قد يظن البعض أن الرساليين ينطلقون من تصور طوباوي غير قابل للتطبيق ، خاصة بالنظر لحالة الإخفاق التي مني بها مشروع التقريب بين المذاهب الإسلامية ، وتنامي الحالة الطائفية لدى الفريقين من المسلمين : سنة وشيعة .
لأجل ذلك ، ولمزيد من الوضوح والشفافية مع الذات والآخر ، فإنه يجب القول أن الرساليين بالمغرب يمتلكون رؤية واقعية لمشروع الوحدة الإسلامية تنطلق من نظرية محددة في علم الاجتماع السياسي وهي : "نظرية المركز والأطراف" ، ونرجو أن تكون هذه الرؤية جزءا من مشروع متكامل يلتقي حوله كل الرساليين في كل البلدان ومن كل المذاهب الإسلامية .
تقوم وجهة نظرنا على أنه في الداخل السني هناك اتجاه وسطي واتجاه متطرف ، نفس الشيء نجده في الداخل الشيعي حيث هناك تيار وسطي وآخر متطرف ، وكلما تنامت فعالية وحيوية الوسط وهو المركز كلما تضاءلت قوة وفعالية الأطراف في كلا الجانبين ..بينما عندما تتنامى فعالية الأطراف لدى السنة والشيعة كلما تضاءل دور وفعالية المركز .
إننا اليوم ، أيها الرساليون ، أيتها الرساليات ، أمام مرحلة جديدة ، حيث نلحظ فيها تنامي فعالية الأطراف من الجانبين " التيار السلفي السني" و "التيار الإخباري الشيعي" ، مما ساهم في إضعاف التيار الأصولي العقلاني لدى السنة والشيعة "..ولسنا من الحالمين بقيام وحدة بين كل المسلمين سنة وشيعة بمختلف أطيافهم ، بل إننا نؤمن بوحدة عقلاء ووسطيي السنة والشيعة لا بين متطرفي هذا المذهب وذاك .
إننا اليوم أيها الأحبة ، بحاجة إلى تقوية خط الوسط لدى السنة والشيعة، وإظهار الحالة الوحدوية المتكاملة والمتناغمة من داخل الاتجاهين المذهبيين الإسلاميين الكبيرين "السنة والشيعة" ، وهو ما يقود بالنهاية إلى إضعاف الأطراف من الاتجاهين .
إننا كرساليين نعتقد أن ممارسة النقد يجب أن تتم داخل كل إطار من الإطارين المذهبيين ، ولابد أن يمارس خط الوسط السني عملية النقد الذاتي لأطرافه ، كما يجب أن يمارس خط الوسط الشيعي نقدا ذاتيا مركزا لأطرافه كذلك ، لأنه لو قام بالنقد خط الوسط الشيعي للأطراف في المستوى السني ، فقد يتم التحسس والاستنفار الطائفي الذي في النهاية سيخدم خط الأطراف لا الوسط داخل السنة ..نفس الشيء يجب أن يكون من الداخل الشيعي ، حيث يجب أن يمارس النقد الذاتي خط الوسط لأطرافه ، لأن أي نقد يمارس من قبل خط الوسط السني والأطراف في المستوى السني لن يقبل به شيعيا ، ومن شأنه أن يقوي خط الأطراف لدى الشيعة .
من هنا ، يجب العمل على نشر ثقافة النقد الذاتي الذي يمارسه أعلام خط الوسط السني لمواجهة متطرفيه ، كما يجب نشر ثقافة النقد الذاتي الذي يقوم به خط الوسط الشيعي في مواجهة متطرفيه ، لتكون المحصلة هي تقوية خط الوسط الإسلامي "سني وشيعي" ، وفتح الطريق أمام عودة الخطاب الإسلامي الواحد ، البعيد عن لغة الطائفية والعنف المذهبي .
ونشيد في هذا الصدد بأعلام خط الوسط السني " الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ، الشيخ حسن البنا رحمه الله ، الشيخ حسن بن فرحان المالكي حفظه الله ، الشيخ عدنان إبراهيم حفظه الله ، الشيخ حسن السقاف حفظه الله ، الأسرة الصديقية بالمغرب رحمه الله .. " كما نشيد بخط الوسط الشيعي " آية الله السيد محمد حسين فضل الله رض ، آية الله الشيخ محمد اليعقوبي حفظه الله ، آية الله الشيخ محمد جواد مغنية رض ، آية الله السيد مرتضى العسكري رض ، العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي رض .."
وإنه لو تم نشر أفكار خط الوسط لدى المذهبين ، فالنتيجة ستكون تقوية لحضوره وتأكيدا ثقل خط الوسط الإسلامي وسحبا للبساط من تحت أقدام المتطرفين من كلا الاتجاهين ..وإنا نعتبر هذه المعركة بأنها ليست معركة السنة أو الشيعة بل هي معركة الإسلام الواحد ضد المذهبية الطائفية ، ومعركة الوعي والتنوير ضد الجهل والتطرف ، فتعالوا نتعاون فيما بيننا سنة وشيعة لمواجهة الغلاة والنواصب ، تأكيدا على الأخوة في الإسلام لمواجهة مختلف التحديات الداخلية والخارجية ، امتثالا لقوله تعالى : "يا أيها الذين آمنوا اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم " صدق الله العظيم .
رئيس تحرير موقع "الخط الرسالي" في المغرب الكبير