ما شكا منه رئيس الوزراء يوم 2017/3/3 من وجود البعض ممن يحاول تحشيد المحافظات للتجاوز على القانون اثناء استقباله وفد الاعتذار الواسطي المؤلف من حكومة واسط وبعض الاهالي له دلالات كبيرة وخطيرة وهي حالة وان كانت مشخصة منذ مدة ليست قريبة ولكن رئيس الوزراء كعادته لا يبدي شكواه من شيء الا بعد ان يتجاوز ذلك الشيء الحد المعقول والمقبول والحقيقة ان اصول هذا التحشيد المحافظي يعود الى 2007 عندما تمت كتابة هذا القانون رقم (19) لسنة 2008 وتعديلاته بعد ذلك حيث تجاوزت صلاحيات المحافظات الصلاحيات المقررة لها في المادة (122) من الدستور والتي انحصرت في الصلاحيات الادارية والمالية فقط دون الصلاحيات الاخرى التي تدخل دستوريا في صلاحيات الحكومة الاتحادية في بغداد فمثلا قرر هذا القانون اعتبار المحافظ رئيس اللجنة الامنية ومارس مجلس المحافظة صلاحياته على هذه الاجهزة خلافا لاحكام الفقرة ثانيا من المادة (110) من الدستور التي قررت ان هذا الموضوع يدخل في اختصاص الحكومة الاتحادية فقط.
واختصاص الحكومة الاتحادية في القضايا الامنية والعسكرية مقرر في دساتير العالم حتى في الدستور الامريكي والدستور الالماني الذين يعتبران الانموذج فالقانون في هذه الحالة تجاوز اللامركزية الادارية ووصل الى الاتحاد التعاهدي الكونفدرالي وليس الفيدرالي فقط والامر ذاته يقال عن نواب بعض المحافظات اذ غالبا ما يجتمع نواب محافظة ما ويلتزمون مطالب المحافظة في حين ان الدستور في المادة (49) قرر ان عضو مجلس النواب يمثل الشعب العراقي باكمله ولا يمثل محافظته فقط كذلك فان الامر تجاوز ذلك الى سلوك بعض المحافظات باقتصار الوظائف على سكان تلك المحافظة سواء كانت تلك الوظائف جامعات او مشاريع نفطية او موانئ ولم يقتصر الامر على الدوائر المرتبطة بالماحفظة فقط خلافا لاحكام المادة (14) من الدستور التي تقرر ان العراقيين متساوون امام القانون فبامكان ابن العمارة ان يكون استاذا في جامعة الانبار ويكون ابن صلاح الدين في جامعات البصرة ولكن الواقع خلاف ذلك ووصل الامر الى حد قيام بعض المحافظات بطرد الموظفين المعينين من الحكومة الاتحادية في هذه المحافظات وفي الدوائر الاتحادية بحجة انهم ليسوا من ابناء هذه المحافظة.
ولا نقول ان المطالبات وصلت الى حد المشاركة في المشاريع الاتحادية كالموارد المائية والنفط والكمارك التي تكون من اختصاص الحكومة الاتحادية دون ان يعلم الجميع انه بتصرفه هذا بدأ بتقسيم العراق اذ طالما ان استاذا جامعيا من البصرة لا يستطيع الحصول على منصب في جامعة الانبار والاستاذ الجامعي من ديالى لا يستطيع الحصول على منصب جامعي في المثنى فهي القدمة الاولى والخطوة الاولى في تجزئة العراق وتقسيمه لا بل امتد الامر في المحافظات الى الاستحواذ على الاراضي المسجلة في دوائر التسجيل العقاري باسم وزارات اتحادية ويا ليت ان يكون ذلك بمصلحة شعب المحافظة.
ولكنها في اغلب الاوقات ذهبت الى استثمارات لا تحقق الفائدة لشعب المحافظة وبذلك فان الطائفية المحافظية والمناداة بها وعدم اعتبار حقوق وامتيازات للمحافظات الاخرى وللحكومة الاتحادية خلاف الدستور والقانون شيء يمثل ضررا واثرا اكثر من التطرف الطائفي بدليل ان التطرف الطائفي قد يشمل عددا من المحافظات ولكن التطرف المحافظي يشمل محافظة واحدة فقط ويكفي للتدليل على ذلك ما كان ينادى به في اقليم الجنوب ومن ثم انحصر الى اقليم البصرة والناصرية والعمارة والان انحصر بواحدة من هذه المحافظات وليس المحافظات الاخرى نعم من حق المحافظة المشاركة في الحقوق والحصول على الاموال طبقا للامركزية الادارية المقررة في الدستور.
فمن حق شعب المحافظة التمــــــتمع باموال العراق باجمعه ولكن ذلك يجب ان لا يكون على حساب حــقوق المحافظات الاخرى وحقوق مواطني المحافظات الاخرى وحقوق الحكومة الاتحادية فالمطالبة بالحق شيء والتعسف بهذا الحق بشكل يرفض حقوق المحافظات الاخرى مما لا يمكن قبوله دستوريا وقانونيا .
مقالات اخرى للكاتب