تظل مواجهة البرازيل وألمانيا في دور الأربعة لبطولة كأس العالم التي تقام اليوم الثلاثاء بمثابة صراع تكتيكي خاص بين الثنائي لويس فيليبي سكولاري مدرب السامبا ولوف مدرب المانشافت.
إذا بدأنا المقارنة بين مدربي البرازيل وألمانيا قبل مواجهة الليلة ، تجد أن عامل الخبرة يقف بجوار سكولاري مدرب السامبا صاحب الـ 66 عاماً في مواجهة لوف مدرب المانشافات صاحب الـ54 عاماً.
لم يكن سكولاري لاعباً لامعاً في عالم الكرة البرازيلية ، فقد كان لاعباً بالوراثة على نهج والده الذي لعب لبعض الأندية ببلاد السامبا ولكن سكولاري اقتصرت مسيرته كلاعب وسط مدافع على بعض الأندية المغمورة مثل يوفنيتدو ونوفو هامبورجو ولم يحقق سوى لقب وحيد وكان يطلقون عليه اللاعب ذو الأقدام الخشبية لإلتحاماته العنيفة ، وأعلن سكولاري اعتزاله عام 1981 وعمره 33 عاماً في نادي "سي إس إيه" في مدينة ألوجانو وتولى تدريبه في العام التالي مباشرة.
في المقابل ، لم تكن مسيرة لوف كلاعب مختلفة كثيراً فقد بدأ مسيرته قبل عامين فقط من اعتزال سكولاري في صفوف الرديف بنادي فرايبورج ثم انتقل بعد عامين إلى شتوتجارت ولعب في صفوف انتراخت فرانكفورت وكارلسروه ولعب لنادي شافهاوزن السويسري 4 سنوات قبل الاعتزال عام 1994.
إذاً النجومية غابت عن سكولاري ولوف كلاعبين ولكن كمدربين الأمر اختلف تماماً فالثعلب العجوز البرازيلي سكولاري بدأ مشواره كمدرب مع فريقه "سي إس آيه" المحلي عام 1982 وفاز بلقب بطولة محلية مع الفريق ليرحل إلى يوفنتيدو ، وتولى تدريب الشباب السعودي عام 1984 ورحل بعد موسم واحد ليعود لبلاد السامبا من جديد ودرب يوفنتيدو وجيرميو وخوياس قبل أن يعود للخليج مجدداً من بوابة نادي القادسية وعمل مع أهلي جدة السعودي ودرب نادي جيبولو إيواتا الياباني وقاد بالميراس وكوريزيرو بالبرازيل وباندكور الأوزبكي وتشيلسي الإنجليزي.
ويستحق سكولاري لقب الرحالة بعد أن درب حوالي 19 فريقاً ومنتخباً في مسيرته الطويلة في عالم التدريب وحصد 19 بطولة إلا أن رحلة الثعلب البرازيل مع المنتخبات بدأت بتجربة دامت 8 شهور فقط مع منتخب الكويت عام 1990 وفاز خلالها بلقب كأس الخليج وبعد 12 عاماً كاملة عاد سكولاري لتدريبات المنتخبات ولكن هذه المرة الأمر اختلف فقد تم تعيين المدرب العجوز قائداً لأحلام البرازيل في بطولة كأس العالم 2002 ، ونجحت خلطة سكولاري في الفوز باللقب بعد غياب 8 أعوام عن أحضان السامبا.
وتولى سكولاري مهمة قيادة منتخب البرتغال ونال وصيف أوروبا عام 2004 عندما خسر على يد اليونان في اللقاء النهائي وحل رابعاً في بطولة كأس العالم 2006 وعاد سكولاري لأحضان البرازيل مجدداً وقاد السامبا للفوز ببطولة كأس القارات العام الماضي.
في المقابل ، فقد بدأ لوف من الصفر تقريباً مسيرته التدريبية كمدير فني لفريق الشباب بنادٍ مغمور اسمه "فينترتور" وكان مازال لاعباً ثم انتقل لتدريب فرانيفولد ثم عمل مساعداً للمدرب فرينجر في شتوتجارت قبل أن يحصل لوف على فرصته بعد رحيل الأخير إلى تدريب سويسرا ويتولى لوف قيادة شتوتجارت ويقدم موسماً متميزاً ويصل لنهائي كأس الاتحاد الأوروبي عام 1997 ، وخاض لوف تجربة في نادي فنربخشة التركي ثم تولى تدريب كارلسروه وقاد نادي أدانا سبور التركي المغمور وعمل مدرباً لفريق تيرول النمساوي ولكن النادي أعلن إفلاسه وأصبح لوف بلا عمل عام 2002 حين فاز سكولاري بلقب المونديال.
لوف تولى تدريب أوستريا فيينا النمساوي عام 2003 ثم وقع الاختيار عليه ليعمل مساعداً للمدرب يورجن كلينسمان في أغسطس 2004 ليمنحه الأخير فرصة عمره ويقود الثنائي المانشافت للمركز الثالث بمونديال 2006 ثم حصل لوف على منصب الرجل الأول في ألمانيا بعد البطولة وعلى مدار 8 سنوات كاملة لم يفلح لوف رغم النتائج الطيبة للألمان أن يحقق أي بطولة خلال مسيرته التدريبية مع المانشافت بعكس سكولاري الذي منح البرازيل لقبين.
سكولاري سبق له أن واجه ألمانيا مرتين الأولى في نهائي مونديال 2002 مع البرازيل وفاز بهدفين دون رد والثانية في تحديد المركزين الثالث والرابع بمونديال 2006 مع البرتغال وخسر بثلاثية نظيفة وكان لوف مساعداً في هذا اللقاء لكلينسمان بينما لم يسبق للمدرب لوف مواجهة البرازيل على الإطلاق.
شخصية سكولاري تتسم ببعض الأمور تجعله حالة فريدة في عالم التدريب فهو مدرب بلا معايير لا يدرك النجاح في كل الحالات فسبق أن هبط بفريق بالميراس للدرجة الثانية وأيضاً هو من فاز بلقب المونديال.
ويتسم المدرب البرازيلي بسرعة الانفعال والغضب في أغلب الأحوال إلا أنه أيضاً يتميز بتحمل الضغوط الجماهيرية فسكولاري من أكثر المدربين الذين يتسمون بقوة الشخصية والقدرة على التحدي رغم الانتقادات العنيفة التي يعاني منها في ولاياته مع البرازيل أو البرتغال.
الأسلوب التكتيكي لسكولاري لا يتسم بالإبداع بل يتهمه الكثيرون بالروتينية والتقليدية الشديدة ولكنه يكسب الرهان بفضل قدرته على إدراك التفاصيل والخروج من كل المعارك فائزاً ويعيب أسلوبه دائماً أنه يجعل الفريق يلعب بنظرية النجم الأوحد وهو الأمر الذي يلمسه متابعو البرازيل عام 2002 والذي كان فريق الظاهرة رونالدو وعندما قاد البرتغال راهن على كريستيانو رونالدو وحده وفي تجربته الحالية مع السامبا كان رهانه ينصب على نيمار ولكن مواجهة الليلة ستكشف حجم السامبا في غياب ساحر برشلونة للإصابة.
في المقابل ، يبقى لوف ملك الجدية والأداء المنظم فهو أحد تلامذة مدرسة الماكينات التي تركز على الجماعية الشديدة ولا تعترف بالفرديات إلا في أضيق الحدود.
ولا يعتمد لوف إلا على جاهزية لاعبيه ورهانه دائماً على الأكثر عطاءً بعكس بعض المدربين الذين يفضلون نجوماً بعينها.
لوف لم يفز بأي بطولة مع المانشافت وهو ما يجعله عرضة للانتقادات إلا أن مدرب ألمانيا يراهن على خلطة هجومية بنجوم اكتشفها وطور أدائها ومنح منتخب المانشافت الحيوية والشباب أمثال مولر وجوتزه وتوني كروس وأوزيل وسامي خضيرة.
شخصية لوف تتسم بالجدية الشديدة فلا استهتار ولا يوجد مجال لدلع النجوم وهو ما يجعله مدرباً حازماً قادراً على السيطرة على أي لاعب مهما كانت نجوميته.
المصدر: كووورة