المقارنات لاتعني تمجيد طرف او الانتقاص من طرف وانما الغرض منها بيان الجوانب الايجابية والسلبية، الايجابية لابد من تعزيزها والسلبية كيفية تشخيصها لتجاوزها الى حالة من الكمال نوعا ما، والمقارنة هي الموازنة بين حالتين، والاصل في المقارنة للوصول الى الاحسن، التساؤل الان هل ان بغداد تحتاج الى اجراء مقارنة بسيطة كما كانت بالامس واليوم؟ وليس القصد هنا الجانب السياسي وانما حالة واحدة تكمن في استقبال اهالي بغداد للعيد في ظل هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، والامل يحدو الجميع ان تكون بغداد دوما في اجمل صورة لها وتعيد امجادها وحضارتها التي اخذت صفحات كثيرة من التاريخ وعلى مر العصور، واليوم يتربص بها الارهابيون الظلاميون لاطفاء انوارها، لانهم اي الارهابيون لايروق لهم المجد والعلم، ولاتروق لهم الحضارة والامجاد الانسانية انهم ضد كل شيء ينير الدرب للاجيال، طقوس استقبال رمضان وتوديعه واستقبال العيد في العراق ولاسيما العاصمة بغداد، كانت متميزة عن الاخرين، وفيها حركة صاخبة تمتد الى ساعات الفجر الاولى، والاسواق تعج بالمتبضعين واقبال منقطع النظير على الشراء من الماكل والملبس وغيره، وكانت الانوار في كل مكان بحيث لايفرق بين ليلها ونهارها، وكانت قبلة للزوار من الشعراء والادباء والفنانين ومحبي السياحة من كل جنسيات العالم وعلى مدى التاريخ الذي ينقل صفحات مشرقة عنها ليس اليوم والامس وانما منذ تاسيسها، وكما يقال وقفة على شواطئ دجلة كفيلة بزيادة العشق لبلاد الرافدين والتغني بتاريخها وحضارتها التي من خلالها تندمل الجروح، وكانت براءة الطفولة وبسماتهم هي عنوان كرنفالات استقبال العيد، وكانت مزارا لابناء المحافظات كلها، يشعرون بزهو وفخر عند زيارتهم العاصمة بغداد.
الصورة الجميلة للعاصمة لاتروق لاعداء العراق والعراقيين ونتيجة اعمالهم الاجرامية واستباحة الدم العراقي وتهديداتهم باستهداف المدنيين خلال هذه الايام وايام العيد، تقوم الاجهزة الامنية بتكثيف اجراءاتها لحماية المواطنين، بغداد اليوم تستقبل العيد وهاجس الخوف والقلق يسيطر على ساكنيها، وتحولت الى مدينة اصبح عنوانها الاليات العسكرية، والسيطرات الكثيرة التي تخلق زحامات يستاء منها المواطن كثيرا وخصوصا في ظل ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها، دموع الاطفال هي العنوان سواء من الخوف والقلق، او من ينتظر أباه الذي فقده في العمليات الارهابية ولايوجد من يرسم الفرحة على محياه، والحواجز الكونكرتية عادت للظهور ثانية لقطع الشوارع والجسور انها بغداد حيث مازالت القمامة في اكثر من مكان فيها، وكهرباء بغداد ليست كما هي طموح اهلها، وليس الكهرباء فقط وانما الخدمات الاساسية كلها، انها بغداد بانتظار من يعيد اليها تلك الروح التي كانت تغني وصوتها يعانق شغاف القلب، بغداد بعد ان غنى لها الشعراء وادمعت عيون عشاق مجدها والقها على مدى التاريخ تبكي نفسها الان وهي بحاجة الى جهد استثنائي لبنائها، ولاتحتاج الى بيانات عبر الفضائيات ووسائل الاعلام، ستبقى كما كانت منذ تاسيسها تنهض قويا كلما كانت لها كبوة.
مقالات اخرى للكاتب