قراءة في ابعاد مناورات "مقتدى الصدر" اقتحام البرلمان ...المخطط والتوقيت
السبت, أيار 7, 2016
د. فاضل الخرسان
التمهيد : "فوضى خلاقة" ، افضل ما يمكن به ايجاز وتوصيف نتائج المشهد السياسي الحاصل في العراق اليوم ، وهو ذات المنهج الذي ابتدعته وعملت على تطبيقه دوائر الاستراتيجية الامريكية في دول المنطقة، والذي كثيرا ما سار بمستويين متوازين ، الاول ظاهري يطفو على السطح يعكس حالات عدم استقرار في المشهد السياسي تتصاعد فيه الخلافات والصراعات والنزاعات المستدامة، وتصنع دوافعه وفق تنمية المصالح المذهبية والقومية والفئوية والمنافع السياسية بين الاحزاب والكتل والمكونات السياساسية ويقع اسير تنفيذه شخصيات هزيلة في مستوى وعيها وافتقارها نضج التجربة السياسية لتكون ادوات مسهمة في تعميق الخلاف وتنمية خيوطه وتعمل على تقيد العملية السياسية وتركها مقيدة ومأسورة بالمشاكل من دون ان تتشارك بوضع حلولها. اما المستوى الثاني هو الذي يتخفى بعيدا عن السطح، ويتوارى عن الانظار وتداراوراقه في اقبية سياسة ودهاليز الدولة العميقة، ويعمل بمخططات واستراتيجيات بعيدة المدى تنفذ من قبل نخبة من اصحاب القرار في دول الهيمنة الكبرى ، وفق اولويات يضعون فيها مصالح دولهم وشعوبهم في مرمى الهدف ، وينتخبون لها من مناطق العالم دولا تؤشر فيها معطيات ما ينسجم مع المشاريع المطلوب تحقيقها ، وما يسهل تنفيذ سيناريوهاتها في الهيمنة والاستحواذ على مصادر ثرواتها والسيطرة على مقومات نفوذها الاستراتيجي ، بعد فرض الوصاية الكاملة على محاصرة انظمتها السياسية والاشراف الكامل على تسيير مواقفها في ادارة مشهدها السياسي بما يتفق والمصالح العليا للدول الكبرى. وهي بذلك تضع في سلم اولوياتها العمل بقوة على توريد وتصعيد شخصيات سياسية او دينية او قبلية او عشائرية او عسكرية لمستوى السطح الاول ، تنتخبهم منهم بعناية فائقة، شخصات محددة من اجل ايصالها الى سدة الحكم اوزرعها في مواقع صنع القرار ، وتدفع بالاخرين وفق مبدأ الولاء والارتباط بمصالحها وتتحكم بادوارمواقفهم ومضمون خطابهم ونوع تحركهم ، وتبني خياراتهم بتوجيه دقيق تختار لها التوقيتات والظروف المناسبة. وكثيرا ما تتحول شعوب هذه الدول الى حطب لمناوراتها وجسور تعبر من فوقها لتحقيق المشاريع المراد تنفيذها بعد ايصالها الى مراحل تبدأ تشعر به باليأس من تحقيق طموحاتها ، فتجد نفسها محاصرة الارادة وتجبر لقبول خيارات قاهرة تندفع للتظاهروالاعتصام والعصيان حتى تصل مرحلة الصدام المسلح ،من اجل تحقيق احلام وامال تكون مضطرة لقبول اي وجه من اوجه معالجاتها، وان انتهت بما خططت له مصالح دول الهيمنة ، للقبول بمشاريع الاقلمة والانفصال والتقسيم كحلول للخلاص !! هكذا هي معالم ما يحصل في مألات المشهد السياسي الحاصل في العراق اليوم على خلفية مناورات السيد "مقتدى الصدر" التي تسيدت المشهد السياسي في الاعوام الاخيرة لتصل الى خطواته الاخيرة التي بدأت للكثيرين في مستوى ظاهرها الاول عفوية وجماهيرية ووطنية في شعارها ومتبنياتها الاصلاحية دون ان تكشف ما تستبطنه من اهداف وابعاد تحمل مخططات الدولة العميقة والمتخفية خبايها في المستوى الثاني، وهو ما نريد كشف ابعاده واهدافه في هذه القراءة . اولا/ مراحل تشكل التيار وتكوينة:- مراجعة سريعة لتاريخ ليس بالبعيد، تكشف حقيقة تشكيل وتكوين ما سمية بعد ذلك بظاهرة التيار الصدري ، والذي ارتبط اسمه بنهضة المرجع الشهيد "محمد محمد صادق الصدر" الذي لغز النظام الصدامي وتحداه في مواجهة جماهيرية جريئة، حركت من ركود الجماهير ، وايقضت فيها صحوة مقارعة الانظمة المستبدة بدافع اسقاطها ، لينتهى شهيدا كما هو مصير سلفه المرجع الشهيد " محمد باقرالصدر" الذي كان له السبق في اول مواجهة للنظام الدكتاتوري . واذا كانت نهاية المرجع الشهيد "محمد باقر الصدر" قد ايقضت من بعده شعلة وحماسة كوادرحزبه الذين استمروا بوعي منهجي مدروس في مواصلة مسيرة تحدي نظام حكم الطاغية صدام المقبور القمعي، واستمروا على مواصلة مسيرتهم الجهادية في ايجاد معارضة قوية له دفعوا خلالها الاف من الشهداء وانتهت بالقسم الاكبرمن كوادرهم في مطامير المعتقلات واحواض التيزاب والنفي ، لكنهم لم يهادنوا ولم يتراجعوا عن منهجهم الحركي والثوري، حتى بانت تباشير اسقاط نظام البعث ، ليكونوا من اوائل الواصلين للعراق من طلاع القوى السياسية المتصدية لبناء نظام سياسي ديمقراطي. لا ان حركة المرجع الشهيد "محمد صادق الصدر" وبسبب غياب اسس وحركية التنظيم الممنهج، لم تتهيىء لها الاسس والمرتكزات والشخصيات القادرة على الاستمرار في مواصلة ما بدأه السيد الشهيد في مقارعة الانظمة المستبده وتحقيق منهجه الاصلاحي ،وبقيت مواصلة مسيرته مرهونة بجهود الصف الاول من اتباعه المتفانين معه والمخلصين لنهجه ، سرعان ما انقضت عليهم حفنة من الشخصيات النفعية والوصولية اخترقت جسد التيار وازاحوا كوادره المقتدرة ووجدوا في الشاب المغمور" مقتدى الصدر" والابن المتبقي للمرجع الفرصة المناسبة ليلتفوا من حوله بعد ان اكبروا فيه الزعامة وانهضوا فيه المقدرة على تبني قيادة التيار بحجة المحافظة على رمزية أل الصدر والاستمراربمنهج والده ! وكان من نصيب نجاح هذه المناورة التي لم تغيب عنها المخططات البعثية والخارجية التي اندست في التيار نجاحهم ، بعد خلعهم الزي الاسود وارتداء الاكفان البيضاء، تشكيل النواة الاولى لفصائل "جيش المهدي"وكان اغلبهم من فدائي صدام وعناصرنظامه من قوى الامن واجهزة المخابرات والاستخبارات وبعض ضباط ومنتسبي الجيش العراقي السابق في بغداد والمحافظات ركبوا الموجة مع التيار من اجل مواجهة الامريكان !! وكانت تلك واحدة من ابرز التعليمات العشرة التي اوصى النظام الصدامي ازلامه بالتقييد بها بعد رحيله والمتمثلة بدعوة كوادر حزب البعث المقبور ورموزمؤسساته القمعية الاندساس والالتحاق بالتنظيمات والاحزاب الدينية والسياسية وركوب موجتها ، لتشكيل خيوط الدولة العميقة وهو ما تحقق بامتياز داخل التيارالصدري بعد ان تلحف ببطانته الالاف من رموز النظام السابق يشكلون اليوم الصف الاول من قادته ورموز تشكيلاته !! ثانيا / من هو جمهور التيار؟ :- تشكل الجماهير الملتفة خلف اي تنظيم او تيار او حزب سياسي المرتكز الاساسي لتاثيره وقوة بسط نفوذه في الساحة السياسية ، بغض النظرعن حجم معرفته واستيعابه او فهمه لحقيقة منهجيته ومتبنياته وشعاراته والاهداف التي يعمل على تحقيقها فهو جمهور تهيمن على ارادته العواطف وليس الافكار. وتوفرت للتيار الصدري شعبية جماهيرية عريضة من عوام الناس البسطاء التي وقع عليها حيف وقسوة النظام السابق شعرت في تاريخ حكمه بالظلم والتهميش والاقصاء خلافا للمكونات الاخرى سرعان ما وجدت في رمزية شاب حمل اسم وتاريخ مرجع كبير قارع النظام الدكتاتوري من اجل المطالبة بحقوق المستضعفين والفقراء منهم ، فاندفعت بعفوية تحلم وتنشد الخلاص على يد نجله فأيدته وتياره والتفت حوله بقوة دون التبصر والتمحيص بمنطلقاته واهدافه ورسالته ، فكانوا طعما واداة جيدة وفرلهذا الشاب خامة طيعة استطاع توجهها بتبعية عمياء لم تتوفرلاي زعيم ديني او سياسي اخر، ورهنت مصيرها به بانقياد مطلق ، رغم وصفهه ونعتهه لهم بـ"الجهلة " في اكثر من مناسبة جهارا وعلانية حتى صاروا مثار تندر، يوصفون بالاتباع العميان يسيرون خلف زعيم شاب سيطر على عقولهم ومشاعرهم بلا حبل ولا بصيرة ،وصلت الى حد فاق كل التصورات عندما ظهروا وهم يقبلون ابدان وعجلات سيارات زعيمهم وتهافتهم من اجل الاحتفاظ بقطعة من مخلفات اشياء خيمة اعتصامه للتبرك بها !! انها جماهير تحب وتطيع وتذعن وتتحرك بلا وعي وبلا رشد !! وهو اقوى مصدر واخطر سلاح يمكن لجهة تملكها . اما جمهور الكادر الخاص في التيار، فهم حفنه من الساسة المرتزقة واللصوص النوعيين ركبوا موجة التيار، ووجدوا في زعيمه ، بسبب هزالة وعيه وضحالة تجربته في العمل السياسي، الحلقة الاضعف والفرصة الارحب لتحقيق اغراضهم ،والوصول الى مكتسبات ومناصب عليا في الدولة كانوا فيها من ابرز الفاسدين فيها ، واشدهم سلبية وخطورة على العملية السياسية واقدرهم على التلون بشعار الاصلاح وهم في قمة تربعهم على عناوين الفساد ،من خلال هيمنتهم على وزارات ومواقع حساسة تحولت الى مصادر اقتصادية لتمويل التياروجيوبهم،وتسببوا من خلالها بشكل مباشر في تعطيل وتهديد العملية السياسية عبر مناورات الانسحابات المتكررة لوزرائهم ونوابهم من مجلس الوزراء وتعطيل عمل السلطات التنفيذية والتشريعية وممارسة ضغوطهم المستمرة للسلطة القضائية بالترهيب والاكراه والقتل،الذي كانوا يمارسونه في رابعة النهار وبمرأى ومسمع من القوى الخارجية والداخلية والتي كانت مواقفهم اتجاه ما يقترفه التيار، منقسمة على اكثر من هدف، منها النفاق لمغازلة التياروالاستفادة من مناوراته للضغط على خصومهم، او لاضعاف العملية السياسية واخضاعها لهيمنة القوى الخارجية ولشق وحدة الصف الشيعي اولاستمالة مواقف التيار لتحقيق اجندات خارجية كثيرا ما كان وما يزال زعيم التيارالصدري بطلا فيها. وفي كلا الصنفين، الجمهور الشعبي والكوادر الخاصة، فان التيار يستحوذ على النسبة الاكبر مما يمكن ان نطلق عليه بالجمهور السلبي المعطل . ثالثا / تركيبة العمل السياسي للتيار: - في كل حراكه خلال السنوات التي لحقت سقوط النظام وحتى وقتنا الحالي يسهل للمتابع توصيف حراك التيار الصدري ومواقف زعيمه بالـ "الحراك المعطل" ! وليس " الحراك المعارض". ومع ان حالة المعارضة تشكل مستوى متطور في وعي وارادة اي تشكيل سياسي وفهمه لمتطلبات العمل السياسي الناجح والمؤثر، عندما يختار مفهوم المعارضة منهجا لبناء وتقويم مجريات العملية السياسية بما يشكل رقابة ايجابية على اداء الحكومة وترصين مقومات نجاحها لصالح الشعب. الا ان التيار الصدري لم يك يوما في خانة هذا التوصيف بالمطلق ، بل كثيرا ما كان يتلبسه بدافع تحقيق مفهوم" خالف تعرف "دون وعي لمستوى تبرير خطوات التعطيل الذي كانت فيه مواقفه تعبر عن خلافات ضد قرارات او مواقف كانت تريد الحكومات او الكتل السياسية التوافق بشانها او الاقدام عليها من اجل مصلحة عليا ، سرعان ما كان التيار ينقض لتعطيلها، وسط غياب التبرير المنطقي وهزالة وفقر الاسباب وغياب الاراء البديلة . بل كان يعمد على مواجهتها بالتعطيل بدافع الاثارة والابتزاز للحصول على مكاسب نفعية ، كثيرا ما كانت ترتهن وترسم بمواقف شخصية لزعيمه ، ينقاد جمهورالتيارلتاييدها وتبنيها وهو معصوب الاعين دون ان يعي اسباب ومصلحة ما خرج من اجل تاييد او تعطيله ! وفي مراجعة سريعة لبعض هذه المواقف يتضح جليا هذا النهج ، فاحد ابرز ما كانت تتصف به مواقفه هو معارضته للوجود الامريكي ،ومطالبته باجلاء قواته من العراق وعدم التسليم باي وجود لهم فيه! وهو احد مبررات تشكيله لفصيله العسكري المسمى" جيش المهدي" الذي انشأ لمقاومة المحتل سرعان ما تحول بسبب العناصر الاجرامية المندسة به الى فصيل قمعي استطاع الهيمنة والسيطرة على موارد الدولة في مختلف المحافظات واول من ركب موجة الفتنة الطائفية في العراق، لكن زعيم التيار كثيرا ما كان يدافع عن تصرفات جيشه السلبية ويمررمواقفه وتبرير افعاله بحجة مقارعة الاحتلال ! اسلوب مقارعة المحتل الامريكي ،بددته وفضحت اوراقه مواقف التيار الفاضحة وشكلت علامة فارقة في التشكيك بصدق اهدافه ،عندما ترك فكرة مقارعة المحتل ليدير اسلحته باتجاه الاجهزة الامنية الحكومية ، بعد ان ابدى زعيمه انزعاجا ومواقفا عدائية ما انفكت حربها مشتعله الى اليوم جراء تحديه ومعارضته لمواجهة رئيس الحكومة الشيعي "المالكي" وهو يضع حدا لهذه الفصائل التي عاثت بارض العراق فسادا وكادت تسلبه الى الابد امنه واستقراره ووحدته. لكن رئيس الحكومة ، ابدى شجاعة واضحة في تغيير معادلتها بفرضه سلطة القانون واعادة هيبة الدولة ووقوفه بحزم ضد الخارجين والمتمردين على سلطة الدولة من جميع الاطراف ، وضرب بقوة الافعال السلبية للعناصرالاجرامية المندسة في التيار الصدري والتي اعترف زعيمه بموجودهم صراحة ليعن تجميد جيشه ليتخلص من تبعاته القانونية ولينجو من الاستهداف المباشر. وظل على اثرها زعيم التيار وحتى وقتنا الحاضر يضمر العداء والمناكفة لزعيم شيعي كان الاجدى به دعمه وتقوية حكومته وتهيئة سبل انجاح مشروعه الذي بدأه بخطوات فعالة لاعادة بناء الدولة على اسس صحيحة ، لطالما كان التيار الصدري يتبجح في حراكه لتحقيقها كجزء من اهداف التحالف الوطني ، لكنه سقط في اول اختبارعملي فيها. وهوما دفعه ليتصرف بموقف اكثر تخاذلا وتراجعا عبر فيه عن عدم جدية مناورته في مقارعة الاحتلال الامريكي والمطالبة باخراجه من العراق ،عندما تخلى هو وتياره عن الموقف الرسمي الواضح من اتفاقية يوم السيادة التي رسمت وفق البند السابع خطوات انهاء بقاء القوات الامريكية في العراق وعقد اتفاقية استراتيجية معها الا ان الصدر وتياره اداروا ظهورهم لها بحجة عدم موافقتهم على عقد اتفاقيات مع المحتل!! في مشهد اقل ما يوصف به بالغباء السياسي سرعان ما فضحته مواقفهم الاخيرة عندما تلاعب زعيم التيار بمشاعر ومواقف جمهوره وجمهور الشارع العراقي في منازلة سيناريو تحقيق الاصلاحات فقد تبدلت وتغيرت وتلونت مواقفه بعدة مواقف واصطبغت بعدة الوان ، انتهت الى تأييد واضح وصريح للموقف الامريكي والاقليمي الذي فرض ارادة بقاء الرئاسات الثلاثة !! سرعان ما عبر زعيم التيارعن تاييده وتبنيه لها عندما امر نواب كتلة تياره في مشهد عجائبي غرائبي من الخروج من حراك النواب المعتصمين في توقيت غير متوقع ،والتي اجمعت مواقفهم على تبني قرار تغيير الرئاسات الثلاثة ، بعد ان كان زعيم التيار قد بح صوته في المنادات بها ، وجيش الشارع بمظاهرات عطلت مصالح الدولة من اجل المطالبة بتحقيها ودفعهم لرفض تبني اي خيار اخر عندما اطلق مقولته الشعبية الساذجة "شلع قلع " ليتغنى اتباعه فيها ويطبلوا لها نهارا جهارا من اجل الضغط على البرلمان لتحقيقها ! الا انهم ،وفي قمة نشوة احلامهم لتحقيق هذا الشعار فوجئوا وبتوقيت غريب وبموقف مضحك مبكي ظهور زعيمهم بخطاب غير متوقع وفي اللحظات الاخيرة طالب فيه نوابه بالخروج من الاعتصام والعمل على تثبيت الرئاسات الثلاثة !!ومطالبتهم بالتصويت على حكومة اختارهو عناوينها بنفسه ، فتحول شعاره من "القلع" الى "الزرع" في مشهد درامي قل نظيره في عرف السياسة مؤيدا بذلك الموقف الامريكي بامتياز !! هذا الموقف المتلون والفاضح هو استمرار لمواقف سابقة جبلت عليها مواقف التيار والتي كانت تتغيير باستمرار وتتبدل حسب اهواء زعيمه الشخصية فكثيرا ما اقدم على تجميدات واعتكافات واعتزالات وايقافات لجيشه ولنفسه ولتياره ولنوابه ولسياسيه ،لكنه سرعان ما يتراجع عنها بين عشية وضحاها وصت حيرة وصمت جمهوره وقيادته فهي تنفذ وتطيع ولا تناقش طالما كانت "قصاصات الطك" و"اللجنة الشرعية" و"سجن الحنانة" هي الاشباح والعصى التي تلوح بوجوههم. ناهيك عن عزفه المتكررلاسطوانة مشروغة عنوانها الاصرارعل معارضة تولي "المالكي" سدة الحكم في دورتين متتاليتين ،سرعان ما يصبح هو وتياره بمثابة بيضة القبان لحسمها ليستحوذ خلالها في مواقف ابتزازية على وزارات ومناصب اكبر من حجم استحقاقات تياره الانتخابية !! ومن اكثر المشاهد تلونا حصل، عندما كان زعيم التياريحاول فيه الظهور بمظهر الزعيم الوطني المدافع عن مصالح بلده وشعبه وفي الوقت الذي كانت الحاجة فيه تتطلب من الشركاء الاصطفاف بموقف موحد لمواجهة تدخلات اجندات الجهات الاقليمة والخليجية والدولية المناهضة العملية السياسية سرعان ما نفاجىء بزيارات زعيم التيار المفاجئة والمقلقة يظهر فيها مصافحا ومبتسما هاشا باشها بوجه زعماء دول لطالما اعترف الاعداء قبل الاصدقاء بتورطهم في مناجزة العملية السياسية في العراق وتبنيهم دعم التنظيمات الارهابية ،كان الصدر يتواجد في موائد زعمائها ويقبل ايادي وبطون ملوكها وحكامها! ليعود محملا بمال وفير او سندات لفلل اوشقق او طائرة او ارتال سيارات مصفحة، متناسيا حياة والده المرجع التي قضاها وهو يفترش الارض على حصيرة في بيت بسيط وسيارة متواضعة لم تقيه من رصاصت اغتيال ازلام النظام . . واذا تركنا جانبا استذكار العديد من المواقف المتغيرة والمتناقضة فان اقل ما يمكن به وصف العمل السياسي للتيار ، أنها سياسة عشوائية تغيب عنها المنهجية والثوابت ،وتفتقرالى الرؤية الواضحة ويمكن وصفها بالمواقف المرتجلة والنفعية والشخصية المحكومة بمواقف واراء زعيمه وترسم وتتخذ وفق مصالحه واهوائه الشخصية ، وتحدد وفق منافع وتحريض ساسة وقيادات الصف الاول . رابعا / مخططات وتوقيت المناورة الاخيرة هذه المؤشرات تهيء الارضية المناسبة لمعرفة المخططات التي دفعت زعيم التيار لتبني مناورته الاخيرة وركوبه موجة الاصلاحات ومبرراتها ودوافعها واسباب التوقيتات التي اختار فيها اعلان مواقفه ومتغيرات سيناريوهاتها وتبدل مواقيت تنفيذها، سنحاول استعراض ابرز معالمها واسبابها .
السلوك السياسي منذ ان أعلن نفسه زعيما سياسيا كان وما زال مقتدى الصدر يضع نفسه في خانة"المتمرد" وليس "المعارض" لان في كليهما معنى مغايرا للهدف ، كما انه اقرب الى مفهوم السلوكيات السياسية في مجمل ما نتج من تحركاته ولا نقل بمواقفه وتصوراته السياسية لان ذلك مخالف ومناقض لاعراف السياسة ومقوماتها . فقد كان التيارمن خلال توجيهات زعيمه يبدي ويعبرعن هذا السلوك سواء داخل البيت الشيعي "التحالف الوطني" او خارجه حتى في المواقف والحراك المجتمعي والعقائدي كان يغايير ويتمرد على كل شيء ، وهذه السياسية كثيرا ما كانت تلحق الضرر بالتحالف الوطني دون غيره. في جميع الازمات والتحديات التي كادت تعصف بوحدة التحالف ، سواء بالازمات المتكررة لتشكيل الحكومات المتعاقبة او عند مواجهة ازمة سياسية تحصل ، كان التيار الصدري هو اللاعب الاكثر شغبا، ومساومة ، وتهديدا فيها ، وكانت تنتهي بفرض وضع رأيه بكفة الفصل كبيضة القبان ، بعد حصوله على منافع وحصص واستحقاقات اكثر مما يستحقه انتخابيا، ورغم ذلك يبقى متمردا !!. وفي قمة تربعه على ست وزارات واغلبها خدمية ترتبط بمصالح الناس واستحواذه على اعلى نسبة من الدرجات الوظيفية الخاصة في الدولة العراقية منها وزراء ووكلاء وزارة ومدراء عامين ومحافظين ورؤساء مجالس محافظات ومدراء اقسام وهيمنة واضحة على ادارات واقسام المؤسسات الحكومية في بغداد والمحافظات والعشرات من المناصب العسكرية والامنية والقادة والضباط الامنين في وزارتي الدفاع والداخلية، فضلا عن استحواذه على اكبر نسبة من اللجان البرلمانية الحساسة ، منها تراس عناصره لجان النزاهة والامن والدفاع والقضاء في جميع الدورات البرلمانية ، من دون ان يقدم من خلالها اي اصلاح او انتاج يفيد الدولة والحكومة والشعب ، بل كان اغلب وزراء التيار ونوابه وشخصياته الحكومية ورموزه من اشد عناوين الفشل والفساد كما افتضحت الى العلن وبالارقام !! لكنهم كانوا يظهرون في اول صفوف الداعين لمحاربة الفساد والفاسدين واول المجيشين لتظاهرات الاصلاح في الوقت الذي كان فاسدي تياره في مقدمة من يقود هذه التظاهرات والاقتحامات !! ماذا يعني كل ذلك ؟؟ سؤال لابد الاجابة عليه ممهدات المناورة قراءة ومراجعة سريعة لمجمل حراك ونتاج مقتدى الصدر وتياره يثبت ان الرجل فاقد الاهلية ليكون رجل دين محترم السلوك والتصرف أو قائد سياسي او زعيم جماهيري فاعل ايجابيا ، ولم يفلح هو وتياره في تقديم اداء سياسي تصب نتائجه لصالح بلده وشعبه بشكل مثمر وملموس ، بل في كل ما انتجه في السنوات الماضية ،اتصف بالتعطيل والتصعيد وقيادة تظاهرات واقتحامات وتهديدات مستمرة للعملية السياسية دون تقديم اي رؤية واضحة للحلول بل كان في اغلب حراكه ومطالبه وقراراته متناقضا تخالف وتناقض توصياته وقراراته بعضها البعض حتى في الخطاب الواحد !! فعلى سبيل المثال لا الحصر طالب في خطاب يوم 29/ 4 بانسحاب نوابه! ومطالبتهم بعدم التصويت على قائمة محاصصة ! وتجميد تياره! وايقاف العمل السياسي! وقرار الاعتكاف ! وفي ذات الوقت طالب تياره للتصويت على الكابينة التي اقترحها! ثم دعوته ايقاف العمل السياسي للتيار وتجميد كتلة الاحرار !! ودعوته لتدخل اممي لاجراء انتخابا مبكرة تقود لتشكيل حكومة وطنية ! انها برمتها معايير وقرارات ومطالب ازدواجية متناقضة لا رابط بينها ، وهذا يدل بلا ادنى شك ان الرجل "لا يقود، بل يقاد "من قبل مخططات خارجية راسمة لمواقفه ومتحكمه بقراراته وصانعة لمضمون خطاباته التي تكتب بمستويات ومضامين مختلفة وبلغة منتخبة كثيرا ما كان يعيد ممفرداتها بتدريب مسبق لنطقها مشفوعة بحركات تعودعليها سلفا ، سرعان ما تناقضها وتبددها احاديثه المباشرة ومفردات حواره مع الصحفيين او المتحاورين معه والتي تكشف عن ضعف وهزالة تفكير وعدم قدرته لاتمام صياغة جملة واحدة كاملة المعاني والاسلوب، وكثيرا ما كانت تنتهي بعبارات غير واثقة يجوزها بجملة "ان صح التعبير" وكثرة استخدامه لمفردات ومصطلحات سوقية من بنات لغة الشارع ،وهي مفردات بعيدة عن لغة وخطاب وسلوك رجل الدين المهذبة والحكيمة !!! والرجل بتكوينه الشخصي هذا ، ظلت مواقفه وتحركاته الخارجية تتسم بالشبهات والمواقف المحيرة ففي قمة خلافات الحكومة العراقية مع جيرانها بسبب توريدهم لدعم الارهاب الذي كان العراق يكتوي منه بنزيف دماء ابنائه وتدمير وتعطيل بناه التحتية وحرمان تقدمه وازدهاره وكان كثيرا ما يشخص فيها تدخلات بعض دول الخليج ودول اقليمية، الا ان زعيم التيار الصدري كان اول المتوجهين لزيارتها واول الحاضرين في مجالسها مصافحا زعمائها ومباركا خطواتها في محاربة الارهاب !! بل ذهب الى ابعد من ذلك في مواقف قبوله وتشجيعه للاصطفاف مع مشاريع داخلية كانت ترسم سيناريوهاتها بجوار اقليمي لاسقاط العملية السياسية كان يظهر فيها زعيم التيار اول الداعمين لمتبنياتها ومنها على سبيل المثال لا الحصر مؤامرات "سحب الثقة" المتكررة وعقد صفقاتها مع حلفاء السيد "البرزاني" الذي وجد في مقتدى الصدر خير عون للتمرد على حكومة المركز واضعافها لتحقيق مشاريعه التوسعية وهو ما يتحقق الى يومنا هذا !!! مخطط المناورة هذه السياسة هي ذاتها التي تلبست وفضحت مناورته الاخيرة في سيناريو تهديد تشكيل الحكومة بدافع اسقاطها وتجريد القوى الاسلامية منها والذهاب الى اعادة العراق الى حقبة نظامه الدكتاتوري السابق. كانت تحركات مناورته الاخيرة تشير بما لايقبل الشك ان مقتدى الصدر كان وبفعل ما خطط له عبر سيناريو رسمته اجندة خارجية ان يعمل على الاطاحة بالعملية السياسية في يوم 9/4/2016 وهو ذات التاريخ الذي سقط فيه وثن العراق الطاغية صدام في صبيحة يوم 9/4/2003 ويتزامن مع ذكرى يوم اعدامه للمرجع الديني الشهيد " محمد باقر الصدر " في يوم 9/4/1980 بعد ان بدأ سيناريو التظاهرات في توقيت يبدوغريبا ويوحي بوجود اعداد مسبق للخطة المراد تنفيذها ، تمثل بمفاجئة غير محسوبة تم توقيتها مع خطاب لرئيس الحكومة "العبادي" عندما ظهر في منتصف ليلة 9/2 ليعن مبادرة اجراء تغييرات اصلاحية لحكومته استخدم لها مصطلح فضفاض لايدل على هدف واضح ومحدد وهو مفهوم "التغييرالجوهري" ! وطار بعدها الى المانيا في زيارة رسمية ليعطي تبريرا لهيجان وغضب صاخب في الشارع استغله مستثمرا ، على مدار شهرين ،زعيم التيارالصدري لتتسيد مناوراته المحتوى العام للحراك السياسي وهيمنت فيه على الرأي العام مضامين خطاباته التصعيدية دعى من خلالها اتباعه الى الخروج بتظاهرات صاخبة اشغلت الشارع العراقي وكانت غرائبية في تراتبية توقيتاتها وتنظيم واختيار اماكنها وهدد من خلالها بتحقيق مطلب تشكيل حكومة "تكنوقراط" اختار لها لجنة خبراء انتخب اسمائهم منفردا ليعملوا على انتخاب شخصيات وفق مقاسه والذهاب بهم الى قبة البرلمان للتصويت عليهم في مدة اقصاه عشرة ايام!! هذه المناورة في سرعة اجرائها بدأ معها العد التنازلي في اجواء سياسية وشعبية مضطربة ، تضاربت خلالها مصالح ومنافع الاحزاب والكتل السياسية وبدأت تفكر باجهاض المشروع وتحديه بالسر للوهلة الاولى من خلال تلاقي مصالح القوى على مشتركات محددة اتسمت بعدم التفريط بمكتسباتها ليفوزوا بعدها بجولة اولى ،تمخضت بالالتفاف على مساعي زعيم التيار واجهاض تحقيق مبتغاه في 9/4 وهو الموعد الذي كانت تنتهي فيه المدة التي حددها عبر اجندة خارجية ، كاخر موعد للتصويت على كابينة حكومة التكنوقراط المزعومة ليبدأ بتنفيذ مخططه لاسقاط العملية السياسية في حال فشل ذلك ، مع علمه المسبق باستحالة تمريرها بشروطها التعجيزية وهو ما كان يريده فعلا !! وتحقق له ما يصبوا اليه عندما اخفق البرلمان في تمرير الكابينة باتفاق الكتل السياسية ، ليتخذ الصدر خطوة جديدة اقدم عليها بحركة مفاجئة لملم فيها اوراقه مسرعا ليغادر العراق مخلفا تكهنات عديدة لاسباب هذه الزيارة التي مر بها بعدة محطات عقد خلالها سلسلة لقاءات احيطت بالسرية والكتمان اجراها في عدة دول وانتهت في لبنان التي التقى فيها بسرية تامة بمجموعة من السياسين العراقيين وبعض الشخصيات الدبلوماسية الخليجية ستكشف الايام القادمة عن مضامينها المخفية اجلا ام عاجلا . الا ان هذه الزيارة السريعة التي احيط بالسرية لزعيم التياركشفت للسطح بعض من معالم المناورة المعدة من قبل جندة الدولة العميقة بدعم خليجي واقليمي ،واتخذت فيها جملة قرارات جديدة لتعديل الخطة والسرعة في وضع سيناريو جديد لمواجهة عصيان وتمرد القوى السياسية على كابينة زعيم التيار الصدري التي كان المستهدف الاول فيها هو تصفية تمثيل الاحزاب الاسلامية في تشكيل الحكومة وانهاء وجودها بالدرجة الاساس في العملية السياسية ، وابعاد رؤساء الكتل السياسية من قرارالتحكم باختيار الوزراء . الا ان انتباهة زعماء الكتل ورفضهم لهذه الكابينة وسرعة اتفاقهم على توقيع و"ثيقة شرف" نصت على تبديل بعض الوزراء وابقاء البعض الاخر بحجة المحافظة على نسبة التمثيل للمكونات مما افشل مخطط تمرير كابينة الصدر واجهضت مساعيه. لكن ذلك خلف خطيئة اخرى تمثلت بابقاء مفهوم "المحاصصة" و"التوافق" الامر الذي مهد الطريق لازمة سياسية جديدة كادت تعصف بالعراق بعد بروز كتلة النواب المعتصمين الذين اجهضوا العملية برمتها وتلقف نتائجها مباركا وفرحا ،زعيم التيارالصدري، الذي اعتبرها مناورة مفيدة للرد على محاولة اجهاض مشروع كابينته الامر الذي دفعه الى الاسراع لحث نوابه لتزعم ادارة ملف الاعتصام داخل قبة البرلمان وتصعيد سقف مطالبهم. كان النواب المعتصمين قاب قوسين او ادنى من نجاح تمرير قرار تبديل رئاسة البرلمان لولا تدارك اللاعبين الاساسين في المشهد السياسي العراقي للموضوع وتمثل بموقف امريكا وحلفائها في الداخل واسراعهم للملمته والضغط بقوة لدعم بقاء رئيس الوزراء ورئيس البرلمان ورئيس الجمهورية وتثبيتهم في مقاعهدم ، بمباركة ايران التي وجدت في مجمل اوراق اللعبة فرصة سانحة لترتيب مصالحها مع امريكا في هذا التوقيت الحساس ، استطاعوا من خلالها اجهاض حركة المعتصمين الذين زاد اصرارهم على مواقفهم الرافض لعودة رئيس البرلمان الى مقعده والمجيىء بشخصية بديلة عنه وبنوابه، ونشطوا في كسب تاييد وتفاعل وتعاطف الجماهيرمعهم.رغم وجود معسكرفي الطرف الاخر لا يقل تاثيرا ولا عددا يقف بالضد من اهدافهم .... تعديل المخطط شعر الصدر وفي موقف شخصي ان كفة المعتصمين ستميل لصالح خصمه "المالكي" الذي يشكل حضور نوابه من دولة القانون الثقل الاكبر في نسبة النواب المعتصمين وساد حديث قوي في الشارع بان ذلك مؤشر لاعادة المالكي الى سدة الحكم وهو ما تطير منه الصدرشخصيا بعد ان لمس وجود ترحيب جماهيري قد يوفر قبولا دوليا واقليميا تمرر اوراقه فيما اذا تم باشتراطات وسيناريو تتفق عليه جميع الاطراف لاسيما وان غالبية مكونات التحالف الوطني كانت رافظة لكابينة الصدر وكانت تتعاطف مع اي حل او توافق خارجها ... هذا السيناريو أفزع مقتدى الصدرالذي تشكل فيه عودة المالكي عقدة وفوبيا انتحار بالنسبة له ، وقرر الاسراع للعودة يوم الجمعة 28/4 للعراق لتفيذ مخططه ، بعد ان ارسل طلبا عاجلا لقيادته في بغداد ان يتكتموا على خبر مطالبته نوابه من ترك الاعتصام والانسحاب منه فور الانتهاء من خطاب سيلقه والتي كانت كل الاحتمالات تشير الى انه سيكون بمثابة دعم لقرارالمعتصمين ورفضه مشروع محاصصة وثيقة الشرف التي سارع على توقيعها زعماء الكتل باستثناء المالكي واياد علاوي الذين اعتبرا ذلك مؤامرة التفاف جديدة لاجهاض فكرة الاصلاح . اصحاب مخطط الاجندة الخارجية للدولة العميقة وبماركة صدرية كانوا قد وضعوا في حسبانهم احتمالية فشل مخطط الاطاحة بالحكومة كخطوة اولى من السيناريو المرسوم يوم 9/4 فعمدوا على تسمية موعد اخرهو يوم 28/4 موعدا لاجهاض العملية السياسية برمتها و الاطاحة بالحكم الشيعي في نفس يوم ذكرى ولادة وتاسيس حزب الطاغية ونظامه القمعي الذي كانت تحضر له سنويا الاحتفالات في عموم البلاد وارادت مخططات الصدر ومن يسانده ان يكون هو يوم الذي ينفذ به زعيم التيار تهديده لاجهاض الحكومة بمباركة خفية لحفيدة الطاغية رغد وايتام البعث ورموزهم في الدولة العميقة . لكن تعديلا سريعا طرأ على توقيت اطلاق الصدر لخطابه المرتقب في تظاهرة يوم الجمعة المصادف 28/4 بعد تعذر عقد جلسة البرلمان بسبب عطلة الاسبوع ، كما ان امورا تنظيمية لم يتم حسمها في جدول الخطة المرسومة وتمثل بعضها في انهاء الاتفاقات بشان مخطط توقيت اجتياح المنطقة الخظراء وآلية الوصول الى مسالك اقتحام البرلمان والتفاهمات بشانها مع بعض الشخصيات والضباط من داخل المنطقة ، فتقرر تعديل خطة التنفيذ لصبيحة يوم السبت 29/4 ليظهر فيها مقتدى الصدر مبكرا ليس كعادته ، قبيل الساعات الاخيرة من موعد انعقاد جلسة البرلمان المخصصة لاكمال التصويت على المتبقي من التشكيلة الحكومية وتمريرها وفق مفهوم حكومة التكنوقراط المزعومة والتي استقتل التيار الصدري وزعيمه على ضرورة الالتزام بها وتمريرها ، وكانت المؤشرات تقول انه سيظهر بخطاب للجماهير يضغط فيه على مجلس النواب للمضي باعادة التصويت على كامل الكابينة وفق ما خطط لها وهو ما كانت كل التوقعات تشير اليه ! الا ان زعيم التيار وبعد ان كان قد أوعز قبل ذلك بعدم ذهاب نوابه للمشاركة في جلسة البرلمان المقررة في ذلك اليوم للتصويت على الوزراء المتبقيين خرج بخطاب غرائبي خالف فيه كل التوقعات ،حيث امرنواب كتلته بعدم الذهاب للتصويت على كابينة وصفها بكابينة المحاصصة! رغم انه هو من رسم ملامحها وجيش الشارع لاجبار البرلمان على القبول بها ! كما اعطى توجيها بتجميد كتلة الاحرار وايقاف العمل السياسي للتيار الصدري وقرر الاعتكاف لشهرين ، ليطلق بعد ذلك اخطر ما قرره في هذه الخطبة حسب الهدف المرسوم للخطة عندما اعطى التوجيه بالضوء الاخضرللمتظاهرين للقيام بدورهم في تحقيق مطالبهم ! في اشارة تحريضية واضحة وصريحة لدفعهم الى اقتحام المنطقة الخظراء والتوجه الى البرلمان ، على وفق ما يرونه مناسبا لتحقيق مطالب الاصلاح ! بعد ان كان قد مهد لذلك بقرار مسبق عبرعنه علنا في جلسة سابقة نائبه "حاكم الزاملي" عندما هدد البرلمان بادخول المتظاهرين لقبة البرلمان ما لم يسارعوا بالتصويت على كابينة زعيمه !! والغريب ان الاخير "حاكم الزاملي" رغم توجيهات زعيمه بعدم ذهابه وباقي نواب التيار الى قبة البرلمان ومنعهم من التصويت ،كان هو وعددا من نواب وعناصر التيار اول المتواجدين لاستقبال المتظاهرين المقتحمين للمنطقة الخظراء بل كانوا يؤدون واجباتهم بكل دقة بعد تلقيهم توجيها من قيادة ورموز الصف الاول في التيار بالقيام بمهمة ترتيب حركة ودخول مجاميع المتظاهرين الى المنطقة الخظراء من جميع بواباتها والتنسيق مع القيادات الامنية والضباط فيها بعدم التعرض لهم وتسهيل اجراءات دخولهم وهو ما ظهر جليا بعد ذلك بتحركاتهم في المنطقة الخطراء المصورة فديويا ،واعترافه امام شاشات التلفزة ، انه هو من نقل النواب الكورد بسياراته خارج المنطقة الخظراء!! في الوقت الذي انشغل فيه بعض نواب لتيار بتوجه حركة المتظاهرين صوب البرلمان لغرض اقتحامه وكان يظهر بمعيتهم الفريق "محمد رضا" الذي ترك عمله في حماية بوابات الخظراء ومقرات دوائر الدولة والحكومة وراح ينشغل بحماية بعض النواب ومنهم الدكتور المحمداوي كمّا أظهرته أفلام الفديو وهو يحاول حمايته من اعتداء المتظاهرين متناسيا واجباته كقائد عام لحماية المنطقة الخظراء التي تركت مستباحة للمتظاهرين بتوجيه من كوادر وقيادات التيار وسط اجواء سادها الهرج والمرج ، ليبدأ مسلسل ومخطط اسقاط العملية السياسية عبرالاجهازعلى رمزيتها وشرعيتها المتمثلة بالبرلمان ورئاسة الوزراء . وكادت خيوط "المناورة المقتدائية" ان تنجح وفق ما خطط لها بدقة ،بانتظاراكتمال جزئها الاخر المتمثل بالصفحة الاخرى منها كان مقرر ان تقوم من خلالها مجاميع لخلايا ارهابية نائمة في اطراف العاصمة بغداد تقوم بعمليات ارهابية وهجوم لزعزعة الاوضاع الامنية في العاصمة وسط انشغال القوى الامنية في تامين الحماية لمراسم زيارة استشهاد الامام الكاظم عليه السلام في مدينة الكاضمية لتعم بعدها الفوضى وسط استثمار هياج وسخط الالاف المؤلفة من الجماهير الغاضبة على الاوضاع لينتهي ترتيب السيناريو بعد الاتفاق مع احدى السفارات الخليجية من خلال استخدام مرسلتها للقيام باعلان بيان رقم (1)، والذي كان مقررلاحدى شخصيات المعارضة البعثية قرائته بعد ان جهزت كتابته مسبقا .وكان كل شيء يسير بخطوات مرسومومة وبمواقيت محددة وبتغطية اعلامية للمشهد الدرامي ساهمت به كوادر بعض القنوات باتفاقات مسبقة ادخلوا للمشاركة بتغطية المشهد بكامل مساحة احداثه !! وبمرأى ومسمع من سفاراتي بريطانيا وامريكا وباقي سفارات دول العالم ،التي لزمت الصمت حيال ما يجري في سابقة غير معهودة في مثل هكذا احداث تحصل على قرب امتار من جدرانها دون ان تنبس بتعليق! لا في اثناء الحدث ولا بعيد انتهائه ! كيف فشل المخطط ومن الذي افشله ؟ لولا لطف الله وعنايته بالعراق وشعبه وبلطف الهي لملايين الزوار المحتشدين لزيارة امام الزهد والحق والعفة والفضيلة ما كانت المناورة ان تجهض وتفشل مخططاتها في ساعاتها الاخيرة بمبادرة سريعة كانت ارادة الله هي المتسبب بها !! فعبرانتباهة حكيمة التفت اليها اخيار العراق وحماته وسط هذه المناورة رأي فيها قادة الحشد الشعبي والقادة الامنيين ان تحركا مريبا يحصل في بعض تخوم العاصمة اقتربت فيها بعض مجاميع تنظيم داعش في حركة غير مسبوقة وبتوقيت كانت مؤشرات خطط القادة الامنيين لتامين حماية الزيارة قد تحسبت لها بعناية ودقة فائقة واتخذت تدابيرمسبقة لمعالجتها في حالة حصول خرق امني منها، وهو ما تم فعلا عبر مؤشرات ومعلومات استخبارية بدأت تتوارد لقيادة الحشد من مصادرها المنتشرة في حدود حزام بغداد تزامنت مع توقيت اقتحام المنطقة الخظراء، ادرك خلالها القادة ان خطب ما يحصل استدعى ضرورة اتخاذ قرارعاجل تمثل بالدعوة والايعاز لفصائل وقوات الحشد الشعبي للاسراع بالتوجه لتعزيز الوحدات المرابطة في حزام بغداد واتخاذ قرار نشر قوات لفصائل الحشد الاخرى في العاصمة بغداد ،كان له الاثر الفاعل في احتواء المخطط العسكري الذي اعد لاجتياح بغداد ، بعد اجتياح المنطقة الخظراء واقتحام البرلمان . ورغم محاولة التفاف اصحاب المخطط على ردة الفعل هذه والذي تمثل بزوبعة التهديد الذي عبرعنها "حاكم الزاملي" الذي تحركت فرائصه لرفض التحرك السريع لقيادة الحشد الشعبي مخاطبا قادته عبروسائل الاعلام بعدم التفاف على ارادة الجماهير!! وفي محاولة منه لتشوية صورة هذا التحرك الذي كان له بالغ الاثر في اجهاض المخطط والسيطرة على امن بغداد وافشال مخطط اجتياحها من قبل المجاميع المسلحة وبات مخطط مناورة اجتياح اقتحام الخظراء واقتحام البرلمان مكشوفة الظهر ، تدارك اصحابها مأزق فشلها الامر الذي دعى بعض الدبلوماسيين الخليجين ممن تورطوا في المؤامرة الى سرعة اللجوء الى السفارة الامريكية والبريطانية والاحتماء بها بحجة الاضطرابات !! مع ان متظاهري التيار وبتنسيق مسبق لم يصلوا الى عتبة متر واحد من سفاراتهم ولم يصدر منهم هتافا واحدا ضدها بعد ان كانت بالامس القريب من اشد الدول عمالة وتسببا باحتلال العراق من وجهة نظر زعيم التيار وانصاره ولطالما حثهم للخروج بمظاهرات مليونية لطردها من العراق !! لقد نجحت ارادة الحق لازهاق مؤامرة الباطل في يوم 29/4 !! كما اجهضت احلام ايتام البعث واعوانهم في اجندة الدولة العميقة الذين ظهروا علانيا فرحين ومسرورين وهم يرفعون شارات النصر امام بوابة البرلمان العراقي عند اقتحامه !! لكنهم خسئوا مع عملائهم من بعض الحكام الاقليميين والخليجين الذين ما آنفكو يريدون بالعراق الشر ويتربصون به الدوائر. وفشل اخطر مخطط تأمري في تاريخ العراق المعاصر كانت ادوات تنفيذه بيد زعيم واتباع تيار، لطالما تسبب بتعطيل تقدم العراق وازدهارة طيلة السنوات التي اعقبت سقوط نظام الطاغية سواء كان يعلم بذلك ام كان يجهل اوكان جسرا للعبور،وبكلاهما سيتذكر التاريخ هذه المؤامرة بحزن والم شديدين بعد ان خطط لها ان تنفذ بأياد نفعية لاجهاض مشروع الحكم الديمقراطي في العراق . ((وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)) لطالما كان للبيت رب يحمه ، ولطالما كان في العراق علماء اعلام خلص عظام،زهدوا في دنياهم من اجل حفظ دين الله وبيان رسالة نبيه الحقة ، ولطالما كانت دماء الشهداء واليتامى والثكالى تحسب في عين الله، ولطالما يصدح في العراق نداء لله من ماذنة مسجد او جامع او كنيسة او بيت ، ولطالما كان هناك رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يرابطون على تخوم الجبهات ليقاتلوا اعداء الله وكفرة دينه ،ويرخصون دونه ارواحهم واجسادهم ، ولطالما كان في العراق بعض متصدين يسوسون الناس و يحكمون صادقين متعففين بما نزل الله في كتابه وامر فيه من حق وعدل للناس واقامة لحكم عادل رشيد ، فان هذا البيت يبقى عصيا بوجه الاعداء المتربصين به الشر، عين الله ترعاه وتمده بالحفظ من مكرالماكرين والله المستعان على امرة والعاقبة للمتقين .
مقالات اخرى للكاتب
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
اخبار العراق اليوم تصلكم بكل وضوح بواسطة العراق تايمز