المعتاد بل والمعروف عن فيكتور هيكو أنه كان أديبا وشاعرا و كاتبا مسرحيا ورجل سياسة ولكن من غير المعروف عنه أنه كان رسا ما أيضا وله ذوق رفيع في التصميم والدليل على ذلك تصميمه لديكور منزله الباريسي بنفسه والذي أرتأينا أن نزوره للتعرف على أروع ما وصل اليه خياله الخصب من فن وذوق وتصميم.
فبيت هيكو الذي تبلغ مساحته ( 280 ) م2 في ساحة فوج يحتل الطابق الاول و الثاني من بناية أوتيل روان كيمينيه التي تقع بالقرب من ساحة باستيل المشهورة بمهد الثورة الفرنسية، عاش هيكو وعائلته في هذا المنزل مابين عامي 1832)) و 1848)) الى أن توقف عن أستئجاره بعد نفيه القسري الى بلجيكا ومن ثم كيرنسي. فصديقه الحميم بول موريس المنفذ لوصية هيكو هو الذي ترك كل شي لبلدية باريس التي حولت المنزل فيما بعد الى متحف في عام 1903)).
تتم زيارة هذا المنزل على مرحلتين. الطابق الاول، نلاحظ فيه المجموعات الدائمة أو المعارض المؤقتة المتعلقة بالكاتب وهي وثائق أو أعمال متعلقة بكتاباته وخصوصا رائعته أحدب نوتردام بخط يده. أما الطابق الثاني فهو شاهد على حياة هيكو قبل وأثناء وبعد المنفى، فالشعور بالرهبة بل وبالتأثر يغمرنا عند الدخول الى الغرفة الأولى أو المدخل وخصوصا عندما نعلم أننا الآن نخترق جوا حميميا عائليا عاش فيه هيكو ، فاللوحات العائلية للكاتب ولعائلته وشبابه المواظب وزواجه من صديقة طفولته (أديل فوشيه) وولادة أطفالهم الأربعة تغمرنا بذكريات حياة الكاتب وتشعرنا أكثر بالقرب منه كونه أنسانا عاديا عاش حياة عادية كألاخرين ولكن سرعان ما نفاجأ بالذوق الرفيع للكاتب عند دخول الصالة الثانية التي تسمى الصالة الحمراء المغطاة بالسجاد الأحمر جدرانا وسقفا وأرضية، حيث يوجد في هذه الغرفة تمثال لهيكو و لوحة لأبنته ليوبولدين وزوجته وأخرى لأبنه فرنسوا وبعض من أعماله المعروضة على مناضد زجاجية. هاتان الصالتان تمثلان حياة هيكو ما قبل المنفى فتصميم الصالتين وأثاثهما تغيير كثيرا بسبب فترة النفي ، فقد تم بيع أكثر أثاثه في مزاد علني بعد رحيله والتي اشترى بعضها صديقه بول موريس وبذلك أتاح لنا ما نراه اليوم من أثاث في منزل هيكو.
والأغرب مافي المنزل كله هي الصالة التي تسمى الصالة الصينية وهي من تصميم و ديكور الكاتب ، فيبدو منها ان هيكو كان عاشقا للفن الصيني حيث تحتوي الصالة على صور وتحفيات صينية، كما نرى حروف أسمه ألأولى الفاء والهاء التي نقشها على البوفيه بنفسه، أثاث هذه الصالة تم جلبه من المنفى من منزل جولييت دروي التي عاشت أيامها الأخيرة مع الكاتب في هذا المنزل ووجود هذه الصا لة ماهو الا دليل على حبه العميق لعشيقته جولييت.
تلي الصالة الصينيه صالة الطعام التي يشبه ديكورها ديكورات العصور الوسطى وهي فاكهة الخيال الخصب للكاتب التي تبناها أثناء فترة نفيه،هاتان الصالتان تعبران عن حياته في المنفى من خلال تصميمهما والتغير الكلي في ذوقه .و من هذه الصالة يتم الدخول الى صالة اخرى سميت بصالة العودة من المنفى والتي تتمثل بالعودة المنتصرة لهيكو الى فرنسا وقضاءه آخر أيام حياته فيها، فاللوحة الشهيرة للكاتب مع حفيديه جورج و جان معلقة على جدران هذه الصالة ، وتوجد في هذه الصالة الطاولة المشهورة التي تحتوي على محبرة وتوقيع كل من الكتاب الأربعة: فيكتورهيكو و جورج ساند و الكساندر دوما والفونس دو لامارتين والتي أرادت أديل فوشي أن تجري مزادا علنيا لبيعها من أجل التبرع لأطفال كيرينسي الفقراء ولكنها لم تجد من يشتريها فأشتراها هيكو واصبح مصيرالطاولة في منزله .
وأخيرا تأتي غرفة الكاتب ذات اللون الاحمرالتي توفي فيها والتي تحتوي على سريره وعلى المنضدة التي كان يكتب عليها أعظم أعماله ومن الملاحظ عدم وجود كرسي بالقرب من المنضدة ذلك أن هيكو كان يكتب اعماله واقفا على قدميه لساعات وساعات وخصوصا بعد المنفى ولكن غير المعروف عن الكاتب أنه كان يكتب عاريا كي لايخرج من المنزل ويقال أيضا أنه ذات مرة أمرأن يتم أخفاء ملابسه الى أن ينهي كتاباته.