هو علي ابن الحسين أبن علي أبن أبي طالب ،38هجريه – 95هجرية، وبمناسبة ذكرى شهادته في 25 محرم الفائت، وهو أحد أقمار بني هاشم وكواكبها العلمية والثقافية ،قال فيه( الفرزدق) شاعر بني أمية قصيدة عصماء هذهِ بعضٍ من أبياتها:
يا سائلي أين حلّ الجود والكرمُ / عندي بيانٌ أذا طلابه قدموا
هذا الذي تعرف البطحاء وطأتهُ/ والبيتُ يعرفهُ والحِلُ والحرمُ
سهل الخليقة لا تخشى بوادرهُ/ يزيّنهُ خصلتان الحلمُ والكرمُ .
تذكرتُ نتاجاته الأدبية الثقافية العلمية الثرة الأبداعية في الصحيفة السجادية ورسالة الحقوق التي أستهوتني وأعجبتُ بهامنذُ المراحل الأولى في مطالعاتي وقراآتي العلمية والثقافية ولكونها تحكي مباديء الأنسنة ، وأشعار الفرد بحقوقه وواجباتهِ ، وهي أول رسالة قانونية في التأريخ البشري ، وهي من الذخائر النفيسة التي ترتبط أرتباطاً وثيقاً بالأنسان وحقوقه كلها ، أذ تشمل شبكة العلاقات السوسيولوجية المجتمعية أي دراسة تحليلية لظاهرة الأنثروبولوجيا بتسميته المعصرنة والحداثوية ، لقد وصفتْ رسالة الحقوق المناهج الحيّة لسلوك الفرد وتطور حياته وبناء حضارته على أسس تتوفر فيها عوامل الأستقرار النفسي بدوافع أيجابية ، وتشتمل على خمسين مادة في الحقوق العامة والخاصة ، ولقد حكتْ سيرة هذا الثائرالسلمي سيرة العظماء وكواكب الفكر فهو كالمسيح بن مريم في زهده ومثل أيوب في بلواه وصبره وكزعماء الأنسانية في صدق عزيمته وسمو أخلاقه ، حيث لا تحدُ حدوداً لنزعاته الخيرة وأرصدته الروحية ، وبرز على مسرح الحياة السياسية كألمع سياسي عرفهُ التأريخ وهو في قيد المرض وأسر الأمويين ، بغية أستيعابه وأشتثماره في نشر أهداف ثورة أبيه الحسين حين أبرز قيمها الروحية الأصيلة بأسلوبٍ مشرّف كانت في منتهى التقنين والأصالة والأبداع .
الأبجديات التعبوية "لرسالةالحقوق"
1-أزاحت التخدير الأجتماعي الذي منيت به الأمة أيام الحكم الأموي بخطبه الحماسية وخزين تراكمات فقرات هذه الرسال الأنسانية في جنبات روحه ، التي أدت إلى كسر جدار الخوف وفوبيا السلطة الغاشمة كتأثير العبوات الصوتية في أروقة السياسة الأموية وفجرت نصرهم المزعوم وزهوهم الخائب وجبروتهم المفتعل بخطبه السياسية في دمشق والكوفة ويثرب ، وتمثل( بميرابو) خطيب الثورة الفرنسية .
2- الرسالة عبارة عن ترجمة عملية وفعلية لنهج ثورة أبيه الحسين وبنهج عمه الحسن السلمي في التعامل السياسي مع عدوٍمتغطرس متسلح بجميع أساليب الخسّة و البطش للأمساك بكرسي الحكم وبشكلٍ مفرط ، بيد أنه نجح في كسب الرأي العام بسحبه لمفهوم التغيير بغية أستيعابه وأستثماره ، فوجدتُ مقاربات فكرية ونضالية بين الأمام وبين عظماء العالم رواد عالم التغييرالأجتماعي ذوي اليد البيضاء مثل غاندي ونهرو ومانديلا و لوثر .
3- والرسالة توضح حقوق وواجبات الفرد وعلاقاته مع الحاكم المستبد والتي تتقارب مع جدلية التأريخ والصراعات الطبقية التي تؤول إلى " حتمية التأريخ "في نقلة نوعية للوصول للمدينة الفاضلة والتي هي نهاية الطغيان والتعسف كما يبشر به الفكرالثوري اليساري التقدمي .
4- وكرّس بهذه الرسالة مناهج حيّة للسلوك البشري لتطوير حياته والعيش الأفضل لأجياله القادمة ، وعلى أسس تتوفر فيها جميع عوامل الأستقرار النفسي ، ووقايتهُ من الأصابة من أي لونٍ من ألوان القلق والأضطراب ، لذا أنزوى بثرواته الفكرية والعلمية التي مثّلتْ علم الفقه والتفسير وعلم الكلام والفلسفة وعلوم التربية والأجتماع وعلم الأخلاق ، وأهتم بعلم الأخلاق بصورة خاصّة لأنهُ وجد أبتعاد الناس عن هذه القيّمْ جراء تعسف وظلم الحكم الأموي .
5- وفي رسالته أضاءات شمولية واسعة للأنسنة ودراسة جمعيّة لأبعاد حياة الفرد وعلاقاته مع خالقه ونفسه وأسرته ومجتمعه وحكومته ومعلمه ، وأكّد على المحافظة عليها وصيانتها والدفاع عنها وعند أقتضاء الحاجة ينتزعها من الحاكم الظالم وفقاً لكون الحريات تؤخذ ولا تعطى ، فهي حقاً رسالة ذهبية أتحف بها الأمة سوسيولوجيا مجتمعياً .
أخيرا / وُجِد الأمام في الظرف الزمني الساخن الذي يعيشهُ أن يثقف مجتمعه بأبعاد حركته الثقافية والفكرية في رسم خارطة " التغيير " على نهج أدبيات مدرسة الثورة الحسينية وشعاراتها الروحية المستندة لثوابت من قيم أخلاقية لا رجعة عنها ، وكان يُدخلْ في خطبه الحماسية عبارات حسينية كجذوة في أيقاظ المحروم والمستلب مثل :{ من رأى سلطاناً جائراً مستحلا للحرام ، ناكثاً للعهود مخالفا لمباديء الأخلاق فلم يغيرهُ بفعلٍ أو قول كان حقاً مشاركا الحاكم ظلمه وتعسفه ، الموت في عزٍ خير من حياة في ذل}.
الهوامش والمصادر / *بحار الأنوار- محمد باقر المجلسي ( مجلد ذكر أهل البيت )* تحف العقول عن آل الرسول- أبن شعبه الحراني . *- فلاح السائل – سيد ابن طاووس . * رسائل الأئمة- الكليني . *حياة الأمام زين العابدين – باقر شريف القرشي . * رسائل الحقوق- موقع الشيخ حسين أنصاريان ، وموقع مركز أبحاث عقائدية ، معجم البلدان – ياقوت الحموي.
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
مقالات اخرى للكاتب