حينما ينتهي المرء من قراءة كتاب: "موسوعة أشهر النساء في التاريخ العربي، منذ فجر الإسلام حتى عصر المماليك"، للأستاذ: عبد الحميد ديوان، لداركتابنا للنشر، لبنان، الطبعة الثانية، 2008، من 299 صفحة، تستوقفه جملة من الملاحظات، منها:
استطاع الكاتب، عبد الحميد ديوان، أن يقدّم كتابه، بأسلوب لغوي، رقيق بسيط، لكنه في نفس الوقت، يرفع القارئ إلى الأعلى، ويجعله يتم الكتاب، بمجرّد تصفح صفحاته الأولى.
اعتمد الكاتب على 20 مرجعا، في تقديم مادة الكتاب، كما هو مبين في الصفحة الخاصة بالمصادر والمراجع. لكن الكاتب لم يُثقل على القارئ من ذكر المراجع، أثناء عرضه للأحداث، إنما كان يستند إليها، حينما يرى اختلافا وتضاربا في الروايات، فيخصّها بالذكر، قصد التوضيح والترجيح، وَرَدِّ اضعف الروايات، فيزيل اللبس العالق، وسوء الفهم، وينجلي بذلك الغموض، وتصفو الصورة.
استطاع الكاتب، أن يقدم المرأة العربية، في أزهى صورها، وعبر مراحل زمنية مختلفة، صعبة في البداية والنهاية:
بدأ من الأم العظيمة، آمنة بنت وهب، أم سيّدّنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، مرورا ببنات النبي وزوجاته، ومعرجا على العصر الأموي والعباسي، ليتوقف عند فترة الأندلس، ويختمها بالمرأة، إبان المماليك.
واستطاع الكاتب، أن يبيّن أن كل امرأة، من بين 47 امرأة، تطرّق إليها، إلا واستفادت من البيئة التي ترعرعت فيها، لذلك كان لها أثرا يذكر، وذكرها التاريخ، مع من ذكرهم من العظام. ولعلّ هذا الكتاب، يدخل ضمن الشهادات الصادقة، الذي يذكره التاريخ بدوره.
المرأة العربية التي ذكرت في الكتاب، هي.. الحافظة لكتاب الله، بالقراءات المختلفة، الراوية لأحاديث، سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيهة، عالمة، يحج إليها، الفقهاء والرواة.
هي الشاعرة، تقول الشعر بألوانه، كالمدح، والرثاء، والشكوى، والهجاء، واستنهاض الأمم. رُزقت السرعة في الرد، والإجابة الشافية، في أحلك الظروف، ومع القادة والملوك.
هي الأم، التي تدافع عن فلذة كبدها، والزوجة العاشقة لزوجها، الغيورة عليه. تعرّضت للدسائس، فأحسنت مواجهتها، وللإغراءات فردتها ردا حسنا، صبرت على فقد الوالد والولد.
بعضهن كن فقيرات معدومات، فأمسين ثريات، يتصدقن آناء الليل وأطراف النهار، وبعضهن كن ملكات، فمتن بالقبقاب، جزاء على فعلتهن.
تجد في الكتاب، الزاهدة العابدة مثل، ربيعة العدوية، أتتها الدنيا تحبو، فلفضتها، وجعلتها وراءها ظهريا. وجارية أخرى، ملكت قلب العابد الزاهد، لما أوتيت من حسن البيان، حتّى أطلق عليها اسم، "سلامة القس"، نسبة إلى العابد الزاهد.
كانت الواحدة منهن، ترفض الزواج، لأنها ترى في نفسها، أنه لايوجد كفؤا لها من الرجال في عصرها، وهي اللبؤة التي تَقدََّمَ لها الأُسُود، كما تقول إحداهن.
عاشت بعضهن، الترف والبذخ، واللهو والعبث. ويكفي أن الخزينة أفرغت، والدولة سقطت، بسبب الإنفاق المفرط على عرس "قطر الندى"، وهو ماحدث أيام الحاكم عباد، مع الرميكية، حينما جعل الطين مسكا، وعنبرا.
كانت بعض الجواري، يُخترن مؤدبات القصر، لما اشتهرن به من علم، وأدب، وسرعة حفظ، وفقه، وشعر، وأداء جيد.