لايميز اهالي مدينة سامراء البسطاء العاديين ولاسيما الفقراء منهم عن غيرهم شيء ...فهم كابناء الفلوجة وكابناء العراق في ديالى ونينوى والبصرة وبغداد وكل مدن العراق الاخرى مسالمين ويحلمون بالحياة المطمئنة الهادئة والكريمة ...
وكل العراقيين ان سالتهم عن حالهم ...سيجيبونك انه كتب علينا ان نولد في هذا الوطن شعب واحد وفي هذه المدن من عشائر شتى واصول شتى ومن طوائف واديان مختلفة وقوميات مختلفة وليس بخيارنا او ارادتنا ولدنا .. ولكننا جبلنا على حب بعضنا البعض والعيش بسلام مع بعضنا الى ان تدخلت يد الاجنبي وفرقت بيننا وزرعت الخلاف والشقاق من حولنا ...لعنة الله عليهم اجمعين ...
ومنذ ان وعينا ونحن نحاول ان نعيش مع بعضنا بامن وسلام ...لانؤذي احدا ولا نريد ان يؤذينا احد ..كل منا يعود الى بيته في نهاية النهار متعبا منهكا ليحتضن عائلته واطفاله بحب وحنان ...
وعندما يحل الظلام ...وفي سكون الليل البهيم نذهب الى النوم ..ولكل منا همومه ومشاكله ...طموحاته واحلامه ...بين قلق وامل وربما يتقلب في فراشه ويشخر من شدة التعب والالم ..وينتظر ان يصحوا في صباح اليوم التالي لفتح صفحة جديدة وعلى الاكثر متكررة من حياته ..
ولكن في عراق اليوم ومنذ ان قضي على العهد الوطني الملكي ونحن فقدنا الراحة والامان ولاسيما بعد الاحتلال الامريكي والغاء الدولة العراقية ومؤسساتها الوطنية ..
فالمواطن المسكين تراه ينتظر مفاجئات مجهولة ومواقف ملعونة وغير متوقعة تقلب الامور عليه وعلى عائلته راسا على عقب ورغما عنه ... وهذا ما حدث لاهالي المدينة المقدسة سامراء ...وللاسف بيد البعض من ابناءها التي يمكن اعتبارهم من المخدوعين والمغرورين .. وكما يحدث في بقية مدن العراق ..
ففي الساعة الثانية من صباح ليلة الخميس البارحة مزق سكون الليل الهاديء ..رشقات الرصاص وانقلب الهدوء الى فوضى وخوف ورعب ...فالاطفال تبكي وتصرخ مرعوبة ...النساء ترتجف خوفا ...الكل تجمعوا في زاوية من البيت ..الاب والام يحاولون تهدأة الاخرين ...وهم بحاجة لمن يهدأهم ...وتعالت اصوات الانفجارات ...وهكذا استمر الحال حتى انبلج الصباح ...واستيقظت هواتف الموبايل لتتناقل الاخبار .. وتقول الاخبار ان المدينة قد سقطت وانتشر الخوف والرعب من اخبار لايعرف احد دقتها ..والسؤال الحائر واين رجال الامن ؟؟؟ ومن اين نبع هؤلاء الذين سيطروا على المدينة الكبيرة ؟؟؟ اسئلة حائرة ولكنها مشروعة ... ولتطمأن العوائل على بعضها البعض وكلهم لاناقة ولاجمل بما يجري استمرت الموبايلات بالرنين ...والبكاء والعويل والخوف والقلق ايضا استمر ..ولا احد يعلم الحقيقة ...
لم فتحت ابواب الجحيم فجأة ؟؟...ومن بدأها ؟؟ وماذا يريدون ؟؟والى متى ؟؟؟ واين الحكومة واين رجال الامن ؟؟؟ لا احد يدري ...اسئلة لا احد يعرف الاجابة عنها .. يسألها الكبار كما يسألها الشباب من الفقراء والاغنياء على السواء ومن العقلاء والاغبياء ممن لاناقة ولا جمل في كل ما يجري ...
ما عدا المسلحون في الشوارع يسيطرون ويتجولون وهم ينادون الاهالي اتركوا الابواب مفتوحة لدواعي امنية ...من يقبل ان يترك باب داره مفتوحا امام فوضى عارمة واناس يحملون السلاح واعصاب هائجة متوترة وربما توازن مفقود ؟؟؟ الناس مجبرة على طاعة من بيده السلاح والقوة .. منع تجول فرض على الناس فرضه واقع الخوف والاحداث والفوضى والاضطراب ...
الدولة ورجالها الامنين غائبة سوى سماع اصوات اطلاق النار والانفجارات وازيز الطائرات وبين حين واخر سماع صوت سيارات الاسعاف وهي تصرخ شاكية لعباد الله قساوة الاخ على اخيه ...والاسئلة قائمة بلا هوادة ... ما الهدف وماذا يريدون ؟؟؟ لا احد يدري ؟؟؟ ااسقاط الحكومة ؟؟؟فلم لايذهبوا لبغداد وللمنطقة الخضراء مقر الحكومة ؟؟ وما علاقة اهل سامراء بالحكومة ؟؟؟ فالمدارس قد عطلت ؟؟الدوائر اغلقت ؟؟ الاسواق تشتاق الى هرجها اليومي وقد خلت من زبائنها واغلقت محلانها ...والكل لا تدري من تلوم ...ويتساءلون ما ذنبنا وما علاقتنا ؟؟؟ولعنة الله على السياسة والسياسيين والشيوخ والقادة العسكريين المدنين والمتقاتلين من السنة والشيعة اجمعين ...
فانصار الحكم يلومون الارهابيين والمعارضين والاتراك والسعوديين ...والمعارضة والارهابيين يلومون الحكومة وانصارها من الايرانين ..
والشعب يلعن كل الاطراف بما فيهم الامريكان والاسرائيليين ولا يدري ما ذنبه وماذا يريد الطرفان منه ...ولكن حقيقة واحدة يعرفها ان الموت يلاحقه والخراب يحل بدياره والامن والحياة الكريمة يفتقدهما ...والكل يدعي كذبا وافتراءا انهما يقتتلان من اجل حريته وكرامته وحماية حقوقه ...ويتناسون انه يريد ان يعيش بسلام وامان وهو يعلم انهم يتقاتلون ليس من اجله وانما على المناصب والثروة والمنافع الشخصية .. وخدمة لمصالح دول الجوار ..اي بصريح العبارة
انصار الحكومة يدعون انهم يدافعون عن حقوق المواطن ...وفي الحقيقة مصالح دول الجبهة الشرقية ..
انصار المعارضة المسلحة يدعون انهم يدافعون عن حقوق المواطن وفي الحقيقة يدافعون عن مصالح دولة الجبهة الغربية
والمواطن يصرخ ويقول انا المتضرر الوحيد بينكم وانا من يخسر حقه في الحياة والامن والامان .. والكرامة والعيش الكريم .. ولعنة الله على دولكم الغربية والشرقية ..
فعلى من تكذبون وتضحكون ؟؟؟ وبدمائي تتاجرون ؟؟؟
وعندما حل المساء وهدأت اصوات الانفجارات وبقيت اصوات لاطلاقات نار متباعدة ومتفرقة هنا وهناك ...وبدأ المواطن العادي الفقير المسكين ...يحصي خسائره ...هذا مات وذاك جرح وهذا فقد اخيه وداره وهذا فقد مورد رزقه ...ويسمع في الاخبار ...ان الناطق باسم الحكومة يصرح ان قواته حققت انتصار ساحق وقتلت المئات من الارهابيين ...وفي فضائية ثانية يسمع المتحدث او الناطق باسم المعارضة المسلحة والتي تسميهم الحكومة بالارهابيين ...انهم بعد ان حققوا انتصارات باهرة وقتلوا المئات من قوات الحكومة واحرقوا العشرات من الياته انسحبوا بسلام من ساحة المعركة ...
وفي الحقيقة المرة ان المواطن المسكين تركوه يئن ويبكي ويداوي جراحاته ولايدري من يصدق ...هؤلاء او هؤلاء ...وهو يصدق ما يعانيه وما يراه ويعيشه ...انه هو المتضرر الوحيد ..ولا يدري اين يعطي وجهه ولمن يلجأ لانقاذه من هذه الورطة ...ولانه يدرك ان الصراع العبثي الاستنزافي سيستمر ولن يتوقف مادام دول الجوار لم يتفقوا فيما بينهم على حل سلمي يرضي جميع الاطراف ..
وبانتظار هذا الحل يبقى العراقي المسكين الاعزل بانتظار معارك قادمة وربما حرب اهلية ستقع متى واين وكيف ...فهو لايدري ولكنه متاكد انه هو والوطن سيبقى المتضرر الوحيد ومن سيدفع الثمن في معركة عبثية لاناقة ولاجمل لهم فيها ...
وهكذا انتهت معركة اليوم ...وتوقف ازيز الاطلاقات واختفى دخان المعركة ..ليحل محله احصاء الخسائر ودفن الجثث والبكاء على اعزاء كانوا في الصباح احياء بينهم يرزقون ويتضاحكون وفي المساء تحولوا الى اموات يلفهم الصمت والسكوت وخانة النسيان ..
وبانتظارمعارك جديدة متى واين وكيف ؟؟؟لا احد يدري ...ولكنها حتما ستقع ..لان المتصارعين على الكراسي والمناصب لم يرتووا من دماء شعبنا الابرياء ...ولم يتعبوا من التخريب والدمار... ولان الملوية لازالت واقفة بشموخ ...
تبا لتجار الحروب ...
تبا لاعداء الشعوب...
تبا للطائفيين حملة الذنوب ...
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا
مقالات اخرى للكاتب