كانت الحكومة العراقية في العهد الملكي تواجه عدة مشاكل فيما يخص الطائفة اليهودية سنة 1950 وما بعدها ,اذ تنحصر تلك المشاكل بالتالي :
1.تهجيراليهود المنظم من قبل المنظمات الصهيونية داخل العراق بطرق غير شرعية ,واخرى شرعية .
2.رفض الاغلبية من الطائفة اليهودية للهجرة , فهذا الامر جعل الحكومة تسعى الى المحافظة على بقاء الاقلية اليهودية في البلاد في اجراءات ستذكر فيما بعد .
3.مواجهة شبكات التجسس داخل العراق والتي كانت تعمل تحت رعاية المنظمات الصهيونية وتقوم بأعمال ارهابية لبث الرعب والخوف بين يهود العراق ,وهذه الشبكات كان جواسيسها من بعض ابناء الطائفة اليهودية ,و لا يتواجد بينهم غرباء من طوائف او قوميات عراقية اخرى , كما ينبه لذلك بعض الباحثين ,فمنهم فريد الفالوجي الذي قال : يمكن للباحث المدقق أن يستخلص بسهولة، اختلاف منهج الجاسوسية الاسرائيلية في العراق عنه في سائر الدول العربية الأخرى. ذلك أن مخابرات إسرائيل ابتعدت تماماً عن اللجوء الى جواسيس غرباء من داخل القطر العراقي. . بل استثمرت – وبذكاء شديد – وجود الآلاف من اليهود العراقيين، في تخريج كوادر قادرة على تنفيذ أهدافها وسياساتها، مستغلة في ذلك تغلغلهم داخل نسيج المجتمع العراقي كله، من البصرة جنوباً، الى الموصل شمالاً ( 1).
وهنا لا بد لنا من عرض بعض مفاهيم الجاسوسية ليتسنى للقارئ الكريم تصور الموقف .
الجاسوس : هو الذي يتجسس الأخبار، وقيل التجسس :أن يطلب الخبر لغيره، والتجسس أن يطلبه لنفسه ,ففي الصحاح يقول الجوهري وجسست الاخبار وتجسستها، اي تفحصت عنها، ومنه الجاسوس.
وأقرب وصف للجاسوس ما قاله المتنبي في وصف الاسد
يطأُ الثرى مُترفقاً في تيهه ..... فكأنه آس يجسُّ عليلا
ان الجساس هو الاسد، لانه يؤثر في فريسته ببراثنه.
واما معنى التجسس اصطلاحا هو: البحث والتنقيب عما يتعلق بالعدو، من معلومات سرية باستخدام الوسائل السرية والفنية، ونقل ذات المعلومات بذات الوسائل، او بواسطة العملاء والجواسيس، والاستفادة منها في اعداد الخطط.
و الجاسوسية هي عبارة عن علم له قواعده، وأصوله التي يجب إرشاد الجواسيس إليها ليتمكنوا من إنجاز و أداء واجباتهم كما تتطلبها الغاية التي يسعون إليها. فهم يعملون في وقت الحرب والسلم ويحصلون على معلومات لتعزيز جبهة الدولة التي يتجسسون لحسابها، في حالة نشوب حرب جديدة في الحصول على معلومات عن تطور الأسلحة الحربية في الدول الاخرى وما وصلت اليه من تكنولوجيا حديثة، ومن اجل تقوية الصراع القائم بين الدول على القواعد الاستراتيجية والسيطرة على مناطق النفوذ، والاستفادة من الاضطرابات السياسية في بقاع العالم، مثل مشكلة فلسطين والعراق عن طريق دس الفتن والمؤامرت السياسية لخدمة مصالحها السياسية والاستراتيجية.
ونعريف الجاسوس في القانونُ الدولي العام بانه :ـ «الشخص الذي يعمل في خفية، او تحت ستار مظهر كاذب، في جمع - أو محاولة جمع - معلومات عن منطقة الاعمال الحربية لاحدى الدول المتحاربة، بقصد ايصال تلك المعلومات لدولة العدو».
و نصت المادة «التاسعة عشرة» من لائحة «لاهاي» للحرب، على الاتي:
يُعدُّ جاسوساً، ذلك الذي يعمل سراً، اومن وراء ستار زائف، للحصول على معلومات في منطقة العمليات، بنية تبليغها الفريق الخصم. وطبقاً لذلك فان العسكريين - بزيهم الرسمي - حين يتسللون الى منطقة عمليات جيش العدو، بغية الحصول على معلومات، لا يُعدُّون جواسيس، ومثلهم أولئك العسكريون الذين يُكلفون علناً بمهمة تسليم مكاتبات الى جيشهم، او الى جيش العدو، ويتضمن هؤلاء من تنقلهم السفن الجوية بغية تسليم مكاتبات، أو بغية المحافظة على الاتصالات فيما بين الاجزاء المختلفة من جيوش او مناطق. واعتباراً لما تقدم فان الفيصل هنا هو: «قصد الحصول على معلومات».
واما نعريف التجسس المضاد: - هو عبارة عن مجموعة من الإجراءات البوليسية المضادة التي تتخذها إحدى الدول للمحافظة على المعلومات السرية التي تمتلكها، و منع عملاء العدو من الوصول اليها ،و الحفاظ على سرية عملياتها التجسسية واكتشاف نوايا العدو، وعملياته(2).
ونستفيد من المعلومات اعلاه بأن الحكومة العراقية محقه في اجراءاتها مع الجواسيس والعملاء , وايضا يمكننا ان نطلق على من كان في شبكات التجسس الصهيونية من اليهود بانهم عملاء وجواسيس ضد وطنهم الاصلي العراق ليس ذلك فحسب , بل ان اعمالهم الارهابية غير المبررة هي جرائم ضد ابناء جلدتهم من الطائفة ذاتها .
ولهذا اتخذت الحكومة العراقية في العهد الملكي سنة 1951 بعض الاجراءات القانونية بحقهم ,وبعد القاء القبض عليهم يتم تحويل اوراقهم التحقيقية الى المحاكم, فمن هؤلاء العملاء والجواسيس في شبكات التجسس التالية حوادثهم وذكرهم :ـ
في 26 حزيران 1951 اعلنت الحكومة العراقية عن اكتشاف شبكة تجسس في بغداد يديرانها رجلان أجنبيّان هما :
روبرت رودني Rodney الذي يحمل الجنسية البريطانية ,واتضح أنّه ضابط مخابرات (إسرائيلي).
و يهودا تَجّار، وهو ضابط إسرائيلي .
وقد القي القبض عليهما مع اغلب الاعضاء الذين يعملون معهما في سلسلة التفجيرات الّتي استهدفت عدداً من المباني والمصالح والمعابد اليهوديّة، واليهود أنفسهم، والّتي بدأت منذ بداية العام الماضي 1950.
واعلنت الحكومة العراقية بأنّه قد تمّ اكتشاف متفجّرات وملفّات وآلات كاتبة ومكائن لطباعة المناشير ولوائح بأسماء أعضاء تنظيمات سرّيّة، كانت كلّها مخبّأة في بعض المعابد اليهوديّة أو مدفونة تحت الأرض في منازل خاصّة. وقد تمّت مصادرة كلّ هذه المواد بحضور القاضي المكلّف بالتحقيق في هذه القضيّة، ومدير شرطة بغداد، وعدد من وجهاء يهود بغداد .
والقت السلطات العراقية القبض على يوسف ابراهيم بصري وشالوم صالح شالوم وهما اعضاء في تنظيم هاشورا و يوسف مراد عبد الله خبّازة , لقيامهم بأعمال ارهابية على معبد مسعودة شمطوف اليهودي في بغداد، ووجدت بقايا مواد متفجرة في شنطة يوسف بصري. وكانت من جملة القرائن التي آستدلَّ بها القاضي العراقي سلمان البيّاتي الذي حاكم هؤلاء الأشخاص على أنهم والصهيونية وراء هذه العمليّات الإرهابية ضد اليهود العراقيين.
واكتشف ايضا بأن المناشير التي وزعت بتأريخ 8/4/1950، في الأحياء اليهودية في بغداد من قبل المنظمات الصهيونية السرية , كانت تشير إلى الوقت من اليوم الذي طبعت فيه المناشير، إذ ذكرت أن ساعة الطباعة كانت الرابعة بعد الظهر. وهذا الحرص على تدوين الوقت ملفت، لكونه غير مسبوق، وعلى ما يبدو للوهلة الأولى لا لزوم له، ولكن قيام مجهولين بإلقاء قنبلة على مقهى الدار البيضاء اليهودي في الساعة التاسعة والربع من مساء ذات اليوم، يشير إلى أن أصحاب هذه المناشير هم أنفسهم الذين كانوا وراء العمليّة الإرهابية المذكورة، وأنهم إنما تعمدوا تحديد ساعة الطباعة للتمويه (3). وهذا ما يتفق عليه مع القاضي العراقي عدد من اليهود العراقيين، ومنهم الناشط الصهيوني السابق نعيم خلاصجي-جلعادي, وأثناء التداولات والتحريات التي أجرتها لجنة المحامين اليهود من أصل عراقي في إسرائيل عام 1955 للنظر في دعاوى اليهود العراقيين للمطالبة بتعويضات عن أملاكهم في العراق، أسر أحد هؤلاء المحامين (طالباً عدم ذكر إسمه) إلى نعيم خلاصجي-جلعادي بأن الفحوصات المخبرية التي أجرتها دائرة الجنائيات العراقية في مطلع الخمسينيات حول المناشير المعادية للأميريكان التي عثر عليها بعد إلقاء المتفجرات على مركز المعلومات الأميريكي في بغداد تم نسخها على نفس آلة ال ستانسيل (النسخ) التي استعملت في نسخ المناشير التي وزعتها الصهيونية على اليهود في بغداد خلال نفس تلك الفترة. ومما أيد مواقف هؤلاء اليهود دراسة أعدها، عام 1980، ضابط المخابرات المركزية الأميريكية (CIA )السابق، ويلبر كرين إيفلند ، التي أوضحت أن كل هذه الإعتداءات والقنابل والتفجيرات التي آستهدفت حياة ومصالح اليهود في العراق طيلة هذه الفترة (منذ الأربعيّنيات)، بما فيها الإعتداء على مركز المعلومات الأميريكي في بغداد في شهر آذار (مارس) من عام 1950، إنما كانت من تخطيط وصنع وتنفيذ المنظمات الصهيونية.
والقت الحكومة العراقية القبض على اعضاء المنظمات الصهيونية في العراق الذين كانوا ضمن الشبكات التي يديرها المذكورين اعلاه وهذه اسماء الاعضاء:
لطيف ابرايم ,و ممدوح زكي موظف في وزارة الخارجية ,و مكي عيد الرزاق موظف في وزارة الخارجية ,و رشيد اسماعيل باجلان من خانقين ,و محمد امين نقري ,و محمد احمد البياتي ,و فيصل خوجة ,و الدكتور عبد اللطيف محي الدين واصف , و رحمة الله تاجر ,و سليم معلم ,و الدكتور البرت الياس ,و نسيم هوشي نسيم ,و نعيم موشي الذي هرب من العراق الى فلسطين وتعين رئيس البرلمان الاسرائيلي (الكنسيت ) ,و ناجي صالح ,و كرجي حيم داوي ,و ساسون صديق .
واتضح في التحقيقات بأن هؤلاء ارسلوا كجواسيس لتنفيذ عمليات ارهابية ضد يهود العراق بأمر من رئيس الوزراء الاسرائيلي دافيد بن غوريون (1948 - 1954) شخصيا الى الموساد , فحكمة المحكمة العراقية على يوسف ابراهيم بصري وشالوم صالح شالوم بالإعدام (4) , و تمّ إثبات التهم على خمسة عشر من أصل واحد وعشرين متّهماً في عمليّات الإرهاب الصهيونيّة الّتي آرتكبها الصهاينة اليهود في العراق ضدّ سائر اليهود العراقيّين خلال العام ونصف العام الأخير. وقد تمّ الحكم بالسجن المؤبّد مع الأشغال الشاقّة على يهودا تَجّار(5).
وأمّا سائر المتّهمين، فقد تمّ الحكم عليهم بالسجن لمدة تتراوح بين الخمسة أشهر والخمسة عشر عاماً .
وكانت هناك اعترافات من قبل المعتقلين اعضاء الى منظمة هامشورا ,فمنهم موريس بيرص الذي قال: دربنا على السلاح وبلغنا بالسفر حتما إلى إسرائيل كما أن علينا إقناع أهلنا ومعارفنا وأصدقائنا ضرورة الهجرة إلى إسرائيل وترك العراق واستخدمنا الإشاعات المغرضة ضد العراق للإساءة إليه لإجبار العوائل اليهودية العراقية على الهجرة وقال : أعلمونا داخل هامشورا أننا يجب أن نكون على استعداد للانضمام للجيش الإسرائيلي حال وصولنا أو العمل في المزارع الإسرائيلية وكنا ندفع اشتراكات شهرية للصندوق القومي اليهودي.
وقال المعتقل رحمين أمام المحقق: الهيكل التنظيمي لهامشورا هو الحابير (العضو) وحابيروت (العضوات) وبدريخ (المعلم) وبدريخة (المعلمة) وأن بين العضو والبدريخ حلقة وصل تسمى أمري.
وقال يعقوب ساسون: تدربنا على المسدسات كما كنا نبث الإشاعات ضد العراق من أجل إجبار اليهود على الهجرة ونقول لهم أن هناك عمليات انتقامية ستكون ضدكم إذا لم تغادروا العراق فورا وإننا عند قبولنا لأول مرة في هامشورا كنا نقسم بالعبارات التالية (تضع لعنة الله علي إذا بحت بشيء).
ومن اعترافات نعيم ثوينة العضو في هامشورا الذي قال: قالوا لنا أن كل واحد منكم (أعضاء المنظمة) يصل إلى إسرائيل قبل غيره يحصل على المناصب من دون تعب ويحصل على التخصيصات وأن مستقبله مضمون .
وأثار سليم مراد شقيق الهارب يوسف مراد أمام المحققين مسألة في غاية الأهمية فقال: لقد تعمدت ملاكات منظمة هامشورا الاختلاط بين الجنسين بين الشباب العزاب والشابات العذراوات وسمحوا بل وشجعوا بأية علاقة عاطفية قد تنشأ بين الأعضاء حتى إذا قرر أحدهما الهجرة يتبعه الآخر وهذا الأسلوب ليس غريباً فقد لجأ إليه مبعوثو إسرائيل مع ملاكات منظمة (تنوعة) عندما أخذوا يهجرون الأبناء قبل الآباء والبنات قبل الأمهات والأطفال قبل عوائلهم لكي يتبع البعض بعضه الآخر إلى (إسرائيل) لقد استعانوا بأساليب غير إنسانية للتفريق بين أفراد العائلة الواحدة ودمروا نسيج الطائفة اليهودية العريقة في هذا البلد.
ومن جانب اخر استطاعت الحومة العراقية في يوم 29 تموز سنة 1951 وبعد توفر الأدلة الدامغة تحركت معاونية الشعبة الخاصة في مديرية الشرطة العامة باتجاه تحطيم التنظيم الصهيوني السري في الحلة وبعد استحصال موافقة حاكم تحقيق الحلة ومدير شرطتها ، تمت مداهمة الدار المرقمة (7/20) في محلة الجباويين و العائدة إلى (إبراهيم ساسون)( 6)حيث عثر فيها على بعض الادلة الخاصة بالعمل التجسس والتهجير وبأختام وشعارات الدولة الإسرائيلية .
وفي اليوم التالي بعد اعترافات أعضاء التنظيم السري لتنوعة بابل في الحلة تم إجراء التحري في كنيس مناحيم دانيال الواقعة في محلة الجباويين فوجدت القوات الامنية صناديق اسلحة مع كتب التعليم على السلاح بصور توضيحيه وإرشادات عامة للشباب اليهودي في كيفية الدفاع عن أنفسهم و استعمال السلاح ، وبعض التعليمات عن كيفية الخروج من الحلة إلى فلسطين ، وصور لمؤسس الحركة الصهيونية والنجمة السداسية والعلم الإسرائيلي.
وتم إلقاء القبض في 31تموز1951 على( يوسف إبراهيم وأبنته مسعودة وابن أخيه إبراهيم ساسون ودالي وعزرا وذن خضوري ومناحيم) وتقرر توقيفهم بأمر حاكم تحقيق الحلة استنادا إلى التهم الموجهة إليهم وهي انتماؤهم ومساعدتهم لمنظمة (تنوعة بابل) الصهيونية في الحلة.
و تقرر إحالة جميع المتهمين إلى المحكمة لتقرير مصيرهم ، وكانت الأحكام الصادرة بحقهم تتراوح بين السجن لبضع سنين ، وإطلاق سراح البعض الأخر لدوافع قانونية أساسها عدم توفر الأدلة الكافية لإدانتهم، وكشفت التحقيقات الجنائية للحكومة العراقية ضلوع شخصيات وشركات يهودية عراقية تعمل لصالح النشاط الصهيوني(7)، فضلا عن قيام تلك الشخصيات والشركات بتقديم المعلومات للسفارة البريطانية في العراق من أجل دعم النشاط الصهيوني ومباركته.
والمحاكمة ذكرتها جريدة الأوقات العراقيّة الصادرة باللغة الإنكليزيّة ( 8) حيث كتبت عن محاكمة المتورّطين في العمليّات الإرهابيّة الصهيونيّة في بغداد بأنّ الوثائق الّتي تمّ العثور عليها بحوزة المتورّطين قُرِئت في قاعة المحكمة. وقد كشفت هذه الوثائق عن الجانب التنظيمي للحركة الصهيونيّة في العراق، وأنّ ثلاثمائة من المراهقين اليهود الّذين كانت أعمارهم تتراوح بين الثالثة عشرة والثامنة عشرة عاماً كان قد تمّ تدريبهم تدريباً عسكريّاً من قبل النشطاء الصهاينة سرّاً في العراق. كما قرئ دفتر الملاحظات الّذي كان يخصّ أحد المتّهمين، والّذي ذكر فيه أنّ الدعاية المضادّة الّتي قام بها بعض اليهود العراقيّين لتشجيع سائر اليهود العراقيّين على البقاء في العراق، وعدم الهجرة إلى فلسطين، قد أُحبِطت وفور الإعلان عن هذه الاكتشافات والتحقيقات والمحاكمات، قامت أجهزة الإعلام الصهيونيّة في دول الغرب باتهام الحكومة العراقيّة بالحكم ظلماً، على هؤلاء المتّهمين، مدّعية بأنّ المتورّطين الحقيقيّين هم من الإخوان المسلمين، ولكنّ أجهزة المخابرات البريطانيّة والأمريكية، والسفيرين الأمريكي والبريطاني في بغداد، الّذين حضروا بعض مجريات التحقيق والمحاكمات أو اطلعوا على حيثيّاتها، كانوا متّفقين فيما بينهم مائة بالمائة بنزاهة وعدالة المحاكمات الّتي جرت في العراق، وبأنّ المتّهمين الصهاينة والإسرائيليّين كانوا هم فعلاً المسئولين عن كلّ هذه الجرائم الإرهابيّة.
وما تم ذكره فيض من غيض , وحتى بعد القبض على العملاء وما حدث الى بعض الطائفة اليهودية من قبل الكيان الصهيوني استمر الصهاينة ببث سمومهم بين يهود العراق ,فاستغلوا تلك الاحداث القانونية ببث اشاعة بين الطائفة بأنهم مستهدفون من الحكومة العراقية الملكية ,مما ادى الى هجرة اغلب الطائفة حيث قدر عددهم المتبقي سنة 1952 بستة آلاف مواطن فقط.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
(1). انظر فريد الفالوجي , من ملفات الجاسوسية . إعدام اليهود العراقيين الستة , الجذور الأولى , مقال منشور على الشبكة العنكبوتية بتاريخ ٢٠ كانون الثاني ٢٠٠٣.
(2). انظر مقال مجاهد منعثر منشد , التجسس والجاسوسية وعلم التخابر من وجهة نظر الاسلام ,ج1 ,منشور على الشبكة العنكبوتية سنة 2010م.
(3). أي ليبعدوا التهمة عن أنفسهم.
(4), تاريخ الاعدام كانون الثاني 1952.
(5). اعترف يهودا تَجّار لاحقاً (عام 1966م) في مقابلة صحفيّة مع جريدة الفهد الأسود الّتي كان يحرّرها ويصدرها اليهود الّذين كانوا من أصول مشرقيّة في إسرائيل، بأنّه فعلاً كان، هو ورفاقه المتّهمين، وراء كلّ هذه العمليّات الإرهابيّة ضد يهود العراق.
(6). شامل عبد القادر ، خفايا نشاطات تنوعة بابل في الحلة ، ص11.
(7). شامل عبد القادر ، المصدر السابق ، ص11.
(8).العدد الصادر في 20كانون الاول لسنة 1951.
مقالات اخرى للكاتب