بغداد - تخلى البرلمان عن وعي وقناعة مسبقة منه، عن دوره الأصيل كممثل للشعب العراقي والمراقب للأداء الحكومي والسياسي، وتحول إلى العوبة يتقاذفها الساسة تارة والأحزاب الحاكمة تارة أخرى، وفقا لما يريدوه ويخططون له، وتابع مطيع لحكومة حزب الدعوة التي تتحكم بالبرلمان بصورة كبيرة. فلا دور حقيقي اليوم للبرلمان وخاصة في الأزمة الخطيرة التي يعيشها العراق وأقتراب البلاد من الحرب القومية بين أربيل وبغداد، فلم يكن هناك أي دور للبرلمان سوى قيام نواب في البرلمان بصب الزيت على نار الأزمة.
ويرى المحللون السياسيون العراقيون أن هناك حالة من التخبط والفوضى يعيشها البرلمان العراقي، بسبب سيطرة حكومة حزب الدعوة عليه، مبينين ان احدى اللجان البرلمانية طرحت مؤخرا مشروع قرار للتصويت عليه تحت قبة البرلمان تبين فيما بعد ان هذا المشروع قد تم التصويت عليه في الدورة البرلمانية السابقة دون ان ينتبه احد من الاعضاء الى مثل هذا الخطأ الفضيع الذي يوضح حالة التخبط والعشوائية التي يتم من خلالها انتقاء مشاريع القرارات ويكشف عن انعدام المسؤولية لدى رئاسة البرلمان ومقرره اتجاه المواضيع والقرارات التي يتم التصويت عليها من اجل تنفيذها او المشاريع التي هي قيد التصويت.
وأضافوا أن هذا التخبط والفوضى التي يشهدها مجلس النواب توضح طبيعة العمل السائد واسس ادارة المهام والتعامل مع الاحداث والوقائع التي تشهدها البلاد دون ان يكون لمجلس النواب قدرة على الفصل بين ما هو من اختصاصه وبين ما هو ليس من اختصاصه.
وأشار إلى أن هذه الفوضى سمحت لحزب الدعوة والأحزاب الحاكمة، التمدد على حساب مهام وصلاحيات هذا المجلس العاجز دون ان يعلم بحدوده وحدود الاخرين او يستطيع ان يدافع عن حقوقه وصلاحياته بسبب الاصطفافات والموالات للحكومة او لهذا الطرف او تلك الجهة بسبب الانتماء والولاء الطائفي او المناطقي.
وأكد أن الحكومة غيبت دور البرلمان عن قصد وشوهت صورته وبات ضعيفا ومغلوبا على أمره، وهو ما توضح أخيرا في الأزمة العسكرية بين بغداد وأربيل، فقد تجاوزت حكومة نوري المالكي وحكومة إقليم كردستان العراق على صلاحيات البرلمان العراقي، الذي يضمنه له الدستور العراقي وهو أنه الجهة الوحيدة التي تشرع تحريك وتحشيد القطاعات العسكرية، في حين أن الحرب أصبحت على أبواب البلاد من دون أن يعرف البرلمان أن هناك تحركات وتحشيدات للجيوش لصناعة بطولات من ورق لحكومة نوري المالكي يكون الضحية فيها فقط الشعب العراقي، والبلاد بأسرها.
وقال عبد الحسين الياسري، أن مجلس النواب اليوم امام مسؤولية اخلاقية ووطنية وامام تحدي كبير ليثبت انه ممثل حقيقي للشعب مقابل ما يجري من فوضى عارمة وسعي حثيث لاشعال فتيل الاقتتال بين الاخوة الاشقاء الذي تصر عليه الحكومتين المركزية والفرعية من خلال اصدار اوامر فورية لكل الطرفين بضرورة الالتزام بالدستور والتوافقات والدخول في حوار صادق وبناء يهدف الى نزع فتل الازمة وسحب القوات والقطعات العسكرية الى مناطق تواجد يراها مجلس النواب هي المواقع التي يفترض ان تتواجد بها هذه الجيوش.
وأضاف لا اعتقد ان اعضاء مجلس النواب يدركون او يعرفون ان اوامر تحريك القطعات العسكرية في حالة الطوائ لن يتم الا من خلال بوابات البرلمان ومن خلال موافقتهم وبواقع ثلثي عدد النواب، اما خلاف ذلك فهو خلاف للدستور ويجب معاقبة الجهات التي قامت بمثل هذه التجاوزات وهل يعلمون ان تعيين القادة العسكرين لا يتم الا من خلال مصادقتهم على اوامر التعيين بعد التاكد من ولائهم ونزاهتهم واخلاصهم وهل يعلمون ان التعيين بالوكالة مخالف للدستور ويعتبر باطلا اذا تجاوز المدة المحددة.