قد يستوعب الراي العام الحالة، اذا ما تحول زعيم الى ديكتاتور مستبد، وصل الى سدة الحكم عن طريق انقلاب عسكري او ورث السلطة عن آبائه او انه كان ينتمي الى حزب ايديولوجي شمولي، كأن يكون شيوعيا مثلا، ولكنه، الراي العام، سيعجز عن استيعاب الحالة اذا ما تحول زعيم وصل الى السلطة عن طريق صندوق الاقتراع او انه ورث السلطة بعد تغيير ثوري ازاح الديكتاتور واسقط الاستبداد، اذا ما تحول الى ديكتاتور، فما بالك اذا كان هذا الزعيم المنتخب الذي ورث السلطة بعد ثورة شعبية اسقطت الديكتاتور، ينتمي الى (حزب ديني) كما هو الحال بالنسبة الى الوضع الذي تشهده عدد من الدول التي شهدت ربيعا بامتياز اسقط الانظمة الشمولية بحراك شعبي هدفه اقامة نظام ديمقراطي يعتمد مبدا التداول السلمي للسلطة من خلال صندوق الاقتراع في اطار التعددية السياسية ومبدا الاغلبية والاقلية السياسية؟.
والسبب، لان الزعيم في الحالة الاولى يحتاج ذلك ليبقى في السلطة، اما في الحالة الثانية، فليس هناك حاجة، او داع للامر، فلماذا يلجأ اليها الزعيم؟.
ان من يمارس الاستبداد والديكتاتورية من الزعماء والقادة لا كرامة له، لانها عادة ما تنتهي بهم اما الى مقصلة الاعدام كما هو الحال مع الطاغية الذليل صدام حسين الذي رفض ان يتنازل لشعبه فيترك السلطة ابان انتفاضة آذار (شعبان) عام 1991، فاضطر الى ان يتركها رغما عن انفه ليختبئ في بالوعة اشعث اغبر جبان لا حول له ولا قوة، او الى الشارع تسحله الجماهير وتعتدي عليه فتعبث باعضائه، او الى القبر اثر عملية اغتيال بالسم او خنقا وهو على فراشه، كما هو الحال بالنسبة الى الكثير من (خلفاء) المسلمين على مر التاريخ.
اما الديمقراطية فانها تحفظ كرامة الزعيم، فتراه يعود الى بيته بعد ان يقضي دورته الانتخابية الدستورية مسؤولا اعلى في الدولة، معززا مكرما، حتى اذا كان قد ارتكب خطا او اتهم بخيانة، فانه سيقف امام القضاء يدافع عن نفسه بكل احترام ووقار كأي مواطن آخر.
ولشد ما يثير الاستغراب والدهشة ان يتوسل البديل عن النظام الديكتاتوري والبديل عن الزعيم المستبد، والذي رآه البديل كيف يسقط على يد شعبه، وكيف يرسم نهايته البائسة بسبب اعماله، بالديكتاتورية، فيسعى بكل جهده من اجل ان يجدد لنفسه اعلى موقع للمسؤولية، او انه يسعى لتجميع كل الصلاحيات ومراكز القوة بيده، ما يعني انه لم يعتبر من مصير من سبقه، او انه يشتهي السحل والاعدام اسوة بمن سبقه اليه.
لقد نقل لي مطلع ومقرب ممن اثق به، ان احد اسباب تشبث عدد من المسؤولين في العراق الجديد، خاصة من علية القوم، بالسلطة هو خوفهم من الملاحقة القانونية بسبب ملفات الفساد التي تورطوا بها والتي تزداد يوما بعد يوم، فهم يخشون ان يواجهوا ذات المصير الذي واجهه الطاغية الذليل من قبل.
فمع مرور الايام تتدحرج ملفات الفساد فتكبر كما تتدحرج كرة الثلج ، حتى قال احدهم لصاحبي، مجنون انت اذا تعتقد بانني ساسلمها؟ فهذا يعني بانني ساضع بيدي حبل المشنقة في رقبتي، وهل يفعلها عاقل؟.
وانما صدقت كلام صاحبي لانني سمعته، المسؤول، يعبر عن هذا النمط من التفكير في اكثر من مناسبة، ناسيا او متناسيا، بان العاقل ليس هو الذي لا يضع حبل المشنقة في رقبته، وانما العاقل هو من يجنب نفسه الوصول الى مثل هذه النهايات البائسة منذ الخطوة الاولى لوصوله سدة الحكم.
ان سليم العقل هو الذي لا يتورط بفساد فيجنب نفسه حبل المشنقة، خاصة اذا كان قد تسنم السلطة من خلال صندوق الاقتراع، وقديما قيل، لا تسرق ولا تخف من الشرطي.
واذا كان هذا المبرر للاقتتال على السلطة والتشبث بها والتهالك عليها مقبولا عند البديل فلماذا لا نقبله من الطغاة والمستبدين؟ لماذا لم نقبله من الطاغية الذليل من قبل؟ ولماذا لا نقبله لنظام القبيلة الفاسد الحاكم في دول الخليج مثلا؟.
هذا من جانب، ومن جانب آخر، هل انقذ هذا النوع من التفكير من كان قبله لينفعه اليوم؟ فلماذا يكرر اسطوانة مشروخة سلفا هو يعلم قبل غيره بانها سوف لن تنفعه ابدا، فمهما امتد الزمن بسلطته فانه فاقدها لا محالة، وسياتي اليوم الذي يجب عليه ان يواجه فيه العدالة شاء من شاء وابى من ابى.
ان من يخشى مصيرا كمصير الطاغية الذليل كان عليه ان لا يتورط بفساد او يسكت عنه ويستفيد منه، كما كان عليه ان يعتبر من ذاك المصير حتى يتجنب كل فعل قبيح فعله الطاغية وبالتالي يتجنب مصيره.
كان عليه ان يحسب للقادم حسابه وللمستقبل حسابه، خاصة وانه شهد كغيره من العراقيين مصير الطاغية الذليل بام عينيه، فلماذا لم يعتبر به ليتجنب كل ما من شانه السقوط في حفرة اخرى او السحل في الشارع؟.
الم يفكر البديل الذي جاء الى السلطة عبر صندوق الاقتراع، ان من الممكن ان يسقطه صندوق الاقتراع في يوم من الايام، كما جاء به الى السلطة في يوم من الايام؟ وهب انه نجح في التشبث بالسلطة خوف المصير الاسود لسنة اخرى او سنتين او عقد من الزمن، ثم ماذا؟ هل يتصور بان السلطة ستدوم له الى ما لا نهاية؟ هل يظن ان الفلك ثبت عند نقطة محددة وعند تاريخ محدد وهو يوم تسلمه السلطة في بغداد؟ فلم يعد يدور بعد الان ليطمئن الى السلطة؟ الا يتصور بانه زائل لا محالة مهما فعل ومهما دبر؟ الا يظن بانه سيحاكمه التاريخ ان عاجلا ام آجلا؟ حيا او ميتا؟ ليس هو وحده فحسب، وانما حزبه وجماعته وكل من التف حوله ايام السلطة لتحقيق مصلحة او لتحقيق غاية او لاي سبب كان؟.
لشد ما يستغرب المرء وهو يرى كل هذا الاقتتال على السلطة من قبل (زعماء) رأوا بام اعينهم مصير الطاغية الذليل، ولشد ما يستغرب المرء من زعماء استبدلهم الله تعالى باعتى طاغية فعل المستحيل من اجل ان لا يكون خياره بالوعة يختبئ بها كالجرذان الخائفة المرعوبة، كيف يكررون افعاله واعماله وكأن شيئا لم يكن، او كأن مصير الطاغية الذليل لم يعنيهم بشئ لا من قريب ولا من بعيد؟.
كم تمنيت ان يقتتلوا على السلطة لا من اجل ذاتها، وانما من اجل خدمة الناس وبناء البلد؟ انهم يتقاتلون عليها من اجل تحقيق مصالح ذاتية ومآرب شخصية او حزبية ضيقة، وان حال البلد البائس ينبؤك عن ذلك.
لو كان عند البديل ذرة كرامة لما فعل ما فعله الطاغية الذليل، ولأصر على بناء نظام ديمقراطي حقيقي ينتهي به الى بيته وعند عائلته بعد ان تنتهي فترة مسؤوليته الدستورية، ليذكره التاريخ بخير ولتكتب عنه الاجيال القادمة كلمة شكر وعرفان، ازاء ما حققه من ايثار بالسلطة لصالح نظام سياسي ديمقراطي حقيقي ينعم به العراقيون بالامن والرفاهية والكرامة، مع زعمائهم الذين سيتداولون السلطة سلميا بعيدا عن التآمر والتخوين ولعبة السرقات المسلحة (الانقلابات العسكرية) ومن دون ان يحتاج الواحد منهم الى ان يصنع الازمات ويختلقها ليعتاش عليها نقاطا يسجلها ضد هذا الخصم او ذاك.
ويتكرر المشهد اليوم في مصر الكنانة، اذا بالرئيس المنتتخب يمارس نفس اللعبة التي ادى دورها السئ الرئيس المخلوع، فتراه يحرق مصر من اجل ان يكرس السلطة بين يديه، ويدمر البلاد من اجل ان يشرعن الاستبداد والديكتاتورية مرة اخرى، بعد ان اكتوى بنيرانها المصريون لعقود طويلة من الزمن، وقد كان هو وحزبه احدهم.
الهذه الدرجة يكون البديل غبيا فلا يعتبر بمصير من سبقه للتو؟.
الهذه الدرجة فقد البديل كرامته ليكتب لنفسه الذلة وهو في سدة الحكم ليتذوقها عندما تحين ساعته؟.
هل حقا ان (الاسلاميين) او من اسميهم بـ (اهل الدين) من الاحزاب الدينية، لا يؤمنون بالديمقراطية الى هذه الدرجة؟ ولو سلمنا بذلك، فهل انهم لا يؤمنون بكرامتهم كذلك؟ فيشرعنون الاستبداد وهو اس الذلة التي يكتبها الديكتاتور على نفسه؟.
برايي، فليس (اهل الدين) هم وحدهم من لا يؤمن بالديمقراطية في بلادنا المتخلفة التي يسمونها بالنامية، فلقد جربنا من قبلهم (العلمانيين) بشتى مشاربهم ومآربهم، فوجدناهم، كذلك، لا يؤمنون بالديمقراطية، وانهم لا يؤمنون بكرامتهم الشخصية، ولذلك فان كل من وصل الى السلطة، وباية طريقة، انتهى به المقام الى ان يتحول الى ديكتاتور ومستبد لا تحده خطوط حمراء ومن اي نوع كان وهو يمارس السلطة، على الرغم من انه يظل يتغنى بالحرية والديمقراطية والكرامة طوال حياته لازال في السلطة، الا ان نهاية سلطته تخبرك عن كرامته، وعن مدى ايمانه بالديمقراطية.
كنا نرجو ان يكون (اهل الدين) اكثر عقلانية واكثر اعتبارا بالسلف من الطغاة، فيستفيدوا من نهايات الطغاة الماساوية فيعيدوا حساباتهم مع السلطة ليبنوا ثوابتهم ازائها طريقة جديدة تنتهي بهم الى بيوتهم وبين عوائلهم معززين مكرمين، ولكن يبدو لي ان للسلطة سحرا عظيما ينسي الحاكم كرامته وان كان من (اهل الدين) وان السلطة عندما تتعارض مع الكرامة الانسانية، فاما الكرامة واما السلطة، على عكس حالها في الغرب، فالسلطة والكرامة توأمان لا يتناقض احدهما مع الاخر، على الرغم من ان الدين والاخلاق عندنا.
الا من عصم الله تعالى، وهما اثنان:
الاول: اذا كان هذا الحاكم الذي هو من (اهل الدين) شيعيا قدوته امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام الذي قال عن السلطة {اللهم انك تعلم انه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان، ولا التماس شئ من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الاصلاح في بلادك، فيامن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك} ولذلك فعندما تداكت الامة على باب داره تطلب منه ان يقبل السلطة قال {والله لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما اخذ الله على العلماء ان لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم، لالقيت حبلها على غاربها} لماذا يا امير المؤمنين؟ {اما ان امرتكم هذه اهون عندي من عفطة عنز، الا ان اقيم بها حقا او ادحض بها باطلا} فالسلطة عند صاحب الكرامة مسؤولية، اما عند الذليل فمغنما، ولذلك يرفضها الاول اذا تعارضت مع كرامته، فيما يتهالك عليها الذليل لانه ليس عنده ما يفقده.
اما اذا كان غير امير المؤمنين قدوته، فسيتدحرج على زحاليفها منذ اللحظة الاولى التي يتسنم بها السلطة، وهو بهذه الحالة يكون عنده الدين والمذهب تجارة للبقاء في السلطة والاستمرار في الحكم، يبكي على الحسين عليه السلام، ليس لانه قدوة واسوة، ابدا، وانما لانه يثير عواطف العوام فيلتفوا حوله ويدافعون عنه وان كان ظالما، اذ تكفيه دمعة منه يذرفها على الحسين عليه السلام كذبا ورياءا، او خطوات يخطوها مع السائرين اليه عليه السلام امام عدسات الكاميرا، او مجلسا حسينيا يرعاه في مكتبه او وزارته، لتحشيد الشارع خلفه اذا ما اشعل حربا من نوع ما ضد هذا الخصم السياسي او ذاك.
الثاني: اذا كان هذا الحاكم الذي هو من (اهل الدين) سنيا قدوته الخلفاء الاربعة، الذين تناوبوا على السلطة بعد رسول الله (ص) بالشورى، وان كانت عمياء عرجاء، الا انها (ديمقراطية) بمقدار، اما اذا كانت قدوته معاوية بن ابي سفيان، او يزيد بن معاوية، اي ان قدوته سلطة الطلقاء وابناء الطلقاء الذين حولوا الخلافة الى ملك عضوض، يحققونه بكل الطرق والاساليب والوسائل المشروعة وغير المشروعة، فيقتلون الحسين السبط الشهيد بكربلاء من اجل السلطة، ويقتلون النفس المحترمة ويتآمرون على صحابة رسول الله (ص) ويدسون السم بالعسل ويقتلون معارضيهم ثم يقولون (ان لله جنودا من عسل) اذا كانت قدوتهم هذه النماذج السيئة فهم بالتاكيد لن يقيموا لا ديمقراطية ولا حكم رشيد ولا سلطة صالحة ابدا، بل انهم سيتاجرون بالدين فيقبلون به اذا كان يخدم مصالحهم ويكفرون به اذا تعارض معها، وصدق سيد الشهداء الامام الحسين السبط عليه السلام عندما قال {الناس عبيد الدنيا والدين لعق على السنتهم، يحيطونه ما درت معائشهم، فاذا محصوا بالبلاء، قل الديانون}.
هذا من جانب، ومن جانب آخر:
اولا: ان (اهل الدين) هؤلاء جاؤوا للتو الى السلطة، لم يمتحنهم الناس بها من قبل، اي انهم تسنموا السلطة بطهارتهم ونقائهم، فلماذا يلوثون انفسهم بها؟ لماذا لا يتعاملون معها، ومنذ اللحظة الاولى، بطريقة سليمة تبعدهم عن الشبهة والتهمة؟.
بعبارة اخرى، فانهم غير محتاجين لان يتهالكوا عليها عند وصولهم اليها عبر صناديق الاقتراع وبارادة الشعب، فلماذا يتقاتلون عليها؟ لماذا لا يفكرون بالاحتفاظ بها ليس بالتآمر ومن خلال توظيف الازمات المفتعلة او بالطرق الملتوية، وانما بالانجازات السليمة والملموسة وبالنجاحات الحقيقية التي تلامس حياة المواطن الفرد والموطن المجتمع، وبذلك سيصونون كرامتهم وكرامة احزابهم وتاريخهم وماضيهم المضمخ بدماء الشهداء وتضحيات كبار قادتهم.
لماذا لا يفكرون بطريقة اخرى للتعامل مع السلطة، تتيح لهم فرصة تحقيق انجاز تاريخي يتمثل بالسعي لبناء نظام ديمقراطي حقيقي في بلدان ظلت تعاني من قهر الاستبداد والديكتاتورية على يد زعماء وقادة (علمانيين) اهلكوا الحرث والنسل، فلماذا لا يفكر هؤلاء بانجاز يغير مسار التاريخ فيكتب لهم انهم حققوا انجازا عجز غيرهم عن تحقيقه؟.
ان ذلك هو الذي سيضمن لهم البقاء في السلطة بلا منازع، ولكن ليس بالطرق الملتوية كما يفعلون اليوم، وانما بالانجاز التاريخي، فالديمقراطية لصالحهم قبل غيرهم، وهي التي ستحملهم الى السلطة في كل مرة تجري فيها الانتخابات ويقف الناخب امام صندوق الاقتراع ليدلي برايه.
اما اذا استمروا بهذه الطريقة في التعامل مع السلطة، فانهم سيسقطون سقوطا مدويا، غير ماسوف عليهم.
ثانيا: الا يعلم (اهل الدين) هؤلاء بان العالم قد تغير وان الواقع الدولي قد تبدل، وانه ليس للديكتاتورية فيه مكان، خاصة في البلدان التي شهدت تغييرا جذريا في نظامها السياسي القديم، كالعراق ومصر وليبيا واليمن وغيرها، فلماذا يتجاهلون الواقع الدولي هذا ويحاولون القفز على ثوابته الجديدة ليبنوا لنا ديكتاتوريات جديدة وهذه المرة باسم الدين، وهي الاخطر؟ الا يعلمون ان معنى السيادة قد تغير وتبدل، خاصة بعد ان شرعنت المؤسسات الاقليمية كجامعة الدول العربية وغيرها، التدخل الاجنبي في شؤون البلاد العربية من خلال الفعل المشين الذي تقوده (دولة قطر الاعظمى) ونظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية؟.
لماذا يفعلون الفعل ويندمون عليه تحت طائلة الضغط الدولي او التهديد احيانا؟.
ثالثا: لماذا ينسى (اهل الدين) هؤلاء حقيقة ان القيم ثابتة واصيلة اما السلطة فزائلة ومتغيرة وهي تتقلب باهلها من حال الى حال؟ فلماذا يبيعون الثابت بالمتغير؟ لماذا يمرغون انف تاريخهم وماضيهم المشرق والممتد الى عقود طويلة من الزمن، بالوحل من اجل سلطة ايام معدودات؟ لماذا يصيبون جمهورهم وقواعدهم بالياس والقنوط من امكانية ان يحتفظ (اهل الدين) بقيمهم وثوابتهم مهما مرت عليهم البلاءات والامتحانات، ومهما واجهتهم الاغراءات، لانهم اقوى من كل شئ، وانهم ثابتون ثبات الجبل الاشم الذي لا تحركه العواصف؟ لماذا لا يدعوا زعماءهم الشهداء مرتاحين في قبورهم بعد عقود الجهاد في سبيل الله؟.
لقد سألت احدهم مرة عن سبب انقلاب الصورة في تجربة (الاسلاميين) مع السلطة، وعن سر نسيانهم الماضي (الديني) وثقافتهم الدينية ورموزهم الدينية، فاجابني بالقول: ان كل ذلك كان نظريات، اما الواقع فشئ آخر، واضاف: لقد دمرتنا السلطة، واهلكتنا.
رابعا: ان كان ولابد لـ (اهل الدين) من ان يسقطوا في امتحان السلطة، فذلك شانهم، فالى مزبلة التاريخ وبئس المصير، شريطة ان يدعوا الدين لاهله ويغيروا اسماءهم ويستبدلوا اشكالهم وهيئاتهم، حتى يعاملهم الناس على انهم (اهل سياسة) وليسوا (اهل دين) وعندها سيكون الحساب يسيرا، لان حساب الدين عسيرا كما نعلم وتعلمون.
ان من المعيب حقا ان يستبدل المرء كل شئ الا الاسم، وان من المخجل حقا ان ينقلب المرء على كل شئ ويظل محتفظا باسمه (الديني) التاريخي، فاولى له ثم اولى ان يغير اسمه بعد ان غير كل شئ، وبعد ان لم يعد الاسم اكثر من لون يصبغ فيه واقعه المزيف، او من ورق الشجر الذي يغطي به سوأته.
NAZARHAIDAR@HOTMAIL.COM