العراق بين كماشتين هما الأرهاب الدولي المنظم والانقسام السياسي المبعثر ، فمن جهة الارهاب الدولي المنظم نجد التوظيفات الاعلامية والسياسية والعسكرية هي السمة الواضحة له من خلال تحشيد بعض وسائل الاعلام ضد الوحدة الوطنية وتصوير ان مايحدث هو جزء من الحقوق المشروعة لأبناء العراق من العرب السنة في المناطق الغربية من الوطن العراق. وكأن المواجهات العسكرية وقتل المدنيين او الجنود والشرطة هو جزء من الأساليب الوطنية لأجبار السلطة الحاكمة على تنفيذ المطالب، حتى لو اقتضى ذلك دخول مجاميع ارهابية لاتنتمي في الهوية الوطنية الى العراق، سواء من السعودية واليمن وقطر والمغرب او من الشيشان واوربا كذلك. المهم ان تقاتل وتحتل مدنا عراقية لتقول انها ثورة ضد الظلم فكانوا من حيث لايشعرون انهم ظالمين ايضا بل ومجرمين يساندون من ارتكبوا مجازر بحق المدنيين الأبرياء في سوريا والعراق. قبل عدة أيام اعلنت كتلة متحدون بزعامة أسامة النجيفي والمتحالفين معها عن تأييدهم لحركة مايسمونها بالمنتفضين في مناطق العرب السنة وهذه هي جريمة وطنية حين يكون شركاء العملية السياسية بهذا المستوى من المنطق حيث العنف والتمرد على الدولة وهم جزء منها. هنا أنقل العنوان الرئيسي للخبر المنشور عن متحدون
"متحدون للإصلاح : الائتلاف متماسك وموحّد ونحتاج الى وقت لجمع ممثلي المحافظات المنتفضة" كلمة منتفضة تنم عن جهل بمضمونها وانعكاسها على المتلقي . التوظيف الثالث في الكماشة الأولى هي التوظيفات السياسية من خلال الحديث عن تهميش سنة العراق بعد العام 2003 بينما حقيقة التهميش هو تهميش وطني من قبل شركاء العملية السياسية ضد المواطنين العراقيين المستقلين من جهة وتهميش من يختلف مع نوري المالكي تهميشا متعمدا انك ان لم تكن معنا فلا حقوق لك في هذا الوطن. هذين التهميشين هما من صعدا حدة المواقف بين شركاء فشلوا في شراكتهم. مثلا السنة العراقيين منقسمون فيما بينهم على مناطق النفوذ في مناطقهم الى حد التصفية الجسدية ضد بعضهم . وشيعة العراق كذلك منقسمين فيما بينهم ويحاول نوري المالكي استثمار تلك الانقسامات من خلال تكتلات يحاول اجراءها بعد نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة .
في هذا المجال ضاعت حقيقة مهمة لم تستثمر من دعاة الحقوق المدنية تلك هي مشروعية المطالب المنطلقة من حقوق المواطنة لكل عراقي كفرص العمل المتساوية بين الجميع والتعويضات للمتضررين من سياسات النظام السابقة والأزمات الجديدة بعد العام 2003، واحترام الحريات العامة وتطبيقها بصورة عادلة وليست انتقائية. كلنا نذكر حركة الاحتجاجات وان كانت خجولة في ساحة التحرير ببغداد عام 2011 لكنها تركت انطباعا مهما ان الشعب العراقي تحرك للمطالبة بحقوقه المشروعة بعد تردي الأمن والخدمات وللأسف دخلت جهات هي جزء من مافيا الكتل السياسية على الخط فضعفت تلك المطالب وتحولت في الأنبار والحويجة الى حالة من العصيان والتحريض الطائفي.
الكماشة الثانية التي وقع بها العراق هي الأنقسام السياسي المبعثر وهذا بالتأكيد استثمر من قبل الارهاب الدولي المنظم وكذلك استثمرته بعض الكيانات السياسية للأستفادة منه في خطابها التحريضي. من خلال هذين التوصيفين للوضع الحالي فان الماساة ستبقى بهذه الحالة حيث عدم تحقيق نتائج ملموسة على الواقع السياسي كبناء حكومة دستورية تستطيع حل المشاكل التي أغرقت الوطن في مزيد من الدماء والفوضى . وعدم وجود برلمان وطني يشرع قوانين تحافظ على استقلال العراق وسلامة ووحدة أراضيه وتحقق الاستقرار لجميع العراقيين.
كنموذج مؤلم حقا فيما أشرت حديث للقيادي علي التميمي من التيار الصدري لقناة البي بي سي العربية عندما اعتبر ان العمليات العسكرية الان هي طائفية وان التيار الصدري لايريد التورط بها . دخول مجاميع ارهابية في الموصل وتحتل مدنا عراقية والتيار الصدري لايريد التورط بهكذا مواجهة ترى متى سيدافع عن سيادة الوطن؟ فقط عندما تاتي القوات الامريكية وبطلب رسمي من الحكومة عندها سيقاتل الاحتلال الامريكي اليس العراق محتلا الآن من داعش واخواتها؟ . مراهنتي في هذا المجال تنحصر على من يحملون مشروعا وطنيا يتسامى فوق كل الأنتماءات لأنقاذ الوطن من كماشتي الارهاب الدولي المنظم وكماشة الأنقسام السياسي الذي لم يجلب للعراقيين سوى مزيد من الآلام والمحن. لابد من وجود لغة القواسم المشتركة بين ضحايا الكماشتين وصراعات اقليمية كانت الساحة العراقية مسرحها وابناء العراق وقودها.
مقالات اخرى للكاتب