الذي أشرك جميع الأطراف في الحكومة لالغاء دور المعارضة, فكيف سينجح في تشكيل حكومة الأغلبية وهو في نفس الوقت سيحشدها في معارضة نيابية ضده ستكون اقوى من سابقتها في ظل التخبط في اتخاذ القرارات وسوء الأداء الحكومي؟ لا نعتقد ان دولة القانون جادة في السعي لتحقيق حكومة الأغلبية في ظل تقاطعاته لجميع الكتل السياسية بما فيها كتل نافذة في التحالف الوطني الذي ينضوي تحت لواءه ائتلاف دولة القانون, فنحن نسمع تصريحات كهذه منذ إعلان تشكيل الحكومة, ولكنها وسيلة لخداع الرأي العام وتصوير رئيس الحكومة على انه ضحية حكومة المحاصصة لاستمالة أصوات الناخبين ... وما على المؤمنين إلا أن يلدغوا من جحر مرتين.
مقالات اخرى للكاتب