Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
القتيل حميّد
الثلاثاء, آب 6, 2013
محمد غازي الاخرس

 

حكايات القتلى متشابهة حدّ اللعنة وحزننا على الضحايا متماثل مثلها. وهنا أودُّ أن أتوقف عند مقتل أحد الشبّان من أقاربي؛ أختطف ثم قتل، ورُميَ به في بستان قريب من بغداد . الدوافع طائفية للأسف وهي تنبئ ربما بما لا تحمد عقباه في مناطق مختلطة كبغداد . 
القتيل شاب رائع بالكاد دخل عشرينه، يعمل في سيارته (السايبه) على باب الل ، وسيمٌ وحيويٌ، أنيقٌ ومحبٌ للآخرين، فتى هو ابن لامرأة حنينة هي الأقرب من بين بنات جيلها إلى منابع الجمال الفطري الموروث من متخيّلنا الشعبي. متذوقةٌ للشعر وسبّاقة في المناسبات الحزينة لتطرب أرواح الثكالى بنعاويها . 
أتذكر إنني قلت عنها يوما أنَّ لديها صوتا ناعيا يجعل الصخر يتفتت بين يديها. وكنت غالبا ما ألتقيها في المقبرة أيام الأعياد حين نذهب لتحية موتانا؛ أراني أتأمّل في منازل الآخرة، ثم فجأة يتهادي لي الصوت النسويُّ مغنّيا وكأنّه ناي سومري تاه عن أهله، فأنسحب إليه تاركا أخواتي، أسمعه وأبكي، ثم أسمعه وأبكي، ثم أسمعه وأبكي. 
كلُّ نسوتنا المسكينات كذلك، كلهنَّ ورثن هذا الشغف بالشجن من أمهاتهن وجدّاتهن وأسرننا به حدَّ أنّه قد يرافقنا إلى يوم القيامة، يوم يعلو صراخ المكلومين والمظلومين وكلٌ يشير لقاتله، كلّ يحمل أغانيه على ظهره ثم يتوجّه بها إلى الله قائلا ـ أنصفني يا ربّ وخلصني من هذا الأرث الثقيل المعذب. 
حديثي عن (أم عمار) لا يتعلّق بها شخصيا، فهي ليست أكثر من مثالٍ يَصدُقُ على أيّ أم مكلومة بابنها، في كلّ مكان من بلادنا الخائفة حيث القتلة منبثون بيننا. لكن بما إنها حاضرة الآن في ضميري، تنعى كنهرّ طعنته الريح في قلبه، فسأتوقف عندها ثم انتهي عند والدتها (أم عبد)، والأخيرة امرأة عجنتها الأشجان عجنا ومردت ملامحها وصوتها مردا، فهي لا ترى المثكولين من زوّارها، مثلي، حتّى تستقبلهم بنعي لا أدري كيف ينبع من روحها وبأيِّ طريقة يتواصل. 
إنه إرثٌ ملعون، لا أعني الأغاني التي تثقل ظهورنا وأفئدتنا فقط، بل أرث القتل الذي كتب على (أم عبد) وابنتها (ام عمار وحميّد)، فالأولى فجعت أيضا بولدين من أولادها وتكسرّ فيها زجاج الروح حتى غدت محترفة دموعٍ قلما يجود الدهر بمثلها . 
نعم، أيّها الثكالى، حين تظهر المقالة يكون الفتى المقتول (حميّد) قد عبر أيام غربته في عالم البرزخ كما تقول مخيلتنا الشعبية. يكون قد استراح من آلامه ربما والتقى جدته ووضع رأسه في حجرها الذي يضوع بالمسك، لعل (أم عبد) ستغنيه كما غنّت لعبد وجاسم وتوفيق وبشرى وقادرـ نخيته لعلي محل الغروب ..محل العشه والزاد مصبوب ..عبدك بشده تحفظه النوب . لعلها ستترنم له أيضا ـ يا دار وين العمروج ..بالعز وبالهيبه بنوج ..بالذلة خلوني وخلوج ! 
ثم، لعلّ (حميّد)، وهو في عالم البرزخ يتلقى تلك التنويمات، سيتذكر أمه يوم كانت تغنيه في الحياة الدنيا : الناس تنخه الناس بالناس ..وانه نخيت أبو فاضل العباس ..يحمي الدخيل من الرصاص . 
ـ لكن الدخيل قتل يا أماه. سيقول قتيلنا الشاب ذلك بخيبة، فتمسح الجدةُ عينيه بطرف ثوبها وتبكي، ثم يتهدّج صوتها مرة أخرى ـ ما ادري زماني ضملي هاي ..كطعت البراري عله كفاي ..صيّفت مدري وين مشتاي ! 
أي والله، كلّنا مثلك يا (أم عبد)، أيتها الجدّة التي تمسّد رأس القتيل في العالم الأسفل الآن. كلنا مثلك، حائرين وخائفين، ولا ندري أين خبأ لنا الدهر كلّ هذا الموت والخراب. 
كلنا قطعنا البراري على ظهورنا وسرنا بحثا عن الراحة والأمان. انطلقنا منذ فجر الخليقة، الأغاني تثقلنا والترانيم تعذبنا، ونحن إلى اليوم لا نزال في براري الخوف لا ندري أين منتهانا. 
سلام علينا يوم انطلقنا ويوم تشققت أرجلنا وقلوبنا، سلام علينا يوم نرقد في أحضان جداتنا لنعاود سماع الأغنية : نخيته لعلي وكت المسيه ..نخيته يخليك اليه ..من عالت الدنيه عليه ! 
سلام على القتلى وربي احفظْ كلّ فتى من فتياننا بحقِّ علي بن أبي طالب..


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.43856
Total : 101