ضرب الارهاب خلال شهرين وبضعة ايام مدينتين كرديتين: اربيل 29-2-2013 وكركوك 5-12-2013 حيث طال في الاولى المديرية العامة للأمن الكردستاني وفي الثانية مديرية الاستخبارات والمعلومات، وبين العمليتين سجلت حوادث اخرى مصنفة على الارهاب، ففي عقرة احبطت عملية ارهابية وهي في المهد وذلك ساعة عبور ارهابيين لنهر الخازر للاساييش في عقرة، في حين شهدت السليمانية إحباط عملية ارهابية واعتقال ارهابيين خلال وقبل وقوع عملية كركوك بيوم، ولم يعلن عن الهدف من وراء العملية تلك اكان نقطة امنية أم مدنية، وقبل هذه العملية، شهدت السليمانية ايضاً تفجيرين بواسطة عبوات لاصقة بسيارتين، تسبب في جرح اثنين ومن افراد القوات الامنية الكردستانية، عليه فأن العمليات الارهابية المقبلة قد تتركز بدرجة اولى على استهداف القوات الامنية وعلى رأسها الامن( الاساييش) الكردستاني، واذا اخذنا بتلاحق تلك العمليات ولو بشكل ما يزال بطيئا، فان على حكومة اقليم كردستان ان تتخذ احتياطاتها وتتأهب وان تتعامل مع الموضوع بجدية وذلك حفاظاً منها على السلم والاستقرار في المناطق الكردستانية الخاضعة لها واللذان يهيمنان أو يعمان كردستان منذ سنوات بعد أن خطى الارهاب خطواته الاولى لتعكير صفو الامن والاستقرار في كردستان.
اعود الى العمليتين الارهابيتين الكبيرتين، ان عدد المهاجمين للمركزين الامنيين المشار اليهما في الحالتين لم يتجاوز ال (6) أشخاص، وكان توقيت العمليتين في منتصف النهار اي نحو الساعة (12) ظهراً، ما يفيد ان الارهاب وضع الخمول والارهاق الذي يسود العاملين في المؤسسات الحكومية في نحو تلك الساعة بنظر الاعتبار، و يبدو ان جميع المشاركين في العمليتين كانوا انتحاريين بدليل عدم القاء القبض عليهم احياء باستثناء واحد بينهم من قبل القوات الامنية الكردية في كركوك، ومثل هكذا كشف يقودنا الى استنتاج وهو تورط جهات سياسية حكومية عراقية اوأقليمية بدرجة اولى في العمليتين بحيث لاتترك وراء العمليتين أي أثر دال على تورطها، مثلما فعلت الحكومة العراقية عند تنفيذ مؤامرتها لقتل البارزاني مصطفى قائد ثورة ايلول 1961-1975، اذ قتل جميع المشاركين في تلك المؤامرة وبذلك لم يخلفوا وراءهم دليلاً جرمياً على تورط حكومة البعث عامذاك 1971 والتي (المؤامرة) حصلت في بلدة حاجي عمران الحدودية مع إيران. ولما كانت دولة العراق الاسلامية قد اعلنت مسؤوليتها عن عملية اربيل فان دولة العراق والشام اعلنت مسؤوليتها عن عملية كركوك ايضاً وكلا التنظيمين يرتبطان بالقاعدة. ومع هذا فان اعلان القاعدة التي تتخذ لها مسميات شتى عن مسؤولياتها لايبعد الشبهة عن الحكومات أويبرئها. بل يأتي الاعلان دفعا للشبهات في تورط الحكومات في العمليات الارهابية ولا يغيب عن البال ان القاعدة منظمة تحت الطلب.
وبعد الاعلان عن كل عملية ضخمة، سرعان ما يحدد المحللون الهدف من ورائها، في عملية كركوك مثلاً قيل انها استهدفت عزل كركوك من المشاركة في الانتخابات النشريعية المقبلة التي من المقرر اجراءها يوم 30-4-2013، الا أن بعضاً من العمليات قد ترمي الى تحقيق جملة اهداف وليس هدفاً واحدا فبعد ساعات من اخماد العملية الارهابية هذه ذكر ان العملية كانت تتوخى تحرير ارهابيين معتقلين لدى المديرية المذكورة، فيما ذهب اخرون الى القول، انها وقعت لغرض افشال قرار مجلس قضاء طوزخورماتو بالانضمام الى كركوك مثلما كان في السابق قبل ان يلحقه صدام حسين بمحافظة صلاح الدين المصطنعة والتي ضم اليها قضاء الشرقاط التابع للموصل وبلدات كانت تتبع بغداد. لذا فان العملية تلك لا بد وانها كانت ترمي الى تحقيق جملة من الاهداف، وينسحب الرأي على عملية اربيل كذلك رغم انها حصلت بعد الانتخابات البرلمانية الكردستانية بثمانية أيام. وفي جميع الاحوال، فان الاهداف مهما تعددت واختلفت، فأن على حكومة كردستان والاطراف السياسية أن تعلم ان الارهاب أت وان افضل سلاح متاح لمواجهته هو تشكيل الحكومة الكردستانية الثامنة باسرع وقت على أن تكون ذات قاعدة عريضة تضم جميع الفائزين وحتى غير الفائزين من الشخصيات الكردية، وعلى ان تخوض الانتخابات العراقية سواء في المحافظات الثلاث الخاضعة لها او المناطق المتنازع عليها بقائمة موحدة، ان احد اسباب تواصل العمليات الارهابية في العراق يكمن في عدم وجود وزير للدفاع والداخلية الى الان، دع جانباً التمزق في المشهد السياسي العراقي وفي صفوف الوطنيين العراقيين من شيعة وسنة بالأخص وحتى داخل المكون الاجتماعي الواحد أيضاً.
ومن المشتركات بين العمليتين الى الاختلافات بينهما، ان عملية اربيل استغرقت دقيقة او دقيقتين فقط وأحيل دون دخول المهاجمين الى داخل مبنى المديرية العامة للأمن الكردستاني، بالمقابل فان عملية كركوك استغرقت نحو (8) ساعات، وهذا لايعني ان المدافعين عن مديرية استخبارات كركوك كانوا دون المدافعين عن اساييش اربيل شجاعة أو خبرة وذكاءً، ففي عملية اربيل كان لأعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني وحدهم الفضل في القضاء على الارهابيين، وكان لاعضاء الحزب نفسه دور محوري او مفصلي في القضاء على الارهابيين الذين دخلوا مديرية استخبارات كركوك واسواق (جواهرمول) وكان للعميد سرحد قادر قائد شرطة الأقضية والنواحي في محافظة كركوك الذي هو عضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي جرح اثناء العملية دور لافت في مواجهة الارهابيين. ناهيكم عن ادوار رائعة منسوبة اليه في السابق فالرجل بحق اصبح رمزا لمقاومة الارهاب ومطاردته في محافظة كركوك. واحد اسباب طول المسافة الزمنية في عملية كركوك واشكالات اخرى جعلت من اعضاء الحزبين هناك يتبادلون الاتهامات ضد بعضهما بعضا هو وجود قوتين امنيتين لكل من هذين الحزبين دع جانبا القول عن منافسات لهما حزبية طبعا في تلك المدينة وعلى مدى الاعوام الماضية. وحسناً فعل المسؤولون في كركوك عندما لم ينقلوا الجرحي الى اية دولة مجاورة وهو الخطا الذي وقع فيه المسؤولون في اربيل لما نقلوا الجرحى الى انقره لغرض التداوي والعلاج وضخموا بذلك من العملية التي لم تستغرق وكما قلت سوى الدقيقتين. ويعد هذا من اوجه الخلاف في التعاطي مع العمليتين. وكان محافظ كركوك الدكتور نجم الدين كريم على درجة كبيرة من الذكاء حين لم يستنجد بقوات عمليات دجلة للقضاء على المهاجمين، بل اعتمد على القوات الكردية واذا كان مصيبا في عدم طلب الدعم من عمليات دجلة فانه اخطأ في الاستعانة ب(القوة ضد الارهاب) التي اقبلت من السليمانية فبحسب العسكريين والسياسيين التابعين للديمقراطي الكردستاني ان طلبه للقوة تلك اطال من احتلال الارهابيين لاسواق (جواهر مول) اضف الى ذلك فان طلبه اوحى وكأن القيادة الكردية لم تزج بقوات كافية لحماية كركوك واعود الى رفضه طلب العون من قوات عمليات دجلة أو المروحيات الحربية العراقية واقول انه لو تصرف عكس ذلك، لكان قد طعن في الصميم بقدرة وذكاء واخلاص القوات الأمنية الكردية. ولقد دفع تجاهل المحافظ الدكتور نجم الدين كريم لقوات دجلة بالفريق عبدالامير الزيدي قائد عمليات دجلة ليطعن ولكن بيأس بالقوات الكردية حين قال لو كانت دعوة التدخل قد وجهت اليه لقضى على الارهابيين خلال 30 دقيقة! في وقت نجد ان قواته والتشكيلات العسكرية العراقية الاخرى التابعة للحكومة المركزية تعجز بالمرة عن مواجهة العشرات من العمليات الارهابية التي تقع يومياً في محافظات: الانبار وبغداد وديالى ونينوى. بل ان العمليات الارهابية حتى في محيط نفوذ عمليات دجلة قد ازدادت بشكل لم يسبق له مثيل بعد تشكيل تلك القوات (عمليات دجلة). هنا لايسع المرء إلا ان يشيد بمهارة القوات الكردية مقارنة بمثيلاتها من القوات في البلدان الاخرى التي دخلت في مواجهات مع الارهابيين. فقبل شهور مثلاً رأينا كيف ان القضاء على ارهابيي (المجاهدين الشباب) الصوماليين الذين احتلوا احد اكبر مصارف نيروبي بكينيا، استغرق اياماً بينما القوات الكردية قضت على ارهابيي العمليين في خلال ثوان باربيل وعدد من الساعات في كركوك. اعلام الاتحاد الوطني الكردستاني سيما فضائية كوردسات على النقيض من اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني، فأنه تعامل بسرعة وذكاء مع حادث عملية كركوك، فلقد نقل أولاً بأول تفاصيل الحادث، ولم يكتف بهذا فحسب بل انه سرعان مانظم مايشبه غرفة عمليات رأي وتحليل، حين استأنس باراء برلمانيين ومحللين سياسيين وقادة حزبيين وعسكريين والذين جاءت اراؤهم في معظمها صائبة مفيدة ولم تتوقف الفضائية المذكورة عن التغطية المباشرة للحدث إلا بعد انتهائه،في حين كان اعلام الحزب الديمقراطي الكردستاني دون (كوردسات) بكثير في تناوله للحادث، وكأن الحادث لا يمت بصلة الى الكرد.علما ان هذا الاعلام كان قد ادى دورا سلبيا وكمابينت في مقال سابق لي في تغطيته لوقائع العلمية الأرهابية في اربيل التي استغرقت دقيقة واحدة أو دقيقتين لكنه عرضها بشكل وكأنها امتدت لساعات!! ان القوات الامنية التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني تتقدم على اعلام هذا الحزب في التعاطي مع الاحداث في حين نجد ان الاعلام في الاتحاد الوطني الكردستاني يتقدم على القوات الامنية التابعة للاخير في التعاطي مع الاحداث.
وثمة فروقا اخرى بين عمليتي اربيل وكركوك منها ان المشتركين في الهجوم على اساييش أربيل كانوا من القومية العربية والسورية حصرا لكننا فوجئنا بارهابيين كرديين احدهما من حلبجة في عملية كركوك من بين الارهابيين الاخرين الذين لم يتم التعرف على هوياتهم أو اية اوراق ثبوتية عند تحري جيوبهم بعد مقتلهم، لذا على حكومة وشعب كردستان ان تشدد على الكرد المشتبه بهم في الضلوع بالعمليات الأرهابية من الأن فصاعدا، من قبل ان يخلقوا قاعدة اجتماعية لهم داخل المجتمع الكردي كما هو الحال في المثلث السني في العراق حيث تحول المجتمع السني الى حاضن للارهاب. وان تعمل على استئصال شأفتهم، وتضع ببالها، ان هنالك جهات ضخمة داخلية كردستانية وخارجية اقليمية تقوم بتدريبهم وتوجيههم.