بعد ثورة ازاحة مبارك في مصر، جاءت ثورة ازاحة مرسي، ثورة كان للشعب المصري دور بارز فيها واثبات هويته كما يريدها وليس كما يريد الاخر ان يفرضها عليه، اراء كثير قيلت في احداث مصر بين مؤيد ومعارض، ورغم هذه الاراء تبقى الكلمة للشعب المصري في اختيار ما يراه مناسبا، المنطقة بل والعالم برمته كان يتابع ما يجري في مصر وانتظار لحظة الحسم ونتيجة التظاهرات الشعبية التي اجتاحت المحافظات والمدن المصرية، لاهمية مصر الاقتصادية وثقلها السياسي الذي تدنى الى ادنى المستويات خلال عام من حكم مرسي، التساؤل المهم لماذا تظاهر الشعب المصري؟ رغم ان الرئيس تم انتخابه عبر صناديق الاقتراع وحصل حسب البيانات الرسمية على اكثر من 50% من اصوات الناخبين، وهل ان الانتخابات عبر صناديق الاقتراع تكون دائما نتائجها ايجابية؟
الاراء مازالت كثيرة ومختلفة بخصوص ما يحدث بعد عزل مرسي، من يقول ان موجات عنف شديدة ستشهدها مصر وهناك من يقول خلاف ذلك وان صفحة مصر جديدة ستكون عنوان المرحلة القادمة، وما حصل في مصر هو شأن داخلي قبل كل شيء، واختار الشعب المصري ما يناسبه، بعد صرخة الشعب المدوية لرئيسه (ارحل)، كان موقف الجيش المصري هو الابرز مما حدث، وهل كان موقفه مع الشرعية الدستورية ام ضدها؟ الدستور المصري كغيره من الدساتير الاخرى ينص على ان الشعب هو مصدر السلطات وهذا يعني ان الشرعية يحددها الشعب اي انها شرعية الشعب، ووفقا لذلك اتخذ الجيش المصري موقفه الحاسم بالاستجابة لشرعية الشعب التي رفضت ادارة الرئيس بعد عام على تنصيبه رئيسا للبلاد لفشله في تحقيق طموحاتهم كما يقولون هم وتضييقه على الحريات العامة وكثرة الانقسامات بين صفوف الشعب المصري، والغاء هوية الحكم المدني الذي يراه الشعب المصري ملائما ومنسجما مع توجهاته وليست دولة دينية حاول مرسي وجماعته فرضها كما ورد في اراء المصريين عبر وسائل الاعلام المختلفة.
وحسب المراقبين ان (تمرد مصر) قد ينتقل الى البلدان الاخرى التي شهدت الربيع العربي. احداث مصر وكما يسمونها ثورة 30حزيران افرزت بلاشك الكثير وهي جديرة بالمتابعة والدراسة، منها ان ادارة البلاد كان يراد لها ان تكون وفق منظور جهة واحدة واقصاء الاخرين، وهذه السياسة اثبتت فشلها وكانت النتيجة كما شاهدها الجميع، الخارطة التي تم الاتفاق عليها لتطبيقها بعد عزل الرئيس يحب على الفريق الجديد دراسة الاخفاقات التي ارتكبها فريق الرئيس المعزول لعدم تكرارها والا فانها قد تؤدي الى انقسامات في صفوف الشعب المصري، ومن جانب آخر دور الجيش في الحفاظ على الشرعية اعطى دروسا لابد للاخرين الذين لايستمعون الى ارادة شعوبهم وطموحاته اخذها بنظر الاعتبار، المؤسسة العسكرية رغم واجباتها المعروفة عليها ان تتدخل لتعديل المسارات التي تخالف الدستور، وهذا في البلدان التي لها مؤسسة عسكرية محترفة ولاءها للوطن وليس للحكومات، لان المؤسسات العسكرية التي تكون نتاج الانتماء الى جهة واحدة دون الجهات الاخرى تستخدم بلاشك ضد الشعوب لانها تحمي الانظمة الحاكمة وليس البلد.
ما قام به الشعب المصري بسلمية تظاهراته سيكون دروسا مهمة تستلهما الشعوب الاخرى بغية انقاذها من الانظمة الاحادية النظرة والتي لاتعرف غير الاقصاء والتهميش للاخرين، والفرصة متاحة امام الانظمة التي تريد ان تفرض على شعوبها ما تراها وليس كما تريد الشعوب ان تبدأ بتغيير تلك السياسات العقيمة والفاشلة والا فان ماجرى للرئيس المصري المعزول وجماعته في انتظارهم.
والان بعثت مصر رسالتها الى جميع دول المنطقة سواء تلك التي شملها الربيع العربي والاخرين، وهذه الرسالة واضحة وتقول مهما كانت الانظمة تسير في طغيانها الا انها تنهار امام صرخات الشعوب، فهل تم استلامها من قبل الطغاة؟
مقالات اخرى للكاتب