يذهب البعض الى تعبئة المعركة ضد " داعش " بشحنات طائفية تنزع عنها العمق الوطني ، الذي أريد له أن يوحد جميع العراقيين أزاء عدو همجي كافر ، استهدف الجميع دون تفرقة طائفية أو دينية أوعنصرية .
كما يشتهي آخرون إقامة تناظر أو ربط بين أحداث ، ماوقع في كربلاء المقدسة والنجف الأشرف في آذار عام 1991 ، أي إنتفاضة آذار أو الشعبانية ، ومايحدث في معركة تكريت آذار 2015 ، وإختزال الموضوع بالثأر الطائفي أو تقابل الأحداث ، في خطأ جسيم ،يفرغ الحدثين من مضمونهما الحقيقي أو الوطني والأخلاقي .
تلك أخطاء قد تبدو واضحة في فضاء الإعلام ، سيُهمش اثرها بعد إنجلاء غبار المعركة ودحر " داعش " ، لكن الخطأ " الجريمة " إذا كانت تلك الأخطاء تنساب من أفكار وعقليات قادة الأحزاب والتيارات السياسية المهيمنة في السلطة الحاكمة أو الشارع السياسي ...!
وما يضاعف الخوف والحذر، ان تهيء تلك التعبئة الطائفية ،الأجواء النفسية لممارسات انتقامية ثأرية ، تزيد من حجم الخسائر والويلات ، وتختم نهاية المعركة مع " داعش " بدوافع جديدة لإستمرار الشق الطائفي ،أو ربما الحرب الطائفية ، وتجذير العداء بين أبناء الشعب الواحد ، مايسمح لبروز " دواعش " جدد تحت مسميات أخرى في أوقات لاحقة ..!
إستعارة نغمة الطائفية السياسية بين الأحزاب المتنازعة على السلطة والمال والنفوذ ، ومحاولات ضبط إيقاع المعركة مع "داعش " والإرهاب ، في نوتات طائفية يعتمدها التوجيه المعنوي والسياسي لأفراد القوات المسلحة و الحشد الشعبي ، تعني صراحة ان لامستقبل لوحدة العراق وإستقراره في ظل المنهج والتركيب للنظام السياسي القائم ، تلك اللعبة ينبغي أن يدركها قادة الطوائف الحاكمين ، سياسيا ً ومذهبيا ً.
التفكير بعراق مابعد " داعش " ، يجب ان يشغل بال وتخطيط كافة المعنيين من اصحاب القرار والشأن في السلطات المتعددة في الدولة ، والقوى السياسية والدينية والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ونخب الإعلام والثقافة والمرجعيات المجتمعية وغيرها من القوى النافذة ، والخطاب الرئيس الذي يراد ان تتكاثف وتتكاتف الجهود لإنجازه ، هو إصلاح الحال الذي إستدعى وجود " داعش " في مواجهة صريح مع النفس والأخطاء التي مرت بنا جميعا ً ، وفق برنامج ينطلق بالنوايا والعمل لإشاعة فكر الإصلاح والمصالحة عبر تحقيق العدالة المجتمعية في دولة مدنية تتسع للجميع ، وليس نفوذ حكومات دكتاتورية معادية قابلة للكسر والهزيمة ، كما حدث أمام " داعش " وخسائرنا التاريخية فيها .
مايكمل تلك الخطوة هو تحرير الإرادة العراقية من نزعة الإنتقام وفكرة معاقبة تلك المدن المحررة ،طائفيا ً ،عبر سلوكيات الإستفزاز والإثارة والعنف والإبتزاز ومشاعر الغلبة التي ستعيد المشكلة الى نقطة البداية .
نرجو ان لاتتكرر أخطاء ماحدث في آذار 1991 ، وكانت سببا في تعجيل زوال نظامها السياسي ، ترى هل يتعظ حكامنا من تلك الدروس ...؟
مقالات اخرى للكاتب