لقد اقر مجلس الوزراء في يوم الثلاثاء 20/8/2015 سلم الرواتب الجديد من اجل تقليل التفاوت بين رواتب الموظفين، إذ أعلن انه سوف يطبق في شهر تشرين الثاني المقبل، وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء الدكتور (سعد الحديثي) إن السُلم الجديد سوف يرفع دخول موظفي الدرجات الدنيا في السلم الوظيفي من خلال إعادة توزيع سلم الرواتب بشكل أكثر إنصافا، أما فيما يتعلق بالمخصصات فسيتم وضع نظام وجدول كامل بها يوحد المخصصات بين موظفي جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية، وأشار إلى إن حزمة الإصلاحات تضمنت بنداً يشير إلى وضع نظام جديد للرواتب يتم من خلاله إصلاح هذا النظام فيما يتعلق بالرواتب الاسمية والمخصصات وتقليل التفاوت في الرواتب بين الدرجات الدنيا والعليا في السلم الوظيفي وتقليل الفوارق بين الموظفين في الدرجات المختلفة وبنفس الوقت تحقيق العدالة في توزيع الدخل، كما قرر مجلس الوزراء شمول موظفي الدولة كافة بما في ذلك موظفي الرئاسات الثلاث والهيئات والمؤسسات المرتبطة بها والموظفين المدنيين في وزارتي الدفاع والداخلية بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم 22 لسنة 2008 المعدل.
فقد كانت ولا زالت هناك فوارق شاسعة بين رواتب مختلف الوزارات والهيئات والمديريات الأخرى، ومنذ انتخاب مجلس النواب والوزراء عام 2005 إلى اليوم كانت اغلب اهتماماته في دوراته المختلفة برواتب ومخصصات أعضاءه والوزراء ورئيس الجمهورية والدرجات الخاصة وتقاعدهم، دون الاهتمام بباقي شرائح المجتمع الأخرى، ففي الوقت الذي كان راتب عضو مجلس النواب مع المخصصات والحمايات وغيرها يصل إلى 30 مليون دينار، وراتب رئيس الوزراء إلى 70 مليون، وكانت رواتب المسئولين الكبار وتقاعدهم تصل إلى عشرات الملايين من الدنانير العراقية، والذين قد تصل خدمة بعضهم إلى عدة أشهر فقط، هذا إذا استثنينا المال المسروق من خلال تنفيذ مشاريع وهمية وحملات أعمار كلفت الدولة مئات المليارات من الدولارات دون فائدة تذكر، فالموارد صارت تسرق بمعدلات انتهت اغلب المنظمات الدولية للقول إن العراق أصبح افسد بقعة على الأرض، فمن نحو ٦٥٠ مليار دولار قبضها العراق رسميا من مبيعات نفطه خلال المدة بين 2004 إلى ٢٠١٢ لا يوجد عائد للتنمية على الأرض، بل تدنى المستوى المعاشي في العراق، واتجه المجتمع للانقسام بمعدلات لم تكن موجودة من قبل في حين إن بعض موظفي الدولة العراقية ومن هم على الملاك الدائم وسنوات خدمتهم تصل لعشرات السنين إلى بضع مئات الآلاف دينار، وتقاعد الموظف الذي قد تصل خدمته إلى أكثر من عشرين سنة لا يتعدى (400) إلف دينار.
إذ أصبح هذا الوضع الاقتصادي المتدهور، وهذا الفرق الشاسع في الرواتب والذي خالف حتى نصوص الدستور الذي اقسم عليه النواب والوزراء والرئيس أنفسهم، ففي المادة (١٤) من الدستور التي تنص على " العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي"، وفي المادة (١٣) أولا: يُعدُ هذا الدستور القانون الاسمي والأعلى في العراق، ويكون ملزماً في أنحائه كافة وبدون استثناء. ثانياً: لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور، ويُعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الأقاليم أو إي نص قانوني آخر يتعارض معه"، ولكن تم سن قوانين تتعارض مع شرائع السماء والأرض وليس مع الدستور فقط، إذ إن فوراق الرواتب بين موظفي الدولة بكافة مناصبهم مخالفة للدستور، لما احتوته من تفاوت هائل لا يمكن القبول به.
إضافة إلى فرق المعيشة بين العراقيين، فان هناك نظام سياسي هش، فيه مشاكل في الهوية، والمشاركة السياسية فيه ضعيفة، والتنمية فيه غائبة، وجيوش العاطلين تتزايد وموجات الفقر والحرمان تتسع، حتى صار العراق يعاني من الآم داخلية تتزايد معها عدم قدرته على ضبط أوضاعه، واضعف القانون وصار تطبيقه محل جدل ومثار تساؤلات من مكونات، وسيس القضاء تحت شهادات منظمات دولية حتى صار لا يعتد بأمره، وتم ذلك في ظرف انقسم العراق إلى عدة أقسام:
الحكومة الاتحادية، قوى شيعية واسعة محرومة، يتم اللجوء إليها في الانتخابات عبر الحقن الطائفي،
العرب السنة المتمردون والمدعومون من دول إقليمية طامحين بالحكم مرة أخرى،
والأكراد المنعزلون بحقهم والمتجهون إلى حلم بناء دولتهم،
الأقليات التي تركت العراق واقعيا أو صراحة، كل هذه الأسباب وغيرها حركت الشارع العراقي نحو التغيير والإصلاح.
لهذا اتجه العراقيون إلى التظاهر والمطالبة بالتغيير والإصلاح والتي انطلقت في 7 أب 2015، وشملت معظم محافظات العراق وشرائحه المختلفة، وكانت مطالب هذه المظاهرات هي إصلاح الواقع السياسي، والاقتصادي، ومنها حفظ المال العام من السرقة، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، واسترداد الأموال العراقية المسروقة، والمساواة بين العراقيين في الرواتب كلا حسب موقعه ومسؤولياته، وقد أيد مراجع الدين العظام على أحقية هذه المطالب، ودعا وكلاء المرجعية في خطب الجمعة الى تحسين الواقع المعاشي للعراقيين، خاصة وان اغلب مطالب المتظاهرين كانت بالجانب الاقتصادي والاجتماعي والمساواة.
لهذا ومن اجل إكمال الإصلاحات التي بدأتها الحكومة، من إلغاء بعض المناصب الحكومية، والتقليص الشكلي لرواتب النواب والوزراء والدرجات الخاصة، إذ أصبح مثلا الراتب الاسمي لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب 8 مليون دينار، و50% من المخصصات، إضافة إلى الشهادة، اتجهت الحكومة العراقية إلى إصدار سلم رواتب جديد لموظفي الدولة، في أمل إن يحقق المساواة في الرواتب بين الموظفين، من خلال تقليص رواتب موظفي الدرجات الخاصة وموظفي بعض الوزارات، وزيادة رواتب الدرجات الدنيا، وهذا السلم هو نسخة عن سلم رواتب عام 2013، إلا إن الفارق في هو إن الوزارات والهيئات التي كانت مستثناة منه قد طبق عليها، وبهذا فانه يعني إلغاء كل المخصصات التي كان موظفو هذه الوزارات يحصلون عليها ومنها مثلا الخدمة الجامعية في وزارة التعليم العالي التي تتراوح بين 75% إلى 100% من الراتب الاسمي، كذلك مخصصات وزارة النفط والصحة والكهرباء والعدل ومفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة وغيرها، مع زيادة رواتب باقي الوزارات الأخرى.
وبينما رحبت فئات الموظفين من أصحاب الرواتب القليلة بقرار تغيير سلم الرواتب، انتقد آخرون التغييرات التي ستطرأ على رواتبهم وتخفضها إلى مستويات لا يستطيعون من خلالها تامين التزاماتهم المادية حسب مقدار المبالغ التي كانوا يستلمونها، إلا أن على الحكومة أن تراعي في قرارها العديد من الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية التالية قبل الشروع بتنفيذ هذا القانون وهي:
1- ان رفع المستوى المعاشي لفئة من الشعب لا يعني إفقار الفئات الأخرى، بل يتم من خلال مراعاة وضع الشرائح المتضررة، بحيث يكون الضرر بسيط ويمكن السيطرة عليه، إي إن إلغاء الخدمة الجامعية من موظفي وزارة التعليم العالي مثلا يعني عمليا استقطاع ثلث رواتب منتسبي التعليم العالي، وهذا ينطبق على باقي الوزارات المتضررة الأخرى، لذا يجب إن تكون الاستقطاعات تدريجية وبنسب معقولة، وإذا أرادت الحكومة إن تعالج الخلل في سلم الرواتب فان ذلك يكون من خلال إعادة الأموال المسروقة خارج وداخل العراق والتي تقدر حسب بعض الإحصاءات ب(225) مليار دولار منذ عام 2003 إلى الان، خاصة وان المرجعية الدينية ومن خلال خطبة الجمعة دعت إلى كشف المفسدين ومحاسبتهم، واستعادة الأموال منهم.
2- إن الوضع السياسي في العراق، وحسب رأي اغلب المحللين السياسيين، هو وضع هش وغير مستقر، منذ تشكيل الحكومة العراقية الذي جاء من خلال التوافق بين المكونات العراقية، وفرض أمر واقع على بعض الجهات التي كانت متمسكة بالسلطة، لذلك إن إي اضطرابات أو فوضى أو اعتصام ستكون ذات اثار سيئة على الوضع السياسي والأمني في البلاد، فأعداء الحكومة يتربصون بها الأيام، كذلك الإرهاب لا زال مسيطرا في غرب وشمال العراق، وان تماسك الجبهة الداخلية أمر لابد منه لدعم العمليات العسكرية ضد الإرهاب، لهذا على الحكومة إن تكون أكثر حذرا بإجراءاتها الاقتصادية، وخاصة فيما يتعلق بعيش العراقيين، من رواتب وبطاقة تموينية وغيرها، فعلى الرغم من تدهور الاقتصادي العراقي وعدم وجود أموال كافية لسد النفقات، إلا إن هذا ليس مبررا للتخفيض الكبير في رواتب بعض موظفي الوزارات، بل يجب إن يكون التخفيض تدريجي وبنسب معقولة بحيث لا تؤثر بشكل كبير على معيشة الموظف.
3- يجب أن تعمل الحكومة على تكامل السياسات السعرية الأخرى مع بقية السياسات المالية والنقدية وغيرها من المعالجات والتدابير وصولا إلى اقتصاد عراقي متين عندها تصبح تلك الزيادات المقررة للموظفين ذات اثر فاعل في تحسين المستوى المعيشي وتنقلهم نحو الرفاه الاجتماعي، وان السلم الجديد لا بد أن يراعي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الحالية وان يكون ملبياً لحاجات الموظف العراقي خصوصاً إن الاقتصاد العراقي يشهد تضخماً كبيراً في هذه المرحلة لذلك لا بد أن تكون الزيادة في الرواتب ملبية لحاجات الموظف، وضرورة أن يكون هناك انخفاض في الأسعار أو استقرار فيها مع تلك الزيادة ليتمكن الموظف من الشعور بقيمة هذه الزيادة، وأنه لا جدوى اقتصادية من زيادة الرواتب من دون معالجة جوانب الضعف في الاقتصاد العراقي الذي يعاني من تدهور مستمر وإهمال كبير.
إن مستوى الرواتب الحالية للموظفين لا تلبي ابسط وأدنى حاجاتهم؛ فالأسعار ترتفع يوماً بعد يوم والموظف بات يقف عاجزاً أمام هذا الارتفاع الكبير في جميع متطلبات الحياة، على الحكومة إيجاد السبل الكفيلة لمواجهة الزيادات الجديدة في الأسعار لأنه أمر في غاية الضرورة كي لا يقع الاقتصاد العراقي في فخ التضخم المتزايد والتي تكون عواقبها الاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية خطيرة للغاية، أن التضخم سوف يدفع بالتأكيد إلى امتصاص هذه الزيادة في الأجور والرواتب ويصبح من الجلي والواضح والضروري أن يكون هناك خطة محكمة للسيطرة على الأسعار وترويضها حينها تكون الزيادة في الرواتب زيادة حقيقية وليست شكلية.
4- إن العديد من المدخولات سيتم تخفيضها مقابل رفع الرواتب القليلة ووضع حد أدنى للرواتب بشكل يجعل البعض يعتقد بان الوظيفة تحولت إلى وسيلة للحماية الاجتماعية توزع بموجب الشهادة ومدة الخدمة والحالة العائلية، وهي مفاهيم لا يمكن القبول بها لان الوظيفة العامة لها انعكاسات على تسيير أمور الدولة وترتبط بمجموعة من القيم والاعتبارات التي يجب مراعاتها لتحقيق الكفاءة والفاعلية في الأداء الحكومي، فالمساواة ليست عدالة في كل الأحوال إذ لا يعني تساوي راتب مهندس في وزارة معينة مع مهندس في وزارة أخرى على أنها عدالة، لان أداء المهندس في كل مكان يعتمد على عوامل متعددة من حيث الخبرة والمهارة والخطورة وطبيعة العمل وندرة الاختصاص ومتطلبات الجذب والأمن والاستقرار، كما انه ليس من العدالة أن تتم المساواة بين موظف حاصل على الدكتوراه يعمل في وزارة الاتصالات مع موظف حاصل على الدكتوراه في الجامعات، وهكذا لبقية الوظائف والأعمال.
كما إن تعديل الرواتب والمخصصات يجب إن يستند إلى إصدار قوانين من مجلس النواب، وليس من خلال قرارات، لان القانون لا يمكن إن يلغى بقرار، وخاصة المخصصات اللاتي صدرت بقانون ومنها الخدمة الجامعية إذ صدرت بقانون رقم 23 لسنة 2008، علما إن قانون الخدمة الجامعية كان معمولا به منذ سبعينات القرن الماضي، وهذا ما أكدته اللجنة المالية النيابية والتي "عدت سلم الرواتب الجديد الذي صادق عليه مجلس الوزراء تجاوزاً على القانون، ورفضت اللجنة القرار الأخير لمجلس الوزراء الخاص بتعديل سلم الرواتب لموظفي الدولة عادةً إياه خطوة غير صحيحة من قبل رئيس الوزراء بتجاوز البرلمان باسم الإصلاحات، وأكدت اللجنة أن يكون سلم الرواتب الجديد مشروع قانون وليس قراراً لان تخويل رئيس الوزراء بالإصلاحات في مجلس النواب لا يعني ان يكون التصرف من دون الاستناد إلى القانون، فالقانون لا يُلغى الا بقانون".
5- إن سبب أزمة الرواتب في العراق وعدم انتظامها يعود إلى سياسة التخبط الحكومية في زيادة الرواتب، وعدم وجود سياسة تخمينية مدروسة ومستقبلية في إقرار الزيادة، فعند الطفرة النفطية منذ عام 2008 وبعدها، عندما وصل سعر برميل النفط إلى أكثر من 120 دولار، والميزانيات الانفجارية، ومن اجل إسكات الأصوات التي تنتقد سوء إدارة الحكومة للمال العام، ومع كل انتخابات، ومن اجل كسب الأصوات تقوم الحكومة بإعلان زيادة في رواتب بعض الوزارات، والشرائح الاجتماعية، بدون خطة أو دراسة، عندها ومع أول انخفاض لأسعار النفط، وهجوم تنظيم داعش واحتلاله أكثر من ثلث مساحة العراق عام 2014، ظهر العجز الحكومي ليس فقط في عدم قدرته على زيادة الرواتب بل الفشل في توفير التمويل اللازم للحرب، أو حتى تغطية رواتب الموظفين، إذ إن اغلب التحليلات تؤكد إن الحكومة قد تعجز عام 2016 عن تغطية النفقات التشغيلية- الرواتب-، فلولا فتوى المرجعية بالجهاد الكفائي، ودعمها للمقاتلين بالأموال ورعاية غوائلهم، ووجود فصائل المقاومة الإسلامية ذات التمويل الذاتي، وان اغلب المقاتلين كانوا لا يستلمون رواتبهم لعدة أشهر، إضافة إلى المساعدات الإقليمية والدولية، لعجزت الحكومة العراقية عن تمويل هذه الحرب والدفاع عن العراق، لذلك إن الأولية في هذه المرحلة يجب إن تكون لرفد الجبهة ضد الإرهاب، وتوفير مستلزمات الحرب من رواتب وأرزاق وشراء الأسلحة لمقاومة وإنهاء الإرهاب، وليس من اجل إدخال العراق في فوضى جديدة وهي فوضى الرواتب والإضرابات وغيرها.
6- ان سلم الرواتب الجديد سيثير الفوضى الاجتماعية في البلاد، لان المتضررين منه شريحة واسعة، لان سلم الرواتب الجديد لم يعد بصورة جيدة، لأنه خفض رواتب شريحة واسعة من المجتمع الأمر الذي سيسبب فوضى اجتماعية، وان تطبيقه سيضيف مشكلة الى المشاكل المتراكمة العالقة، لأن رفع المخصصات بهذه الطريقة والسرعة تثير القلق والخوف من خسارة لدى شرائح عديدة من الموظفين، وسيعمل على إرباك وضعهم المعيشي الذي اعتادوه وفقا للرواتب السابقة، ولا يمكن تغييره بشكل مفاجئ، فكل موظف يعتقد بأنه رتب أموره الحياتية والتزاماته المختلفة بموجب مرتباتهم الحالية لذلك فان أي تغيير بالانخفاض سيؤدي إلى العديد من الإحراجات، وذلك بوجود مشكلات لا يمكن إيجاد الحلول القريبة لها مثل الإيجارات وأجور المولدات ومكالمات الموبايل وضعف الحصة التموينية والخدمات الصحية السيئة وارتفاع أسعار السلع والخدمات ومنها أسعار حليب الأطفال وأجور النقل وغيرها من تفاصيل ومتطلبات العيش للموظف بدخله المحدود، ورغم إننا لا يمكن أن نتوسع بالتحليل ونتعجل في وضع الاستنتاجات والتداعيات، إلا انه هذا السلم كان من الأجدر إن يطبق بشكل تدريجي.
7- يجب إن يكون السلم الوظيفي قد اعد بشكل صحيح وان يكون من ضمن (الإصلاحات) وليس العكس، لان الموضوع يتعلق بالعراقيين جميعا كون عدد الموظفين أكثر من 4 ملايين ولا يوجد بيت عراقي يخلو من الموظفين، كما إن ما يحصل عليه الموظفون أصبح المصدر الأساسي للدخل الفردي والعائلي والأداة لحركة الأسواق المحلية وتامين الإعمال في القطاع الخاص، لذلك فان أي خلل أو اختلال من الممكن أن يفضي إلى نتائج غير معروفة، ومنها انخفاض مستوى الرضا وضعف الولاء والتأثير على درجة الشعور بالمواطنة والتشجيع على الفساد الإداري والجريمة واضطرار البعض للهجرة –وخاصة الاختصاصات النادرة والمهمة- بعنوان اليأس وغيرها من الظواهر التي لا نتمنى ظهورها لان الجروح الكثيرة لم تتم مداواتها بعد.
وأخيرا، على الرغم من إن تعديل الرواتب ومساواتها هو حق مكفول لكل العراقيين، إلا إن في هذا الظرف الصعبة التي يمر بها العراق، من الحرب ضد الإرهاب، وانخفاض أسعار النفط، والفساد المالي والإداري المستشري، ووجود إعداد كبيرة من عوائل الشهداء والجرحى من القوات المسلحة والحشد الشعبي الذين ضحوا بدمائهم من اجل العراق، والتي هي بحاجة إلى دعم ورعاية خاصة، كذلك الحاجة إلى تمويل لهذه الحرب من رواتب وشراء الأسلحة المختلفة والعتاد الحربي من اجل تحقيق النصر على الإرهاب، لذلك إن الأحرى بالحكومة العراقية إيقاف أو على الأقل تأجيل إي زيادة في الرواتب، مع إجراء تخفيض في الرواتب العالية والمخصصات بما يتناسب مع حجم المعركة وشدها، لحين انفراج الوضع في العراق، وانتهاء الحرب، وعودة استقرار أسعار النفط العالمية.
مقالات اخرى للكاتب