الآن وكما سبق ومع اقتراب انتخابات مجالس محافظات العراق تتردد على سمعنا ذات الاصوات النشاز المدعمة بأجندة اقليمية والتي تدعو الى تأجيل الانتخابات, وبدقة اقولها هي تسعى لافشال اجراء الانتخابات لاختيار مجلس جديد لمحافظة كركوك.
جرت اول وآخر انتخابات لمجلس محافظة كركوك عام 2005 في ظل قوانين الحاكم المدني للعراق “بول بريمر” وانتخب 41 عضوا غالبيتهم كانوا من اعضاء القائمة المتآخية الكردية التي حصدت 26 مقعدا في المجلس, فيما قاطع العرب الذين يمثلون المكون الثاني في المحافظة الانتخابات وكانت نتيجة مشاركة العرب غير المرغوب بها هو الحصول على 6 مقاعد وهي اقل من النسبة التي يستحقها هذا المكون، وصب هذا في صالح المكون التركماني الذي حصد 9 مقاعد في المجلس وبذلك ضمنوا المركز الثاني من ناحية التمثيل في مجلس المحافظة فيما تراجع العرب الى المركز
الثالث.
في داخل كل مكون من المكونات الثلاثة اناس يسعون الى عرقلة واعاقة اجراء انتخابات جديدة لمجلس المحافظة تحت مختلف الذرائع التي لا اساس لها لأنهم يعرفون ثقلهم الحقيقي، في الوقت الذي اعلنا فيه عن عدم معارضتنا لاجراء الانتخابات مما حرم الكركوكيين في عامي (2009 - 2013) من حقهم الدستوري في انتخاب ممثليهم وتحديث مجلس محافظتهم, وللاسف الحكومة العراقية ومجلس النواب العراقي وقعا تحت تأثير هذه الاصوات النشاز, فالحكومة العراقية تسعى الى اصدار قانون مخالف لمواد الدستور العراقي حيث اعدت مسودة قانون مع اقتراب موعد الانتخابات وارسلته الى البرلمان وجاء في مادته بالرقم (37) “اجراء انتخابات مشروطة”, فيما تطالب الاصوات النشاز باصدار قانون خاص لانتخاب مجلس محافظة كركوك؟!, وهكذا اجريت الانتخابات في عموم محافظات العراق واقليم كردستان وبقيت كركوك خارج النظام الاداري العراقي لان شكل ونظام الادارة فيها مختلفان عن محافظات العراق الاخرى بما فيها محافظات اقليم كردستان.
الدستور كتب لكل العراق وينظر بعين واحدة لكل المواطنين دون تفريق على اساس الدين او المذهب او القومية او الجنس او اللون, لذا فان القوانين يجب ان تكتب للجميع واي قانون سيفقد قيمته اذا ما استثنى احدا تحت اي ذريعة ويعد مضمونه غير
مقبول.
الكركوكيون بكل تلاوينهم ومكوناتهم صوتوا للدستور العراقي, ولكن, وللاسف, الحكومة العراقية والبرلمان العراقي حرما الكركوكيين من حقوقهم الدستورية؟! وهذا امر لم يعد موضع قبول مطلقا.
اذا كانت كركوك محافظة عراقية كما يدعون فان انتخابات مجالس المحافظات يجب ان تشملهم وبلا تردد وبلا شروط, وان من يدعو الى قانون انتخابات خاص بكركوك انما يريد ذلك من اجل توزيع المناصب في كركوك وفق قانونه الخاص وليس وفق النسب, وبهذا يكون من حقنا ان نطالب بقوانين خاصة لمحافظات نينوى وصلاح الدين وديالى وبغداد، لان نسبة الكرد في محافظة ديالى هي مماثلة لنسبة العرب في محافظة كركوك, ونسبة الكرد في محافظة صلاح الدين هي مماثلة لنسبة التركمان في تلك المحافظة, ونسبة الكرد في نينوى مماثلة لنسبة الكرد في كركوك, ولبغداد نسبة لكل المكونات فيها.
لذا قررنا نحن ككركوكيين اما ان يجري التعامل مع كركوك كباقي المحافظات فيما يخص حقوقها الدستورية, او يتم وضع نسب خاصة للكرد ومثلما في كركوك في بقية المحافظات التي اشرنا اليها, واننا اذا لم نفعل ذلك فان كركوك ستخرج عن اطار النظام الاداري العراقي لان اعطاء اي خصوصية لكركوك سوف يخضعها للمخططات الاقليمية الساعية الى عزل كركوك عن العراق واقليم كردستان, وهذا يولد ابعادا خطرة للعراق كدولة وللكرد كقومية او كمكون اساسي في
العراق.
اذا كانت هذه الجهود تسعى الى تحجيم الكرد في كركوك فان على القائمين على هذه المخططات ان يتذكروا ان صدام حسين بكل جبروته وكل سياسات التعريب والترحيل وتدمير وازالة القرى, مع اقتطاع اربعة اقضية كبيرة من المحافظة وهي (كفري, كلار, جمجمال, طوزخورماتو), اضافة الى تغيير قومية الكرد الى عرب لم يتمكن من النجاح وتحولت احلامه في تقليص حجم الكرد وتعريب كركوك الى فقاعة.
علينا ان نقر هذه الحقيقة وهي ان العراق ما بعد داعش ليس هو العراق ما قبل داعش, وان الكركوكيين قرروا ان ينتخبوا مجلسهم وان يضخوا دماءً جديدة الى هذا المجلس, وان المجلس الحالي قد انتهى زمنه, وسيدخل موسوعة غينيس للارقام القياسية كأكبر مجلس في تاريخ مجالس العراق
سنا.
مقالات اخرى للكاتب