رفض سماحة الشيخ حسن الصفار تحميل أي دين أو مذهب أو جماعة مسؤولية رأي صادر من احد أفرادها مشيراً إلى اننا كما نرفض اتهام وتعميم الغرب لكافة المسلمين مسؤولية عمل بعض الجماعات الإرهابية، يجب رفض مثل هذا التعميم على المذاهب والجماعات.
كلام الشيخ الصفار جاء خلال الندوة الأسبوعية التي يقيمها سماحته في مجلسه الأسبوعي مساء يوم الجمعة 8 ربيع الثاني 1438هـ الموافق 6 يناير 2017. وجاءت تحت عنوان: "حرية الرأي بين النقد والتجريح".
وقال الشيخ الصفار إن حرية الرأي مطلب وشعار يطرحه الجميع، لكن في المقابل نرى أن المجتمع لا يتقبل طرح رأي آخر يخالف ما هو سائد، أو يخالف ما يعتقده هذا الشخص أو ذاك، بل نرى غالباً مواقف سلبية تجاه أصحاب الرأي.
لافتاً إلى أن هناك حالة ازدواجية بين ما يقوله البعض وبين ما يطبقونه، وهذا ما نراه في مجتمعاتنا بالمطالبة بحرية الرأي وفي نفس الوقت لا يتحملون الرأي الآخر، وهذا يكشف الخلل في الإيمان بحرية الرأي، ويكشف وجود مشكلة أخلاقية، وهي الازدواجية في الممارسة والتطبيق.
مضيفاً أنه إذا كنا مقتنعين بحرية الرأي كما كان الأنبياء والأئمة ، الذين كانوا يبشرون بالإيمان بالله وبالعودة إلى توحيد الله، ولكنهم في الوقت ذاته يسمعون آراء الكفار والمشركين ويناقشونهم ويردون عليهم، وكان الأنبياء يقولون "لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" و "لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ".
وأشار الشيخ الصفار لمشكلة مهمة وهي الشخصنة في التعامل، لافتاً النظر إلى أن البعض يركز على شخص مطلق الفكرة، ومنها يحدد موقفه منه أما سلباً أو إيجاباً.
مطالبا بالتعامل مع الفكرة كفكرة بعيداً عن من صدرت منه كما يقول أمير المؤمنين : (انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال).
وأسف سماحته لمشكلة تفسير الآراء، والقول بأن مطلقيها هم إما مدعومون من قبل هذا الطرف أو ذاك أو لهم غرض ومصلحة، وهذا راجع إلى الجو العام يعيش على أحادية الرأي ويعتقد أن من يطرح رأياً يخالف السائد فهو إما مدعوم أو مطلوب منه ذلك، وليس من بنات أفكاره وعقله.
مضيفا "أن محاسبة نيّات الآخرين من الأمور السلبية التي تواجه مطلقي الأفكار والآراء، فلا يحق لأحد أن يحاسب الناس على نياتهم التي هو يقررها لهم".
وتطرق الصفار إلى الفرق بين حرية الرأي وحرية التعبير، مشيراً إلى أن حرية الرأي هي أن الإنسان يعمل عقله فيتوصل إلى الاقتناع برأي معين. وهذا حق للإنسان بل يجب عليه أن يكوّن الرأي ولا يكون إمّعة أو تبعاً للآخرين.
مشيراً إلى أن الجهر بالفكرة والتعبير عن الرأي يعود للشخص وللظروف التي تحيط به.
وأكد أن الضابط الأساس في حرية الرأي هي عدم التعدي والإساءة للآخرين (حريتك تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين).
وأشار سماحته إلى أن البعض لا يفرّقون بين الأمرين، فيقوم بشتيمة الآخرين ومن ثم يبرر ذلك بأن هذا حرية رأي، وفي الواقع هذا يسمى تجريحًا وإساءةً وعدوانًا على الآخرين.
وأكد الصفار على الحاجة للتفكيك بين الرأي وبين صاحب الرأي، وهذا ما يؤكد عليه الدين أيضاً، الذي يشير إلى أن الاختلاف في الآراء لا يبرر العدوان أو الخصومة.
ومضى يقول: إننا لا نقول بعدم الردّ على من يطرح آراءه ومواقفه، خصوصاً إذا كانت في مواقف تخص الناس وترتبط بقضاياهم الدينية و الدنيوية المهمة، "لكن ما نخالفه هو تجريح صاحب الرأي أو اتهامه في نياته أو الإساءة له دون تمحيص لفكرته".
وتطرّق الصفار لمسألة تعامل البعض مع بعض الآراء بأنها بدعة، مشيراً أن الموقف من البدعة يجب أن يكون كما قال النبي: (إِذَا ظَهَرَتِ الْبِدَع فَعَلَى الْعَالِمِ أَنْ يُظْهِرَ عَلِمَهُ). وهذا ما يجب أن يكون فرصة لتبيين الخلل في تلك الفكرة بالردّ العلمي عليها.
مضيفاً أن الموضوع "هو سوء تنافس يُعطى صبغة دينية".
مقالات اخرى للكاتب