بغداد – رغم مرور أكثر من شهر على قيام وزير الخارجية التركي السياسي المخضرم أحمد داود أوغلو إلى مدينة كركوك العراقية المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان العراق، لا يزال الحدث مادة رئيسية للجدل والسجال السياسي بين بغداد وأربيل ومنطلقا لتصعيد الأزمات بينهما وتبادل الإتهامات.
وزادت حدة التصعيد بين المركز والأقليم مع صدور تقرير اللجنة التحقيقية المشكلة مؤخرا للتحقيق في تلك الزيارة، والذي أكد أن أوغلو دخل البلاد من دون موافقة رسمية وبتسهيل من وزير الخارجية الذي تصرف بصفته الحزبية وليس الرسمية كونه ممثلا للبلاد.
وشكلت اللجنة التحقيقية من قبل مجلس الوزراء للوقوف على كافة ملابسات الزيارة، وضمت في عضويتها نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني رئيسا، وعضوية ممثلين عن وزارات الخارجية والدفاع والداخلية والنقل وشؤون المحافظات والأمن الوطني وجهاز المخابرات ولجنة العلاقات الخارجية البرلمانية.
وأكدت اللجنة التحقيقية في تقريرها أن زيارة اوغلو لكركوك، بل ولإقليم كردستان لم تتم عبر القنوات الدبلوماسية، ولم تخضع للسياقات المتعارف عليها. وتوصلت اللجنة الى أن الخارجية التركية تعمَّدت تجاوز السياقات الدبلوماسية المعتمدة في زيارة الوفود الدبلوماسية ما شكل خرقا واستهانة بالأعراف المتبعة في الزيارات بين الدول، كما توصلت الى ان القنصل التركي في الموصل قد خالف واجباته وخرج عن القواعد الدبلوماسية التي تمنعه من مغادرة منطقة عمله بالرغم من تحذير الخارجية العراقية له.
في مقابل ذلك أكدت مصادر دبلوماسية أن "عملية زيارة أوغلو تمت بالتواطؤ مع وزير الخارجية هوشيار زيباري"، لافتة إلى أن "زيباري نفَّذ أوامر رئيس إقليم كردستان بغض الطرف عن الزيارة حتّى حصولها"، موضحة أن "وزير الخارجية كان على علم مسبق بالزيارة وهو من أعطى تعليمات بجعل سمة الدخول شخصية وليست دبلوماسية".
وأبدت المصادر الدبلوماسية استغرابها من "توفير الحماية الكاملة في الإقليم وفي محافظة كركوك لوفد أوغلو"، مشيراً إلى أن "تركيا حاولت إيصال رسالة إلى الحكومة المركزية مفادها أن أذرعنا في العراق تمتد إلى أهم مفاصل في الحكومة العراقية". وبين المصدر أن "زيباري يتصرف وفق العلاقات الاجتماعية مع إقليم كردستان لاسيما أن رئيسه مسعود البارزاني هو خاله".
وكان وزير الخارجية هوشيار زيباري أبلغ لجنة العلاقات الخارجية وفقا لتقرير لجنة تقصي الحقائق الحكومية بعدم استحصال وزير الخارجية التركي احمد اغلو الذي زار العراق الشهر الماضي لتأشيرة الدخول، فيما كشفت لجنة العلاقات الخارجية عن أبرز توصياتها للوزارة والمتضمنة وضع ضوابط "صارمة" لتحركات السفراء ومسؤولي القنصليات.
وقال عضو اللجنة عماد يوحنا إن "وزير الخارجية أطلع لجنة العلاقات الخارجية على توصيات تقرير اللجنة التحقيقية الحكومية بشأن زيارة اوغلو الى العراق، وأكد زيباري ان أغلو لم يحصل على تأشيرة الدخول وكان هناك نوع من التعمد للالتفاف على الاجراءات".
واضاف يوحنا أن "توصيات لجنة العلاقات الخارجية تضمنت استبدال القنصل التركي في الموصل، ووضع ضوابط صارمة لتحركات السفراء ومسؤولي القنصليات في عموم العراق"، مبينا أن "اجراءات متشددة ستفرض على تحركات الاتراك في العراق". وتابع أن "الحكومة ستراجع العلاقة مع تركيا".
وكان مجلس الوزراء قرر في السابع من آب الماضي تشكيل لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني للتحقيق بملابسات زيارة اغلو لكركوك على أن يخصص مجلس الوزراء جلسة خاصة لمناقشة التقرير.
وكان وزير الخارجية التركي احمد اوغلو زار مطلع الشهر الماضي اقليم كردستان وبعدها توجه الى محافظة كركوك والتقى بمحافظها دون اي تنسيق مع الحكومة الاتحادية كما قالت الحكومة ووزارة الخارجية.
ولاتزال العلاقة بين بغداد وانقرة متوترة على خلفية مواقف اعلنتها الاخيرة واعتبرتها بغداد تدخلا سافرا في شؤونها الداخلية، فيما شكلت زيارة أوغلو مناسب للتصعيد السياسي بين بغداد وأربيل الذين تبادلا الإتهامات بينهما على خلفية تلك الزيارة.
