قد يبدو غريبا في الوهلة الأولى تصور علاقة حب دون احتكاك مباشر بين الطرفين . أصبح التواصل مع أشخاص على بعد آلاف الأميال ممكناً بفضل الشبكات الاجتماعية، وبات بالإمكان أيضاً نسج علاقات غرامية معهم. "الحب عبر العالم الافتراضي ممكن، لكن يا لهول الصدمة حين تكتشف أنك أحببت شخصاً لا وجود له في الواقع"، تقول سعاد لـ"هنا صوتك".
الحب خدعة
هذا النوع من العلاقات قد يتحول إلى مأساة حقيقية، كتلك التي عاشتها سعاد ذات الـ25 سنة والتي بدت متوترة وهي تحكي عن معاناتها: " "انتظرت ثلاثة أشهر قبل أن يطلب مقابلتي، لم أكن أدري سر تردده طوال تلك المدة، قبل أن ألاقيه وأكتشف أنه كان يستخدم اسماً وصوراً مزيفة. حتى شخصيته كانت مختلفة تماماً في الواقع"، وتضيف سعاد بمرارة: "كم كانت صدمتي كبيرة حين فهمت أنني أعيش حالة حب مع شخص لا وجود له في هذا العالم، صدمة حملتني إلى عيادة طبيب نفسي". كما لم تفوت فرصة إسداء "نصيحتها" لكل الشباب "إياكم وهذا النوع من العلاقات".
مشاعر عبر الانترنت
أمين، شاب في سن الـ26 من مدينة سلا، رُسمت على وجهه ابتسامة مُعبرة وهو يحكي عن تجربته: "شاركت في النقاشات الدائرة بإحدى المجموعات في الفيس بوك، لأتوصل فيما بعد بطلب صداقة من إحدى رائدات المجموعة. في بداية الأمر كان محور الحديث مواضيع عامة كتلك التي اعتدنا مناقشتها داخل المجموعة، لكن ومع مرور الوقت أخذت العلاقة تتوطد بتنوع المواضيع وانتقالنا للحديث عن أمور شخصية". تواصل افتراضي كان كافياً لخلق حالة الحب، يتابع أمين: "نما بيننا تقارب عاطفي، أفضى في نهاية المطاف إلى قرارنا بربط علاقة عاطفية دامت ستة أشهر، ولا زالت مستمرة، دون أن تسمح الظروف بلقائنا إلى اليوم".
العالم قرية
"العالم قرية صغيرة"، ينطبق هذا على شيماء ذات العشرين ربيعا والتي تحكي عن تجربة سابقة بنوع من الاندهاش: "تعرفت على شاب تونسي قبل سنتين تقريباً عبر الفيس بوك، لم تكن تروج في ذهني آنذاك فكرة ربط علاقة عاطفية معه نظراً للتباعد الجغرافي الذي لا يسمح بذلك". شيماء ترى أن وسائل التواصل الرقمي الحديثة بوسعها تذليل المسافات: "إلا أنه ومع توالي المحادثات وانتقالها من "الكتابة" عبر الفيس بوك نحو برامج تتيح التواصل السمعي-البصري، كالـ"سكايب"، صار الإعجاب المتبادل بيننا أكبر وأوضح، لكنني بقيت متحفظة". وعن أسباب زوال التحفظ تضيف شيماء: "انهال علي بعدها بالوعود: وعد بزيارتي في المغرب وأبدى رغبته في الزواج مني وأخذي للعيش رفقته في تونس، وعود حطمت الحدود، كما جعلتني أفكر جدياً في حزم حقائبي والذهاب للاستقرار هناك".
يمكن للحب أن يولد عبر العالم الافتراضي، لكن ما مدى قدرته على الاستمرار؟ تجيب شيماء: "للأسف طال انتظاري ما يقارب السنة ولم تتحقق أي من تلك الوعود فانطفأت شعلة الحب تدريجياً". "لكنني أجزم أن العلاقة ما كانت لتتطور لو حصل اللقاء"، تؤكد شيماء.
المصدر: هنا صوتك