الهمبلة : مفردة شعبية عراقية ، تعلمتها في السوق . هي ثرد من كلام مبالغ فيه ، أو هي الكلام الذي لا يطبق على أرض الواقع . وتنقسم إلى أنواع ، منها: الهمبلة السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، والدينية .
وفي ايامنا الحاضرة ، تكثر الهمبلة ، من كل نوع ، وفي كل مكان ، بشقيها الرسمي والشعبي . فقد اجتمعت في محل صديق ، مع اثنين من "الدراويش " أو "الصعاليك" ، وهما من العينة ، التي تغرد خارج الإطار الحزبي والحكومي والديني -الطائفي . هذه العينة من الناس ، لها عالم آخر من الصحبة ، وقد مرّت عليها بلايا مختلفة ، قبل عام 2003 ، وما بعده . ناسها يذكرونني بأبطال حنا مينة ! هم اولاد محلة أو بلد ، لا تخشى من صحبتهم ، رغم انهم من اجيال مختلفة ! فهم يحمون الطريد ، ويأوون الشريد ، يكثرون الحديث عن بهلول ، وكأنه قدوتهم . اسمع حكاياتهم ، عن مغامراتهم مع البعث ، والاحتلال ثم الطائفية ! فتدمع العين مبتسمة ، وتكون حكايتي في ذيل معاناتهم ! إنهم أولاد مدينتي !
تحدث الأثنان عن خصال الأمام علي ، كثيرا ، قال الأول وأسهب ، وزاده الثاني إطنابا ، ما خلاصته إن الامام علي كان زاهدا في دنياه ، ومنها انه لا يأكل في وجبته الا نوعان من الطعام ؛ مثل الخبز والتمر.
وصاحب المحل يستمع لهما . والاحاديث لا تطيب الا بوجود الشاي ، حتى قاربت الساعة منتصف النهار .
قال أحدهم اين الغداء ؟
احضر صاحب المحل صينية كبيرة من التي تستخدم في المآتم ، وكان يحتفظ بكمية كبيرة من تمر الزاهدي ، جلبها له احد الفلاحين كهدية ، فوضع كمية منها في ماعون وغطاها برغيفين من الخبز وقدمها لهما .
وقال تفضلوا !
حدق احدهما بالاخر وابتسما وبدا يأكلان ، احدهما طلب ماء ، بعد بضع تمرات من الزاهدي
ثم قالا الحمد لله !
وما ان قالا الحمد لله ، أرسل صاحب المحل خبرا الى البيت ان اجلبوا الغداء ، وفرشه على المنضدة ؛ دجاجة ورز وبامية إضافة الى الخضر ، فما كان منهما الا ان تلمّظا وقال الاول : هل هذا ثواب لابي عبد الله ؟
قال صاحب المحل؛ السيد : "لا تمد إيدك هذا مو ثواب ، وبعدين انت تغديت وحمدت الله على نعمته"
ثم قال الثاني بابتسامة ماكرة : "والله ان فعلتك هذه لأشد من فعلة عمر بن العاص ! "
قال صاحب المحل :
" هذا حجي يفيدكم ، لا ثواب ، ولا عمر بن العاص ! زماني غير زمن الأمام ، احنا ناس نحب الدسومات ، صار ساعة تثردون برأسي ، كان يأكل خبز شعير وتمر ! محد يمد أيده !
وبعدها ، لا تهمبلون علينا !
مقالات اخرى للكاتب