بغداد – رغم تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة الأزمات السياسية في بلاد الرافدين، التي يتم تصنيعها بعناية وأوقات دقيقة، لم يتوقف المتخاصمان الظاهريان نوري المالكي ومسعود البارزاني، عن لعب أدوار الطفولة السياسية، ولفت الأنظار اليهما عن طريق تبادل الإتهامات الفارغة والتي تعبر عن طبيعة الساسة الحاكمين والذين لا يفقهون الف باء السياسة.
فقد اتهم نوري المالكي، مسعود البارزاني رئيس اقليم كردستان بالإعداد لإحتلال كركوك والمناطق المتنازع عليها، وكشف عن مخطط قال أن البارزاني قام باعداده ويهدف الى الاستيلاء عسكريا على كركوك والمناطق المختلطة في كل من خانقين، وطوز خرماتو، وسهل نينوى.
أبواق المالكي أدعت إعلاميا ان المخطط تم كشفه من قبل نوري المالكي واتخذ التدابير اللازمة بشأنه، موضحة ان المالكي قام كخطوة اولى، باستقدام ضباط الاركان والحركات في الجيش العراقي السابق ومن الرتب العالية الذين يتمتعون بخبرات عسكرية لامعة في مجال الحروب، وكذلك تكثيف الجهد الاستخباري العسكري والمدني، للكشف عن مخطط البارزاني، مؤكدا ان تشكيل قيادة عمليات دجلة هو رد فعل على النوايا السيئة للبارزاني.
واضافت ان تصرف البارزاني يدل على استخدام سياسة فرض الامر الواقع، مبينة ان الخطوة الثانية للمالكي تمثلت في افشال مساعي حكومة الاقليم في الحصول على اسلحة هجومية مثل الطائرات المروحية والمدفعية الثقيلة ومضادات الطائرات من مناشئ عالمية. وتمثلت الخطوة الثالثة بتحريك القطعات العسكرية الى المناطق المستهدفة من قبل الاقليم في خطوة استباقية افقدت البارزاني عنصر المفاجأة وابطلت مفعول سياسة فرض الامر الواقع.
وبالمقابل تحدثت تقارير كردية عن أن المالكي يقوم بالإعداد لإنقلاب على الشرعية ويحاول تصعيد أزمة كركوك مع الأكراد من أجل التغطية على فضائح الفساد التي ما انفكت تفوح رائحتها بين الفينة والأخرى.
وكانت الخلافات بين المالكي والبارزاني تراجعت بعد تسلمهما أوامر أمريكية وبريطانية وإيرانية واضحة ومباشرة بتأجيل صراعهما لوقت أخر، وهو ما دفع المالكي والبارزاني لإعلان قبولهما الواسطة التي قام بها رئيس البرلمان اسامة النجيفي، لما قيل أنها محاولة لتهدئة الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ عدة أشهر.
ويرى المراقبون أن التهدئة اليوم بينهما لن تدون طويلا، حيث أن المالكي والبارزاني يعملان بكل جهد على تحقيق مخططات بريطانية وأمريكية في البلاد وبالتالي فإن ما يجري لن يكون أبدا حلا شاملا للأزمة بل تأجيل لها، وان الإتهامات المتبادلة بينهما تدل أنهما لا يزال في مرحلة الطفولة السياسية ولن يصبحا يافعين فيها إلا بعد أن يكون الشعب العراقي قد أنتهى من التفجيرات والفقر والفساد المالي والإداري. فكل منهما يخطط ويتآمر، والضحية هو الشعب العراقي.