بغداد: قال باقر جبر الزبيدي، القيادي البارز في المجلس الأعلى الإسلامي ورئيس كتلة المواطن البرلمانية التابعة للمجلس الذي يتزعمه عمار الحكيم، إن «خلافاته مع المالكي ليست شخصية، وإنما هي خلافات مهنية تتعلق بكيفية إدارة الدولة خلال السنوات الماضية من حيث رسم السياسات وتنفيذها والأهم أنه لا توجد رؤية واضحة وصائبة لإدارة الدولة فضلا عن انتشار الفساد بشكل كبير».
وأضاف الزبيدي، الذي شغل منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003 ثلاث حقائب وزارية هي الإعمار والإسكان (خلال فترة مجلس الحكم عام 2003 - 2004) ووزارة الداخلية أثناء حكومة إبراهيم الجعفري (عام 2005 - 2006) ووزارة المالية خلال حكومة المالكي الأولى (2006 - 2010) في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «المجلس الأعلى لم يكن طرفا في تشكيل الحكومة التي يرأسها الأخ نوري المالكي حاليا، وكنا معارضين لها إذ كانت قد جرت مفاوضات في أربيل بين ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني والقائمة العراقية والتيار الصدري وقد نتجت عنها هذه الحكومة التي كانت وما زالت ومثلما أطلقنا عليها منذ البداية حكومة أزمة».
وكشف الزبيدي عن أن «المالكي كان قد وقع على اتفاقية سرية مع السيد مسعود بارزاني لم يطلعنا عليها في التحالف الوطني وتتكون من 8 نقاط وبالتالي فإننا لم نشارك فيها إلا من خلال منصب نائب رئيس الجمهورية الذي شغله لفترة الدكتور عادل عبد المهدي الذي قدم استقالته فيما بعد استجابة لنداء المرجعية والضغوط الشعبية».
وردا على سؤال بشأن وقوف المجلس الأعلى الإسلامي بالضد من عملية سحب الثقة عن حكومة المالكي العام الماضي، قال الزبيدي، إن «رؤية المجلس في هذه المسألة كانت تنطلق من تداعيات وأبعاد الوضعين الداخلي العراقي والإقليمي إذ لم تكن الظروف تسمح من وجهة نظرنا بذلك، ولكن مع ذلك فإن ما أفشل مشروع سحب الثقة ليس موقفنا لأننا لم نكن من الناحية العملية مؤثرين على القرار لأننا نمتلك 17 صوتا بينما جمع أصحاب سحب الثقة نحو 178 صوتا وهي كافية من الناحية العملية لسحب الثقة بصرف النظر عن موقفنا من عدمه، ولكن حصلت تطورات خاصة بهم، منها انسحاب الرئيس جلال طالباني وحتى التيار الصدري، أدت إلى إفشال هذا المشروع» مشيرا إلى أن «المجلس الأعلى كان يريد أن تجري عملية سحب الثقة داخل التحالف الوطني وليس من خلال الكتل السياسية حيث إن هناك فرقا كبيرا بين الأمرين حيث إن التحالف الوطني (...) ولكن المشكلة أن الائتلاف الوطني لم يكن مجمعا على عملية سحب الثقة عن المالكي في ذلك الوقت».
وردا على سؤال بخصوص وضع التحالف الوطني الشيعي الحاكم بوصفه الكتلة السياسية والبرلمانية الأكبر، قال الزبيدي، إن «مشكلة التحالف الوطني تكمن في أن أطرافه لم تلتزم بمقررات وقرارات التحالف الوطني ولذلك أستطيع القول إن التحالف الوطني فشل حتى الآن في أن يتحول إلى مؤسسة حقيقية بحيث يكون هو المطبخ الخلفي للحكومة والبرلمان وهو ما سنعمل عليه خلال الفترة المقبلة ليصبح مؤسسة فاعلة وقادرة على صنع السياسات».
وبشأن تبادل الاتهامات بين ائتلاف دولة القانون والمجلس الأعلى الإسلامي في أعقاب انتخابات الحكومات المحلية في العراق، قال الزبيدي، إن «الأمر ليس هكذا حيث إن المشكلة كانت في طبيعة اللجان التي كانت تتفاوض معنا ففي الوقت الذي كنا فيه نحن في المجلس الأعلى قوة واحدة فإن دولة القانون كانت في الواقع 7 قوى وكلها تتفاوض معنا وقد اتضح عدم وجود تنسيق بينها الأمر الذي أدى إلى هذا الخلل». وبشأن رؤيته للانتخابات البرلمانية المقبلة، قال الزبيدي إن «الأفضل بالنسبة لنا أن نذهب إلى الانتخابات فرادى وعند النتائج نعود لنتوحد في إطار التحالف الوطني الذي لا بد أن يبقى قويا ومتماسكا وبقاؤه أحد ضمانات العملية السياسية» متوقعا في الوقت نفسه أن «يتشظى ائتلاف دولة القانون لأن هناك من تضرر داخله وفي مقدمة من تضرر هو حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي نفسه». واعتبر أنه «لو كان حزب الدعوة قد دخل الانتخابات منفردا لحصل على نتائج أفضل مما حصل عليها»، داعيا إياه «إلى دخول الانتخابات القادمة لوحده وليعتبر الإخوة في حزب الدعوة هذه بمثابة نصيحة مني».
وردا على سؤال بشأن إعلان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تحالفا استراتيجيا مع المجلس الأعلى دون أن يكون هناك رد واضح من قبل المجلس الأعلى، قال الزبيدي إن «المجلس الأعلى والتيار الصدري هما جزء من التحالف الوطني فضلا عن دولة القانون وعليه فإننا لا نريد اتباع سياسة المحاور على الرغم من كوننا قريبين من بعضنا وننسق معا».
وعلى صعيد الملف الأمني وما يعانيه من تدهور لافت لا سيما ما حصل أخيرا في سجني التاجي وأبو غريب وهروب المئات من السجناء والمعتقلين من كبار قادة وعناصر تنظيم القاعدة، قال الزبيدي إن «الخلل الأمني موجود للأسف وهو مشخص من قبل الجميع ولكنني شخصيا ضد إحالة الفشل الأمني إلى أيدي أو جهات خارجية إذ إنه وبصرف النظر عن كون هذا الأمر صحيح أم لا فإن الأجهزة الأمنية هي المسؤولة وهي التي يجب أن تتحمل عواقب هذا الإخفاق». وردا على سؤال بشأن مكمن الخلل الحقيقي في هذا المجال، قال الزبيدي إن «الخلل الحقيقي يكمن في أننا لم نضع الرجل المناسب في المكان المناسب من أعلى هرم السلطة إلى آخر مسؤول فيها فضلا عن عدم وجود خبرة تراكمية».
وبشأن الجدل الدائر حول تحديد ولاية الرئاسات الثلاث وفرص المالكي في الفوز بولاية ثالثة قال الزبيدي إن «قانون تحديد ولاية الرئاسات تم إقراره من قبل البرلمان وطعنت به دولة القانون أمام المحكمة الاتحادية التي لم تتمكن حتى الآن من البت به ولم يعد أمامها من وقت وإنه بحلول نهاية الشهر الحالي وفي حال لم تقل المحكمة الاتحادية كلمتها سوف يعتبر القانون نافذا ولسنا بحاجة لأن يبقى نفس الشخص في نفس المنصب». وردا على سؤال فيما إذا كان هو المرشح المقبل لرئاسة الحكومة، قال الزبيدي إن «هذا الأمر يتوقف على نتائج الانتخابات المقبلة وقرار المجلس الأعلى الإسلامي».