الواقعية تفرض خيارات على الإنسان الفرد أو الأمة، تعتريها صعوبات كثيرة، تحتاج ثمن وتضحية.. تصطدم بالتشكيك والتهويل والتحريض ضدها، لكن تبقى الواقعية هي الحقيقة، التي لا يمكن للإنسان، أن يصل للهدف بدونها.
تاريخ العراق يقول؛ أن معظم من تصدى لقيادة البلد، ابتعد عن الواقعية، مجبر كان أو مخير، فكانت النتائج كما هي الآن وقبلها.
يروى عن نوري السعيد؛ أن سبب موافقته ودعوته لحلف بغداد، كانت تتلخص بسحب الاهتمام الغربي من الصهيانه في فلسطين إلى العراق، وضع العراق تحت حماية أكبر دولتين في المنطقة هما إيران وتركيا، وتسخير جهد وأموال العراق لبناء نفسه، هذه واقعية تعرضت للقدح والتخوين، فلم تتحقق.
عندما قرر عبدالكريم قاسم قانون الإصلاح الزراعي، وقف العقلاء ضد هذا القانون، لأنهم أدركوا إبعاده المستقبلية، لذا تحول العراق من ممول أول، لمواسم الحج بالحنطة وأضحية الحجاج، إلى مستورد حتى للبصل، هذه واقعية أخرى، لم يعمل بها، لذا بعد تملك الفلاح للأرض، منهم من تركها، وهاجر إلى المدينة، آخر توظف أو وظف أبنائه بالحكومة، وترك الأرض ليملئها الصبخ والأملاح.
اليوم العراق يعيش تحدي كبير، حيث يصارع للبقاء، أزمة مالية خانقة، جبهة مستعرة، ألاف الفاسدين، استولوا على أمواله؛ منهم من ترك البلد، ومنهم مازال موجود فيه، لكن هناك من يحميهم؛ حزب أو مليشيا وربما دول.
المرجعية وخلفها الشعب تنادي؛ بأهمية إعادة أموال الشعب من كبار الفاسدين، والقضاء والنزاهة لا يمتلكان القدرة والشجاعة على ذلك، هل يبقى البلد مشغول بالبحث عن حلول لهذه المشكلة، التي قد لا تأتي.
الحل أن تطلق حملة "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، تتلخص بجرد أموال كل من تولى منصب أو كلف بمسؤولية، منذ عام 2003، من يثبت عليه، تضخم غير طبيعي، لا يتناسب مع مدخولاته، تتم مصادرة هذه الأموال، بعد التدقيق واثبات شبهات فساد ضده، ويعفى من العقوبة القانونية..لكن يمنع من التعيين في الحكومة ما تبقى من عمره، هذا حل واقعي.
سجن الفاسد ماذا يفيد الناس، ماذا يغير بواقع الأمن أو الاقتصاد، في ظل مؤسسات رقابية وقضائية، مكبلة هي الأخرى، بأنواع الشبهات.
البلد يقف على شفا حفرة من الانهيار، تهدد وجوده على خارطة العالم، الوقوف عند الأمس، والدوران في حلقة مشاكل المرحلة الماضية، يعني توقف المسيرة عند تلك المرحلة.
الوقت لا يمكن أن ينتظر احد، أذن مغادرة الماضي بأقل الخسائر، والانطلاق إلى حلول جديدة لتغيير الواقع، وضع خطط ناجزه تواكب المرحلة، لخلق فرص حقيقة للبناء، هو من يحقق طموحات الشارع، الذي يئن تحت وطأة الحرمان، ويسخر ثروات وخيرات البلد، لينتفع منها أبنائه.
دعوة للتفكير الواقعي، الذي ينتج حلول، ومغادرة مرحلة لن تسهم إلا بمضاعفة اخطأ الأمس، لتكون الخسارة مضاعفة.
مبدأ " اذهبوا فأنتم الطلقاء" الحل الأمثل، البلد بحاجة إلى الأموال، لمعالجة أزمته الخانقة، وبحاجة لجهود كل بنائه، الذي تقاسمتهم القوى السياسية، مما يعني؛ أن للفاسد حصة من هذا الشعب، عندما يتم ضربه، يعني إضافة أعداء آخرين، لنمنحهم فرصة، اكتشاف الحقيقة بأنفسهم، فهل يمتلك التحالف الوطني وحكومته الشجاعة، لهكذا خطوة...
مقالات اخرى للكاتب