في السياقات الإدارية المعمول بها في نظام المؤسسات والشركات، هناك سياق متبع في تناقل المواد الثابتة من أثاث وأجهزة وتجهيزات وآلات وآليات، لاسيما في المؤسسات الحكومية، إذ المال (مو مال ابو واحد) وقطعا في حال كهذا يكون المال مال الجميع، والمسؤولية عليه تتضاعف والحفاظ عليه يأخذ منحى آخر، إذ أن ضياع القليل منه، يوازي ضياع الكل، من ناحية الحساب والمحاسبة في الدنيا والآخرة. فهناك مستند يعرف بمستند (استلام وتسليم) يعد وثيقة إدارية توثق على متنها المواد التي تسلم من موظف الى آخر او من جهة الى أخرى، وفي حال تغيير مابذمة موظف او مستخدم، عليه ان يحصيها ويكون للطرف المستلم الحق في فحصها وعدها، حيث الاستلام له شروط كما التسليم له مثلها.
مادعاني الى سرد ماتقدم هو استذكاري لما حصل عام 2003، حين دخل الاحتلال الامريكي العراق، والجميع يعرف ان دخوله كان عن طريق الصحراء الممتدة من محافظات النجف وذي قار والمثنى حتى الحدود السعودية. يومها ظلت البصرة والناصرية والنجف والمثنى عصية على جنود الاحتلال، حيث اعترف قادة أمريكان بأنهم عانوا الأمرين، ولاقوا مالم يكن بحسبانهم في هذه المدن، بل ان مقاومتهم من قبل العراقيين ما كانوا يتوقعونها حتى في قراه وقصباته وأقضيته، كالذي حدث في مدينة أم قصر والمعارك الضروس التي دارت رحاها هناك.
الذي حصل في الموصل في حزيران من عام 2014، يكاد يكون تطبيقا للعملية الإدارية التي أشرت اليها، فقد كان هناك (استلام وتسليم) او مانسميه بلهجتنا العامية؛ (سلم بلم). وقد تمت العملية بكل وقاحة وقباحة.. وصلافة على يد شخصية تتبوأ أعلى منصب في محافظتنا أم الربيعين، وكان قد ائتمن على مالها ومائها وأرضها وسمائها، ولا أظن أحدا من العراقيين ممن كان سمعه وبصره مشدودا على مواقع الأخبار المقروءة والمسموعة والمرئية على حد سواء، إلا واستنكر ماكانت تسير عليه الأحداث. وأخص بالذكر عملية الـ (استلام وتسليم) التي حصلت بين أثيل النجيفي وتنظيم داعش، والتي لم تتم بدم بارد فحسب..! بل بدم نجس يدل على النجاسة التي يحملها هذا المحافظ. فقد تخلى هذا الرجل عن كل مبادئ الرجولة، بل هو لم يتحلَّ حتى بضعف النساء -وهو خصلة حسنة لديهن-. وأظنه قد سجل في القرن الواحد وعشرين نفس ماسجله (ابو رغال) قبل أكثر من 1400 سنة، وستظل الأجيال تذكر خيانة اللاحق، كما هي اليوم تذكر خيانة السابق.
وأظن من الطريف أن استذكر ما صرح به أثيل بعد انتخاب نوفل حمادي محافظا للموصل خلفه، إذ قال؛ "إنني لا اثق بمحافظ نينوى الجديد نوفل حمادي"..! وأظن أن آخر شخص يتلفظ بمفردة "الثقة" هو أثيلنا هذا، فقد سبق أن أولاه العراقيون والموصليون على وجه التحديد الثقة المطلقة، وسلموه إدارة محافظتهم الغالية أم الربيعين، فكان بئس الموثوق ونعم الخائن. كما أنه زاد في تصريحه شططا إذ قال؛ "أتوجس خيفة منه ولا أستطيع الوثوق به"..! فما الذي تتخوفه منه وأنت بتسليمك ما ائتمنت عليه من أرض ومال وعباد قد سجلت سبقا على الخونة والمتواطئين و (الناقصين) قاطبة..!
لايسعني اليوم إلا أن أذكر بيت دارمي لامرأة بحق رجل خانها، بعد أن وثقت به وسلمته الجمل بما حمل، فقالت له بمرارة:
لا ابن زنا ولاعار دگ دگتك هاي
عالجسر لو مريت اتنگس الماي
aliali6212g@gmail.com
مقالات اخرى للكاتب