نستذكر صدور قانون الجنسية العراقية رقم (42) لسنة 1924 بتأريخ 6/8/1924 ، حيث لم يظهر مفهوم المواطنة إلا بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة في 21/8/1921 الذي كان بناءً هشاً ضعيفاً لكونه أرتكز على معيار عنصري بغيض في تحديد الأصل الأجنبي والرعوية في إكتساب الجنسية العراقية مما جعل المواطنين جميعاً أجانب ومشكوكاً بهويتهم وولائهم وإنتمائهم إلى البلد والأرض التي تمتد إلى جذور التأريخ والحضارات العريقة ، وكان نفاذ هذا القانون الجائر بأثر رجعي من تأريخ دخول معاهدة لوزان حيز التطبيق في 6/8/1924 ونشر في جريدة الوقائع العراقية العدد : (232) والمؤرخ في 21/10/1924 ، إذ نصت المادة (30) من المعاهدة « بأن الرعايا المقيمين في إقليم مُنسلخ عن تركيا وبموجب أحكام هذه المعاهدة يصبحون حكماً رعايا الدولة التي ينقل إليها ذلك الإقليم » ، نتيجةً لمراعاته المصالح الدولية السائدة آنذاك وبشكل مُناقض لحقوق المواطنة المبينة في الدستور الملكي ( القانون الأساسي العراقي لعام / 1925 ) ، ورسخ إلى التفرقة الفئوية بين مكونات الشعب العراقي عنصرياً إلى درجتين ( الأولى ، والثانية ) ، وتم تسجيل المواطنين وفقاً لمعيار الأصل والتبعية وأعتبر العثماني عراقي رغم إنتمائه إلى تركيا العثمانية وأصبح المواطنين الأصلاء من الكورد الفيليين أجانب خلافاً للمادة (6) من القانون الأساسي العراقي والتي بينت بأنه ( لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون ، وأن أختلفوا في القومية والدين واللغة ) ، وعلى الرغم من إثبات تواجد الفيليين في العراق منذ الآف السنين ، كان القانون يهدف إلى التشكيك في الهوية والولاء والإنتماء إلى الوطن وإستخدامه سلاحاً في ضرب الحركات الوطنية السياسية التي رفدها المكون الفيلي بألاف المناضلين وشن حملات التهجير القسري ما بين الأعوام ( 1940 – 1991 ) ، وإسقاط الجنسية العراقية دون وجه حق ولأسباب سياسية وعنصرية وعرقية ومذهبية من قبل الحكومات المُتعاقبة على السلطة عبر تشريعها مراسيم وقرارات وأوامر لها قوة القانون ، وأن خالفت حقوق الإنسان المكفولة في الدساتير العراقية أو مبادىء القانون الدولي بهدف إسقاط الجنسية عن كل عراقي تحت تهمة الإخلال بأمن الدولة وسلامتها إلى وصل الأمر في نهاية المطاف ... فوقعت قمة الكارثة بإرتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي وقع ضحيتها أكثر (1,000,000) مواطن بريء من المكون الفيلي طيلة هذا السنوات العجاف ولأكثر من نصف قرن من القتل والذبح والتهجير والإختفاء القسري والإنتهاكات والفضائج الجسيمة وهذا ما أقرت المحكمة الجنائية العليا العراقية في حكمها التأريخي الصادر بتأريخ 29/11/2010 ، وهذا يتطلب من الرئاسات الثلاث والحكومة العراقية العمل بجدية من إزالة مظلوميتنا المتراكمة لأكثر من (80) عاماً من جميع النواحي السياسية والإقتصادية والإجتماعية والإنسانية والثقافية والقانونية .
مقالات اخرى للكاتب