العجيب التناقضات التي ينطلق منها الرافضين لنظام الاقاليم والتقسيم .. فهم يضعون سلبيات ومخاطر.. كلها حصلت وتحصل بظل العراق الواحد المركزي وهم يعترفون بذلك ولكن لا يعون ما يكتبون.. ويريدون ان يحذرون منها في حالة الفدرلة او التقسيم.. والادهى يتبين من كلامهم جهل كبير في حقائق التاريخ..
فيكتب زياد الدليمي مقالا بعنوان (لا اقاليم لانها تقسيم).. بشكل يثير كثير من الاستغرابات.. فمن جهة يعترف بان (العراق وطن الاجندات الخارجية)؟؟ ولكن لم ينتبه بان هذا الاجندات الخارجية تعمل بظل العراق الواحد المركزي.. بمعنى (تلك الاجندات الخارجية ليس من مصلحتها تقسيم العراق او فدرلته.. لان المركزية توفر لهم القدرة على التدخل ورهن القرار بيدهم).. ولكن في حالة الفدرالة او التقسيم.. سوف تفقد تلك القوى والدول كثير من مببررات تدخلاتها.. فالسني العربي اليوم.. يستعين بالمحيط العربي السني ضد الشيعة والكورد.. والكورد يريدون الانفصال بشكل كامل خوفا من القوميين العرب .. والشيعة يلجئ قيادات منهم لايران خوفا من المحيط العربي السني المعادي لهم.. (ولكن لو حصلت الفدرالية او التقسيم) سوف تفقد الاجندات الخارجية كل الارضية التي تبرر لها التدخل..
ولنتذكر اذربيجان الشيعية.. بعد استقلالها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي.. فقدت ايران اي نفوذ فيها.. بعد ان كانت ايران تضن ان استقلال اذربيجان سوف يكون فرصة لضمها لايران.. (ولكن تبين بان الشيعة كلما حصلوا على حقوقهم اكثر.. كلما ضعف نفوذ ايران بينهم).. فصور الخميني والثورة الايرانية الخمينية كان لها صدى بين شيعة اذربيجان في زمن الاتحاد السوفيتي ولكن بعد استقلال اذربيجان لم يعد احد يرفع صور الخميني .. واتجه شيعة اذربيجان لبناء دولتهم.. حتى وقفت ايران مع ارمينيا المسيحية الارذوذكسية.. ضد اذربيجان الشيعية بالحرب التي دارت بينهما على اقليم ناكورونو كرباغ.. بالتسعينات..
وكذلك نذكر بان شيعة منطقة العراق قبل عام 2003.. كان الخميني والحركات الشيعية كالمجلس الاعلى (لهم شعبية).. ولكن بعد سقوط حكم البعث وصدام وحكم الاقلية السنية.. ضعف نفوذ ايران.. حتى وصل الامر بان المجلس كمثال تراجعت شعبيته من فوز كبير تحت قائمة 169 .. الى فشل كبير بانتخابات عام 2010.. بل فاز المالكي لضربه لمليشيات الصدر.. ولتهميشه المجلس الاعلى.. ولاول مرة يفوز شخص غير معمم افندي كالمالكي على قائمة معممة قائمة ال الصدر وال الحكيم .. (اي المالكي لم يفوز لقناعة من انتخبه به.. بل كناية بالمجلس والصدر).. ولم يعد نفوذ ايران نفوذ شعبي.. كما كان قبل عام 2003.. ولكن نفوذها اليوم بشخصيات وقوى بمفاصل الدولة.. وحتى المليشيات التي يمكن لايران تحريكها تعتمد على وجودها باستمرار العراق الواحد ومخاوف الشيعة من شرور السنة.. ينتهي كل وجودهم اذا ما اسس اقليم وسط وجنوب (اقليم سومر).. فالاقليم شيعي.. ولن يعود هناك مخاوف من عودة حكم سنة او بعث.. فتفقد ايران نفوذها كما سوف يفقد المحيط العربي السني القدرة على التدخل بعد ذلك.
وعودة على بدء.. نجد الدليمي والرافضين لتقسيم او فدرالة العراق.. يحذرون من ان تكون الاقاليم تابعة لاجندات خارجية.. في وقت الاجندات الخارجية تعمل بكل قوة بظل المركزية والعراق الواحد.. (فكيف يحذر الغرقان من البلل.. واليس حالة من يدافع عن العراق الواحد هو بحقيقته غطاء لتلك الاجندات الخارجية وعملها بظل المركزية بالمحصلة)..
وتناسى كذلك الدليمي بان المحيط العربي السني وايران وتركيا.. اكبر خطر يهددها هو حق تقرير المصير لشعوب منطقة العراق.. اي تقسيم العراق او فدرلته.. لان ذلك النظام الفدرالي سوف ينتقل عاجلا ام اجلا لتلك الدول المصطنعة في كثير منها وسوف تطالب كثير من شعوبها الواقعة تحت اضطهاد المركزية.. بحق الفدرالية وحق تقرير المصير.. كحق كفله لهم حقوقهم الانسانية..
ثم يدعي الدليمي بان العراق (تاريخه 5000 سنة)؟؟ عجبا.. هل يوجد عبر التاريخ دولة باسم العراق ؟؟ فالعراق معرف لمنطقة جغرافية وليس لدوله اساسا.. كالمنطقة الاسكندنافية او منطقة البلقان او الشام.. كل منها عدة دول.. الم يقرأ الدليمي بان السومريين تم احتلالهم من قبل الاكديين.. ومن دمر بابل هم الاشوريين.. ومن تحالف مع قوى خارجية لاحتلال اشور وانهاء وجودها هم البابليين بعد استقلالهم من الاحتلال الاشوري.. الا يعلم بان العراق دولة مصطنعة مركبة صنعتها خارطة الشرق الاوسط القديم سايكيس بيكو زيزانوف..
الا يعلم بان العراق مقسم من الله نفسه.. ليس فقط ديمغرافيا .. بل حتى جغرافيا .. فالكورد امتدادهم الجغرافي جبلي.. وسنة عرب امتدادهم الجغرافي صحراء.. و شيعة امتدادهم الجغرافي سهل رسوبي واهوار..
ثم نراه يبرر للامريكان والاماراتيين حقهم بالفدرالية.. بحجة ان تلك الدول ليس فيها اجندات خارجية ؟؟ السؤال هنا.. لماذا لم يسأل الدليمي و امثاله انفسهم .. (كيف استطاع الامريكان والامارتيين ان ينجحون بوحدة دولهم فدراليا.. ويمنعون الاجندات الخارجية من التدخل.. رغم تعددهم القبلي كالامارات.. التي قام نظامها الفدرالية على اقدم اسس الادارة ِ(القبلية) ليمزج باحدث نظام (الفدرالية).. فكل امارات قبيلة بحقيقتها.. وكيف استطاعت امريكا الحفاظ على وحدة فدرالياتها.. رغم وجود قوى سياسية داخل الولايات الفدرالية.. بل حتى مليشيات تريد الانفصال عن امريكا.. لماذا الامارات وامريكا.. لم تتبنى المركزية المقيتة في نظامها واستبدلتها بالفدرالية..
ثم يدعي الدليمي بان تلك الدول الفدرالية ومنها امريكا والامارات.. ليس فيها فدرالية بل تتوجه للوحدة ما اسماها (القصوى)؟؟؟ !!!!! الم يسال نفسه كيف عبر هؤلاء مرحلة الدين والقبلية واللون.. اليس لانهم احترموا خصوصية كل مكوناتهم عبر الاعتراف بالفدرالية كما فعلت سويسرا من بين تلك الدول.. (وقلناها بمواضيع سابقة.. بان الفدرالية تنقل العراق لمرحلة ما بعد القومية والمذهبية.. الى مرحلة بناء دولة).. فالديمقراطية الانتخابية فقط تضع شرعية نظام الحكم.. ولكنها فاشلة بالدول المركبة كالعراق.. اذا لم يسبقها الفدرالية التي تعالج ازمة المخاوف والصراع بين المكونات..
ونؤكد للدليمي..بان تلك الدول انتقلت من الفدرالية للوحدة.. ولم تقم وحدتها على المركزية .. اساسا.. ثم نرى الاستاذ الدليمي يعيش عالم غير واقعي.. فهو يتسائل (كيف نذهب من الوحدة للفدرالية)؟؟ السؤال هل هناك وحدة اساسا بين المكونات والشعوب بمنطقة العراق عبر تاريخها ومتى ذلك ؟؟ هل في زمن حكم اجنبي ملكي حجازي قائم على اسس عنصرية مذهبية .. او بزمن عبد السلام عارف الطائفي او البعثيين صدام والبكر.. بمقابر جماعية وقتل جماعي وقمع انتفاضة الشعوب بمنطقة العراق .. ومحارق كيمياوية والارض المحروقة بتجفيف الاهوار وقطع ملايين النخيل وتهديم الاف القرى.. وجر العراق لحروب فوق الكبرى كحرب ايران وحرب الكويت والحصار وحرب عام 2003.. وحروب اهلية داخلية ضد الشيعة والكورد.. وغيرها من الكوارث التي كلها حصلت في ظل العراق الواحد.. لنتقل لمرحلة الفساد المالي والاداري والفوضى بظل العراق المصطنع..
ويتسائل الدليمي..عن نوع الفدرالية التي يراد تطبيقها.. ويدعي ان (الشعب العراقي).. كما وصفه وهو في حقيقته (الشعوب والمكونات العراقية).. هم بسطاء في فكرهم وثقافتهم.. السؤال هنا (الامارات بالسبعينات عندما طبقت الفدرالية كان نسبة من يعرف القراءة والكتابة اقل من 1% .. وكانت وسائل النقل البعران والسكن ببيوت طين وخيم.. والاقتصاد يعتمد على السياحة والرعي.. والنظام الاداري نظام عشائري بدائي.. ورغم كل ذلك نجحوا في تطبيق الفدرالية.. فهل الاماراتيين ارقى واعمق من فكر وثقافة الشعوب العراقية في نظر من يعارضون الفدرالية والتقسيم.. ليتبين بان من يرفضون التقسيم والفدرالية هم من ينظرون للشعوب العراقية بمستوى ادنى ويحطون من قيمتهم كما وصفهم صدام (بان العراقيين خيرهم قبل ان يصل البعث كان يلبس نص نعال).. وهو البسهم.. ومستشار المالكي يقول (بان العراقيين لم يكونوا يعرفون السبلت والاركونديش) .. وان المالكي هو من ادخلها لهم.. (مشكلة العراق ان من حكمهم كانوا من مستويات متدنية اقتصاديا او ثقافيا او سياسيا او بيئيا يجمعهم النظرة الفوقية المتعالية على الشعوب بمنطقة العراق).
ويستمر الدليمي بكتابته.. منتقدا الطبقة السياسية ونحن معه في هذا الانتقاد لهذه الطبقة الطفيلية الوضيعة.. التي تعيش عالة على ثروات الشعوب بمنطقة العراق.. ولكن لم يسال نفسه الدليمي (كيف تحكم اليوم هذه الطبقة السياسية المتنافرة.. المتوحدة بتقاسم الكعكة والثروة.. اليس عبر المركزية وعبر ديمقراطية الخوف الانتخابية.. فكل مكون يذهب لينتخب قوائم سياسية وهو يعرف انها غير مؤهلة ولكن خوفا من وصول الاخر يدفعه لانتخابها.. عبر المركزية والعراق الواحد..
والمثير للاستغراب اكثر بان الدليمي في وقت يحذر من مؤامرة بل مؤامرات ومخططات خطيرة.. قد تذهب بالبلد الى بلدان متعددة ؟؟ يتناسى بان العراق كدولة هو بحد ذاته اسس كمؤامرة بخارطة الشرق الاوسط القديم سايكيس بيكو زيزانوف.. عبر بريطاني و فرنسي رسموا خارطة المنطقة.. بموافقة المسؤول الروسي زيزانوف ..
ولا نعلم عن اي خطاب وطني يقول الدليمي (اصابه وعكة).. ؟؟ ومتى كانت هناك وطنية اصلا بالعراق.. فالعراق تقاذفته القوى السياسية القومية العنصرية والقوى الاسلامية المذهبية.. المسيسة للدين.. فلا يوجد اي اسس لفكر وطني او اسس وطنية تربط المكونات.. فالقوميين المسيسيين للقومية .. لا يعترفون بادبياتهم بالعراق كدولة ووطن بل (قطر، اقليم) تابع لوطن وهمي اسمه (الوطن العربي).. الغير موجود على ارض الواقع عبر التاريخ.. اي يقزمون من العراق ويجعلونه (قطر اقليم جزء).. والاسلاميين يعتبرون العراق (ولاية، امارة) تابعة لدولة وهمية او امبراطورية وهمية باسم (الخلافة.. ).. واخرين يعتبرونه جزء من ما يسمونه (دولة الامام المهدي ع).. التي لا يعرفون هم متى يظهر ومتى يؤسسها.. وحتى تاسيسها لا يبالون لو قتل نصف الشيعة.. ولو ابيد ملايين الشيعة واستنزفت ثرواتهم على يد القوى السنية.. فكلا الاسلاميين والقوميين الانسانية والرحمة والتطور والرفاهية والتقدم للشعوب منطقة العراق اخر ما يفكرون به.
ونسال ايضا الاستاذ الدليمي.. لو لم يؤسس العراق كدولة.. واسس بدل ذلك ثلاث دول بداية القرن الماضي.. هل كانت سوف تتولد الاورام التي يجب استأصالها اليوم بسبب العراق الواحد .. كالتلاعب بحدود المحافظات.. التلاعب الديمغرافي.. ضياغ حقوق الاكثرية .. الازمات القومية والطائفية.. الدكتاتورية المذهبية والقومية.. مما يؤكد ضرورة (مواجهة الازمة خير من وضع الرؤوس بالرمال).. وعدم الخنوع لنتائج العراق الواحد المازوم .. لان هذا الخضوع يمثل (الازمة الحقيقية).. علما الدماء التي قد تسقط بالتقسيم .. (هي كالدماء الناتجة عن عملية جراحية لاستأصال ورم خبيث).. ولكن الدماء التي تسقط (بالعراق الواحد) .. هي دماء ناتجة عن اورام خبيثة.. سببها العراق الواحد المركزي.. لا تتوقف نزيفها..
وسؤال اخر للمدافعين عن ما يسمى (العراق الواحد).. هل في كل الازمات الفوق الكبرى والحروب والصراعات .. الداخلية والخارجية التي دخلها العراق .. هل (حلت ازمة واحده.. ).. من اي صراع داخلي او خارجي.. ام تفاقمت الازمات لتولد ازمات جديدة.. وولدت بحار من الدماء والكوارث.. والاحقاد.. والمشاكل.. وتدهورت احوال شعوب منطقة العراق الجغرافية.. هذه الشعوب (المكونات) المتنافرة التي لا يجمعها جامع ولا يوحدها موحد .. جمعت.. بكيان سياسي مصطنع سمي (العراق الواحد كدولة)... كقنبلة مأزومة تنفجر لتحصد الدماء وتدمر الحرث والنسل.. ثم ينزل منحنى فتيلها.. لتنفجر مرة اخرى وتستمر بهكذا منحنى لتتفاقم الماسي ويديم استمرارها استمرار (العراق كدولة).. و المستفيد هم المحيط العربي السني والجوار والقوى الدولية التي رسمت هذا العراق المصطنع المأزوم.
وهل كان العراق الواحد .. (مثال للاستقرار)؟؟ الم يكن (مستنقع لنزيف الدماء والثروات وضياع الاجيال).. هل استمرار العراق (يحل الازمات.. بين المكونات).. واليس حال من يريد استمرار العراق كدولة حال من يضع راسه بالرمال).. فلا يريدون حل الازمات.. لانهم غير مؤهلين للتصدي لهذه المهمة.. واخرين يجدون ان استمرار مشروع الازمة المتمثل بالعراق الواحد.. يولد مصالح (مالية وسياسية).. لقوى داخلية وخارجية ليس من مصلحتها (التقسيم).. لمعرفتهم (بان التقسيم هو بداية الحل).. والحل يوقف قنوات مهولة من الموارد المالية والاجندات الاقليمية والدولية التي تعتاش على دعم استمرار العراق كدولة مركزية.. .. هذا العراق الذي استمراره يعني استمرار فتح ابواب جهنم لهيمنة اقليمية (يكون القرار بيد الخارج الاقليمي.. والداخل مجرد ادوات بظل العراق الواحد)على حساب شعوب منطقة العراق الجغرافية.. (العراق عبر تاريخه لم يكن دولة.. والعراق مقسم بلا تقسيم.. وتقسيم المقسم ليس بتقسيم)..
ندعو الاستاذ الدليمي.. للاطلاع على موضوعين .. لتكملة الرد عليه.. بعنوان (البديل عن (ديمقراطية الخوف).. لحل الازمة (استقالة حكومة المالكي) و(تشكيل نظام فدرالي)ـ).. والبحث الاخر.. (علي بابان.. (يحذر الغرقان من البلل).. وتناسى.. ان (تقسيم العراق بداية الحل)ـ ) لتكملة الرد عليكم استاذ الدليمي.. وعلى الرافضين لتقسيم العراق او فدرلته.. وليعرفون بان كل قطرة دم تسقط هي برقبة الرافضين للفدرالية او التقسيم.. فهم فضلوا عراق واحد مركزي بنزيف دائم.. على حفظ دماء الشعوب بمنطقة العراق بالفدرالية..
............................
واخير يتأكد لشيعة العراق بمختلف شرائحهم.. ضرورة تبني (قضية شيعة العراق).... بعشرين نقطة.. علما ان هذا المشروع ينطلق من واقعية وبرغماتية بعيدا عن الشعارات والشموليات والعاطفيات، ويتعامل بعقلانية مع الواقع الشيعي العراقي، ويجعل شيعة العراق يتوحدون ككتلة جغرافية وسياسية واقتصادية وادارية.. ينشغلون بأنفسهم مما يمكنهم من معالجة قضاياهم بعيدا عن طائفية وارهاب المثلث السني وعدائية المحيط الاقليمي والجوار، وبعيدا عن استغلال قوى دولية للتنوع المذهبي والطائفي والاثني بالعراق،.. والموضوع بعنوان (20 نقطة قضية شيعة العراق، تأسيس كيان للوسط والجنوب واسترجاع الاراضي والتطبيع) وعلى الرابط التالي:
مقالات اخرى للكاتب