يوما بعد آخر يتقدم الشباب ليحتلوا مواقعهم في منصة القيادة كجزء من استحقاقات الزمن، حتى وان تردد البعض في منحهم هذا الدور او تأخروا هم في المبادرة للحصول على موقعهم، فالضرورة التاريخية والواقعية تفرض علينا وعليهم التقدم لحمل الراية،
فوجود الشباب في موقع المسؤولية في مثل هذا الظرف يبعث فينا الأمل من جديد بأننا ما زلنا قادرين على تجاوز الأزمة وعبور المِحنة كون الشباب هم المادة الأساس لأي فكرة ، فكل رؤية لا يتبناها الشباب تشيخ وتتراجع وتذبل وتفقد قدرتها على التقدم والعطاء، ووجود الشباب في واجهة الحدث اليوم هو إشارة حياة حقيقية خصوصا ان التحديات التي تواجه شعوبنا صارت عابرة أيضا للحدود والخطر الذي يواجه دول المنطقة تشكل بطريقة تدفعنا للتكاتف والتعاون ورسم خطة
موحدة.
لقد أكد الشباب العراقي خلال مرحلة الأزمة قدرته الفائقة على تحمل المسؤولية في اصعب الظروف والاوضاع الانسانية والأمنية، حيث شكلت مجموعات شبابية فرق اغاثة عملت بشكل دائم مع المنظمات الدولية والمحلية والحكومية، وكان للشباب الدور الفاعل في مواجهة العدو من خلال حمل السلاح ان كانوا في القوات العسكرية والأمنية الرسمية او في القوات الشعبية المتطوعة وقد قدموا ارواحهم فداءً للوطن ايمانا منهم بقدسية حماية وطنهم والذود عنه بما يملكون، وما زالوا الى هذه اللحظة يقومون بشرف الواجب الوطني، وغير ذلك من شرائح شبابنا في مجالات الدراسة والأدب والفن والثقافة، حتى صار الشباب العراقي مثالا للعطاء والابداع رغم كل ما واجهوه من ظروف وأوضاع صعبة قياسا بما يتمتع به أقرانهم من شباب العالم في البلدان المستقرة، وهذا ان دل على شيء فإنما يدل على ما يحملونه من إرادة استثنائية تليق بمن ينتمي لحضارة تمتد في عمق الزمن ستة آلاف عام وصاحبة اول مسّلة للقانون على وجه
الارض.ان اختيار انعقاد قمة الشباب العربي لدورتها الثانية في بغداد قبل أيام، كان اختيارا مهما أكد ايمان البيت العربي منظمات وشعوبا بضرورة الدور العراقي في هذه المرحلة، وفي الوقت ذاته سيعمل بمرور الوقت على إحباط كل جهود عزل العراق عن مجتمعه العربي والاقليمي، من خلال التشويش على حقيقة الواقع العراقي وتصوير العراق على انه ساحة حرب ليس فيها أي ملامح للحياة ومحاولة تعتيم كل مظاهر الاستقرار التي تشهدها معظم مناطق العراق، وحتى تلك المناطق الي تحررت مؤخرا، حيث عادت الجامعات الى العمل في محافظات صلاح الدين والانبار وكذلك استطاعت مناطق كثيرة ان تثبت حبها للحياة والإيمان بها ومواجهة كل محاولات فرض بيئة الموت والقتل والخراب والدمار.
ونحن نتطلع ونعمل في الوقت ذاته ليأخذ الشباب دوره في المرحلة القادمة بكل جدارة واقتدار ومسؤولية، ونرى ان الأخذ بزمام الامر يكون من خلال نافذة العمل السياسي والانخراط فيه بشكل نوعي وواسع فالساحة أصبحت مفتوحة امام دماء شبابية تكون قادرة على إحداث فرق واضح في الأداء السياسي والتنفيذي، ونحن نعمل بجدية لدعم تغيير عمر الترشح ليستوعب اكبر شريحة شبابية تنافس في الحقل السياسي وتدفع بكفاءات جديدة مبدعة، وقادرة على استيعاب الأخطاء الماضية وتصحيح
المسار.
مقالات اخرى للكاتب