يريدها البعض حربا لا هوادة فيها تنتهي بانتهاء احد الطرفين ويفعلون كل ما بوسعهم ان تأول الى ذلك..ويسير هذا البعض بمنطق عصابي يفتقد الى الواقعية والحكمة والاحساس بالمصلحة ولن يكون له مايريد في نهاية المطاف فالعرب موجودون بجوار الفرس منذ الاف السنين وسيبقون الى ان يرث الله الارض ومن عليها ..ثم لن يتبخر عشرات ملايين الشيعة ولن يندحر مئات ملايين السنة من الخريطة ولن يزحزح احدهم من هنا او هنالك.. وسيظل الشيعة وستظل السنة ككتل بشرية كبيرة لايفقه كثير من اتباعهما الفروق الاساسية بين نظرية السنة والشيعة انما هي الاحاسيس الطائفية الجاهلية التي تتحكم في مشاعر عامة الناس كمشجعي فرق كرة القدم والذين يصل التعصب لديهم احيانا ما الى الاشتباك الذي يودي باشخاص ضحايا التعصب المقيت فيما يتعانق اللاعبون من الفريقين بالاحضان..
ولكن كما ان لكل شئ موسم تنشط فيه تجارته وتتالق بضاعته فالموسم اليوم موسم الصراع المذهبي والقومي حيث اقامت الادارة الامريكية والادارات الغربية سوقا كبيرا تروج فيه بضاعة التفرقة والقتل والارهاب وفي هذا السوق ينشط تجار كبار واخرون سماسرة واخرون دون ذلك من صغار التجار والبزنسية حتى اصبحت التجارة بحرب الشيعة والسنة او ايران والعرب ذات مردود عال للساسة الصغار والكتاب الصغار والمثقفين الصغار ولو نزعت منهم فتائل هذه الحرب لبحثوا عن حرب اخرى بين العرب انفسهم وبين السنة انفسهم وبين الشيعة انفسهم وبين الايرانيين نفسهم.
المؤسف حقا ان جهات في جمهور السنة والشيعة ينساق خلف سياسيين لاذمة لهم ولا قيمة لدين او مذهب فيلوكون الالفاظ البذيئة وغير العلمية في حق المسلمين ومع ان الامة مرت بمثل هذه الفوضى في تاريخها بين اتباع المذاهب الفقهية بل بين اتباع المذهب الواحد وكادت العصبيات ان تهلك الامة رغم ذلك الا انه كان ينبغي ان لانعود الى مثل تلك الفترة الرديئة من عمر الفقه والثقافة الاسلامية..نحن اليوم في عصر التفتح العلمي وعبقرية العقل المادي نواجه تحديات كبيرة تعصف بوجودنا جميعا فكان ينبغي علينا ترتيب اولوياتنا وهنا ليس المطلوب توحيد التسنن والتشيع ولا دمج العرب بالفرس ولكن المطلوب اليوم البحث عن المشترك في الثقافة وهو القسم الاكبر لدي ثقافة الفريقين ومن ثم نبحث عن المصلحة فنجدها متطابقة وواحدة لكلا الفريقين .
تاريخيا كانت الأمة لا تقيم وزنا لهذه الروح التمزيقية فلقد كان علماء الأمة عربا او فرسا أو كردا أو أمازيغا هم أئمة الأمة يتقدمون بما لديهم من علم وحكمة يتصدرون الافتاء والتعليم والسياسة أكرمهم أتقاهم وأكثرهم علما.. واعتزت الامة بعلمائها في الفيزياء والكيمياء والرياضيات والطب وهي لا تعرف من اي الاقوام هم ولا لاي المذاهب يتبعون..
هناك مغالطات كبيرة في هذا الموضوع اذ انه ليس كل الايرانيين فرسا وليس كل الايرانيين شيعة فمن الايرانيين عرب وبلوش واكراد ومن الايرانيين نسبة كبيرة من اهل السنة كما ان العرب ليسوا كلهم اهل سنة فمنهم الشيعة وهم نسبة معتبرة في العراق وسوريا والسعودية واليمن وسواها ..ومن هنا يصبح التصنيف بان ايران هي الشيعة وان العرب هم السنة توصيفا من الناحية العلمية خاطئا..ثم انه لايوجد قطيعة بين الثقافتين بل تداخل كبير بينهما فالامة السنة والشيعة العرب والفرس والكرد والترك والامازيغ كلهم مجمعون على رسول الله نبيا ورسولا وعلى القران كتابا موحى به من الله نزل على محمد صلى الله عليه واله وسلم وان ال بيته مطهرين وقد رفع الله عنهم الرجس وهم الاقرب لقلوب كل مؤمن بالله ورسوله..وان اركان الاسلام الشهادتين والصلاة والصيام والزكاة والحج لمن استطاع سبيلا هي الاركان التي يجمع عليها المسلمون جميعا بكل مذاهبهم واقوامهم وان المحرمات من قتل وزنا والسرقة والخمر وقذف المحصنات وشهادة الزور هي محرمات لدى الجميع..كما ان الجهاد قائم لدى الجميع لاينكره احد فماذا تبقى الا وجهات النظر التي لاتخل بروح النصوص ولا صريحها انما هي تاويلات يحتملها النص.
هناك سؤال نريد ان نوجهه لاصحاب مشاريع الطائفية المسلحة في العراق او سوريا او لبنان سنة كانوا او شيعة ماذا عساكم تحققون؟؟ هل بامكانكم انهاء الطرف الاخر هذا فضلا عن اسئلة كثيرة لها علاقة بالشرع حلاله وحرامه..اذا امتلكتم فتاوي التحليل في القتل وامتلكتم كل سلاح فتاك هل تنهون الفريق الاخر..ثم ماذا تريدون ؟؟ هل تريدون اشعالها حربا في كل دولة عربية واسلامية في سوريا والعراق والسعودية والبحرين وباكستان وافغانستان واليمن....الخ؟ ثم ماذا ايها المجانين؟ الى اين تقودوا امتنا فيما مشاريع الغرب بايديكم تنفذ لتقطيع اوصالنا؟
هو احد سبيلين..اما البحث عن اسباب الفرقة والاختلاف والتنابز والاحقاد وسنجد ان لها مادة موجودة في كتب المهرطقين من الجانبين وفي فذلكات المهابيل المجاذيب وحينذاك نجيش الامة لفتنة لاتبقي ولاتذر نتقاتل على كلمات وعلى امزجة الرجال.. ماهذا الغثاء القاتل؟ كيف نترك للمجانين في امتنا ان يقودونا الى المهلكة.
هناك سبيل اخر .. ذلك ان نبحث عما يجمعنا ويوحد صفوفنا او يجعلها متقاربة ونشيح باوجهنا عما يغرقنا في الاختلاف لاسيما واعداء امتنا يفرقوننا ولكن لا يفرقون بيننا بصواريخهم وقنابلهم فكلنا امامهم فريسة..هذا السبيل هو السبيل الى القدس والطريق اليه .
لكي نكون واقعيين اقول ان من يريد ان يسلك احد السبيلين سيجد له من كلا الفريقين انصارا وسيجد له في ثقافة كلا الفريقين كلاما مؤكدا على توجهه كما انه سيجد في كل فريق ما ينافره ويباغضه وينكر عليه سبيله..لهذا فليختر كل من اراد الاختيار اما ان يشعلها نارا في الامة واما ان ينشرها سلاما واخوة ولتترك مجالات الاختلاف العلمي لاهلها في اضيق الدوائر.
ايران والعرب اخوة في الحضارة الواحدة والتاريخ المشترك اما الشيعة والسنة فهم اخوة في دين الله وسنة رسول الله وكل من اتى منهم بخطأ في الفهم او العمل فهو مردود عليه ولكنه لايخرجه من صف الامة.. وأما الادارات الغربية على راسها امريكا والكيان الصهيوني- وهو ينتمي للغرب- هم العدو .
والقدس هي برنامج العمل والوحدة، وتحريرها مناط التكليف لكل ابناء الامة عرب وعجم سنة وشيعة فهل من معتبر؟؟
مقالات اخرى للكاتب