البحث عن التعين ... هاجس جميع الشباب العربي حيث يرومون الوصل إليه لضمان كسب عيشهم وأخذ دورهم في المجتمع ,أما بالنسبة للعراقيين فالتعين له خصوصية كبيرة جدا وحكاياعظيمة لا تنتهي بألف ليلة وليلة . ..نتيجة اكتظاظ المجتمع بالشهادات لخريجي المعاهدى والجامعات لا سيما الشهادات التجارية تلك ( المسائية والأهلية ) حيث تشكل حمل ثقيل على مجمع الخريجين , والغريب في ذلك لا أحد من المختصين بهذا الشأن يدرك خطورة الأمر حتى وصل الحال فقد عرض على القناة الجامعية قبيل الانتخابات تحت رعاية الدكتور علي الأديب أزداد عدد الكليات الأهلية من 22 إلى 41 . وكان ذلك في شريط تقريري يعرض منجزاته آنذاك .فهل فكر معاليه أين سيعملون خريجيها في ظل أزمة التعيين المتفاقمة ؟. نجد كذلك العيب يشكل تأثير كبير على البطالة لا سيما ذلك المختص بالتميز بين الرجل والمرأة حيث يقتصر العمل للمرأة في مجالات وأماكن معينة دون أخرى مثال ذلك أني طلبت العمل في قسم الإعلام لإحدى مؤسسات الدولة المهمة لكن قبل طلبي بالرفض مسبقا بدون أن يقابلوني ويعرفوا إمكاناتي فيما إذا كانت مناسبة للعمل أم لا ...بل الأغرب من ذلك فهم غير سائلين عن أي شيء من أصوليات العمل بل استغنوا عن ذلك كله بأسئلة طائشة ,هل الفتاة عازبة أم متزوجة , شابة أم كبيرة ... بعدها استلمت الرد البارد الذي لا يؤدي إلا لطرق مسدودة .. القسم مكون من 25 رجل فقط وهي امرأة شابة عزباء ... عندها بدأت الأسئلة تطرح نفسها بكل عفوية في منظومة فكري .. هل كودي امرأة يعيب علية العمل هناك فعلا أم السبب بهؤلاء السادة الذين نصبوا كراسيهم بفضل الأصابع البنفسجية البريئة حتى ضنوا إنها حكرا موروثا عليهم .أم السبب بلبنة المجتمع الذي أقطنه , ذكوري النفس رجعي الفكر ينظر للمرأة على إنها جسد فقط ... لكن هل سيأتي يوم نرتقي به من تلك النظرة الناقصة تجاه المرأة إلى النظرة الشاملة والتي تنص على أن المرأة إنسان كامل الجسد له عقل وروح وتفتح طريق التعيين أمام الجميع على حد سواء؟... ومن المؤكد أيضا فالحكومة تساعد على تنامي البطالة وتقنين فرص العمل بسبب الحمية الرأسمالية التي تمارسها ضد القطاع الخاص والعمل للحيلولة دون تشجيع الاستثمار المحلي أضفى بالنتيجة إلى الفوضى الخلاقة في عموم المؤسسات والدوائر الحكومية للزيادة الحاصلة بنسبة الكادر الذي تستطيع استيعابه , ومن جملة الزخم الحاصل على الوظائف الحكومية بسب شعور كل فرد عراقي بالجور والحرمان من ثروات بلاده الطائلة نراه حتى ولو كان موفقا في مشروع استثماري خاص , إلا أنه يبحث عن التعيين الحكومي بحجة أخذ حقه المشروع من وطنه , فيما لو كانت الحكومة تخصص لكل فرد غير موظف راتبا شهريا كجزء من حقه المشروع لتلاشى ذلك الزخم الوظيفي الهائل ...
وكذا الدور الخامل للمؤسسات المدنية فهي لم تؤدي وظيفتها في محاربة العيب اللامنطقي وتحفيز الشباب على العمل أي نشر ثقافة العمل كواقي رئيسي للقضاء على الكسل والبطالة . ..
ووفقا للأسباب أعلاه نجد المواطنين العراقيين في ديمومة مستمرة يطارد ون خيال المسئولين في الطرقات وخلف أضواء السيارات آملين أن يحظوا بشرف توقيع أناملهم الرغيدة على عقد وظيفي في أحدى المؤسسات الحكومية ,حتى وإن كان مقابل مبلغ بخس عسى ولعل أن تشمله رحمة التعيين مستقبلا .
وهكذا فمشكلة التعين هي مشكلة عامة تضم مجمل البلدان العربية بسب سوء إدارة توظيف الأموال والإعمال فقد أظهرت قناة فرانس 24 قبل مدة تقرير إخباري يقول هناك نسبة انتحار للشباب الفلسطيني تبلغ40% عزوا ذلك إلى سوء الأوضاع الاقتصادية وقلة فرص التعيين , وقد لا ننسى أيضا الشاب التونسي الذي أحرق نفسه لنفس الأسباب حتى وهجت روحه تلك الثورات العربية الخضراء في أنحاء عديدة من أرجاء الوطن العربي حيث انطلقت بشكل أساسي من أجل تحرير ثرواتهم المحتكرة بين أيادي حكامهم الجهلة , لذا أدعوا للجميع بمناسبة هذا المقال إلى التحرر من ديكتاتورية النفس أولا ومن ثم تحرير الروح الوطنية وتكريسها للعمل من أجل بناء أوطاننا المبعثرة بين رفات القتلة والطامعين , مع وجوب أتباع منهج العمل لتمكين الخروج من أزقة المشكلة..منهج العمل هو عملية نسيج من نوع فريد تسهم في حوك خيوطه وحبكها أقطاب شتى : الفرد , الجماعة , الشعب , المؤسسة , الدولة , النشاط المعرفي , الفكر, والثقافة فإذا أستطاع الناسجون توظيف هذه الأقطاب جميعا , لأمكن حينها لم الجهود والطاقات المبعثرة وتوجيهها لخدمة الوطن وتوظيفها لصالحه ...