العراق تايمز:
مما لا شك فيه أن التطورات التي اصبح يعرفها عراق ما بعد الاحتلال اصبحت تدعو الى الكثير من الدهشة والاستغراب، ولعل آخر أمر مدهش سمعناه هذا الاسبوع هي التصريحات المستفزة لنوري المالكي التي حذر فيها من عودة الطائفية الى البلاد وكأن هذه الطائفية الرعناء لم يكن له فيها يد ابدا.
لا يختلف اثنان حول دور نوري كمال المالكي في تاسيس حكم طائفي صرف في العراق، استطاع من خلاله الانفراد بالسلطة وحصرها في يديه ثم عمل وسع جهذه على اقصاء وتهميش جميع الاحزاب والتيارات المعارضة، وشمر على ذراعيه من أجل نسفها عبر كل الوسائل الممكنة، التي تجلت في نصب افخاخ كررها مع اكثر من معارض وبذلك يكون قد جنى على الديمقراطية العراقية في مهدها.
توجد حقيقة مرة تصرخ في الوجوه لطالما حاول حزب الدعوة وانصاره وبعض العراقيين الغشماء تجاهلها، وهي فشل السيد المالكي باقامة نظام ديمقراطي تعددي، يتجاوز كل الاعتبارات الطائفية، رغم مرور خمس سنوات على حكمه.
لقد اهدر نوري المالكي خمس سنوات من عمر العراق وبددها دون ان يقدم له ولابناءه شيئ وهم من علقوا كل امالهم عليه، دون ان يدركوا ان المالكي الذي تم تنصيبه من طرف الادارة الامريكية يعتمد كليا على حزبه والمقربين منه، وبعض الميليشيات الشيعية المتحالفة معه، ويجاهد قدر ايمانه في ممارسة سياسة العزل والاقصاء التي لم تستثني ابناء طائفته الشيعية ايضا، فكانت الاحتجاجات والثورات العارمة التي شهدتها مختلف المحافظات العراقية ضده، وضد نظام حكمه، نتيجة على سوء تدبيره للشان العراقي.
بعدما بثت الانتخابات البرلمانية الاخيرة روح الامل في قلوب العراقيين الذين طمحوا لتحقيق المصالحة الوطنية وصيانة العملية السياسية التي افرزها الاحتلال الانجلو- الامريكي، حيث عرفت مشاركة واسعة تختلف اختلافا ملفتا عن الانتخابات السابقة، استطعنا ان نعاين من خلالها تكتلات حزبية غير طائفية، لكن سرعان ما اجهز المالكي وتحالفه الطائفي على تزوير العملية الانتخابية عبر اعطاء تفسيرات دستورية غير شرعية، مكنته من الاستيلاء على كرسي الرئاسة وابعاد جميع خصومه ومنافسيه من الطوائف الاخرى، ليتسنى له اللعب بذيله على هواه.
لقد غير المالكي ملامح العراق وجعله اكثر فسادا وتمزقا من قبل ،زرع فيه بذور الطائفية واغتال جميع الطموحات في التعايش والتعاون بين ابناء الشعب العراقي الواحد.
لم يصنف العراق ضمن احدى المراتب الخمس للبلدان الاكثر فسادا في العالم اعتباطا، فان سياسة المالكي هي المسؤولة عن ذلك، ولعل ابرز مظاهر الفساد جذلا هو تصدير العراق 3 ملايين برميل نفط يوميا فيما لا يحظى اهله الا باربع ساعات من الكهرباء يوميا، وترتفع فيه معدلات البطالة الى اكثر من 20 بالمائة في اوساط الفئات الفتية.
ادن لا داعي ان يلعب نوري المالكي دور الواعظ الراشد الذي يستعر من الحكم الطائفي الذي اتخده عقيدة حكمه، لانه هو المسؤول الوحيد على هذا الانهيار السياسي والخدماتي الذي يعيشه العراق الجديد، والا لماذا خرج الملايين من الناس تحت شعارات معارضة للطائفية ومؤكدة على وحدة العراق.
لقد اتقن نوري المالكي لعبة النفاق عندما اثنى على المتظاهرين في الانبار الذين مزقوا الخرائط التقسيمية للعراق على اسس طائفية،في حين هو من عزز هذا التقسيم الذي عمق حالة الاستقطاب الطائفي في البلاد،واثرت بشكل كبير على السياسته الخارجية للبلاد التي ادت الى عزل العراق عن الخريطة العربية والاسلامية.