يصادف اليوم الذكرى 51 لثورة او انقلاب 8 شباط 63وبالتاكيد تتضارب اراء العراقيين لذكرى هذا اليوم كل حسب وجهة نظره الخاصة ..فالبعض يعتبره عروس الثورات ويوم خالد والبعض الاخر يعتبره يوم شؤم واسود في تاريخ العراق الحديث ... اما وجهة نظري الشخصية وبعد ما مر به شعب العراق المسكين ومنذ سقوط النظام الملكي وحتى يومنا هذا ( علما انني عاصرت وعشت كل العهود من الملكي وحتى يومنا المشؤوم هذا ) وكلها عبارة عن صفحات سود في تاريخنا .. الواحدة اتعس من الاخر الذي قبله وشعبنا يمر بظروف من السيء الى الاسوا ... بغض النظر عن الاشخاص والاحزاب التي حكمت والتي تحكم اليوم هذا الشعب المظلوم ...
ليس من السهل على المتتبع الحكم على ايهم الافضل او الاسوأ والمقارنة بينهم مثل النظام الملكي أوالنظام الجمهوري القاسمي والعارفي والبعثي البكري أوالصدامي اوالاحتلالي الامريكي والمحاصصاتي الطائفي الحالي ..وانما هناك مقارنة نسبية ..
لقد عشت شخصيا الحياة تحت خيمة كل هذه الانظمة ...وخرجت بقناعة قد لا يتفق الكثير من العراقيين معي في وجهة النظر التالية ... الا وهي كل من هذه العهود لها جانب ايجابي وجيد في مجال ما من حياة وتاريخ الشعب العراقي وله ملامحه المتميزة التي اتذكرها بوضوح ...ولكن كلها تشترك بعامل سلبي مشترك واحد ... وهو سيطرة حكم الفرد الواحد والنهج الديكتاتوري على مسار ونهج الحكم القائم في زمنه والذي طيح حظ الشعب اليوم كما تلاحظون حتما ( سواء بشكل واضح ومباشر ومتسلط او غير مباشر ) ..
هذا العامل المشترك والذي تميز به خلال الحكم الملكي ( سيطرة المرحوم نوري السعيد والوصي عبد الاله على كل المقاليد ) وكذلك الجمهوري القاسمي ( المرحوم الزعيم عبد الكريم ) وهكذا البعثي الاول بقيادة المرحومين عبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف ... والعهد البعثي الثاني ... بقيادة المرحوم احمد حسن البكري وصدام حسين ..والعهد الاخير الاحتلالي الحالي بقيادة المرحوم نوري المالكي وربعه ...
والخلاصة المؤلمة ان شعبنا المغلوب على امره لم تسنح له الفرصة ان يحكم نفسه بشكل ديمقراطي ( حقيقي ) وانما دائما مسلط عليه سيف التسلط الفردي المقيت الذي قد يخطيء وقد يصيب وتنعكس مردوداته ونكباته على المواطن البسيط ...
نجد ان بعض الافراد واكيد هم قلة قليلة يمنحون لآنفسهم عندما يستلمون السلطة حق الوصاية على الشعب ويتحكمون بمصيره تحت العديد من الذرائع والحجج وعندما يتربعون على كراسي السلطة والحكم يتناسون شعبهم واماله وتطلعاته ويتحول الوطن ضيعة ورثها عن اباءه واجداده.. وفجأة يتحولون الى ديكتاتورين واوصياء قيمين على الشعب ومقدراته ..
ففي مثل هذا اليوم المتميز في تاريخ العراق الحديث من الايام القليلة والمعدودة المتميزة في تاريخنا المظلم ..حيث اقدم حزب البعث العربي الاشتراكي على طي صفحة حكم الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم والذي اتذكره جيدا وباختصار شديد وكما ثبت لي فيما بعد ( وجه باسم ضاحك دوما محبا للفقراء نزيها ونظيفا ووطنيا مخلصا .. وعيبه الوحيد لم يكن سياسيا وهو مسماع لمستشاريه ومتقلب ويحب الخطب بمناسبة وبغير مناسبة ) .. ولكن صفاته الجيدة والطيبة لم تشفع له ..فاعدمه خصومه وهم اقرب زملائه ..كما وسبق وان اعدم ربعه شهداء العائلة المالكة في 14 تموز ..وزملاءه الضباط الاحرار كالمرحوم ناظم الطبقجلي وربعه
واليوم وللاسف نمر باتعس مرحلة واسودها بل اخطرها على مصير ومستقبل هذا الشعب المظلوم والمحروم ..بسبب تسلط شخص واحد ايضا وهو يعتبر نفسه وهو مخطيء حتما انه الوطنى الاوحد والعبقري الاوحد وايضا حزب واحد وايضا يعتبر نفسه الحزب الافضل الاوحد وطبيعي هذا خطأ ايضا ...وهو كما تعلمون غني عن التعريف ...ويقود العراق وشعبه المظلوم الى مصير مجهول واتعس ممن سبقه ...
اليوم هو واحد من عدة ايام عشتها شخصيا بحلاوتها ومرارتها التي لايمكن ان انساها ...اجد نفسي اليوم ...ان العهد الملكي وشخص المرحوم نوري السعيد (الذي كنا نعتقده انذاك عميل بريطاني وعدو العراق) ..تبين وثبت ان جيلنا قد ظلم هذا الرجل قياسا لمن جاء من بعده .. وان الرجل ربما كان صديقا للانكليز ولكنه لم يكن يحمل الجنسية البريطانية او الامريكية ولم يؤدي يمين الوفاء والولاء لانكلترا او فرنسا او امريكا كمن جاء بعده ...و أيضا ظلمنا العائلة المالكة واتهمناهم ظلما وعدوانا بالثراء وسرقة قوت الشعب وهدر المال العام واثبتت الايام انهم ماتوا فقراء لايملكون شروى نقير ..ولو ان الزعيم عبد الكريم بعث اليوم وحيا ثانية لندم على انقلابه واعتذر لشهداء الشعب عن قيامه بانقلاب 14 تموز ... ولو سألنا الكثير من البعثيين والشيوعين القدماء الاحرار والصادقين ومن العقائدين حقا وحقيقة ايضا لاعتذروا عما اخطاءهم التي اساءت للشعب ولو سالنا الكثير من انصار الاحتلال الامريكي الذين سبق لهم ان هللوا للاحتلال وخدموه باخلاص ..( وبشرط ممن عايشوا وعاصروا فترة الحكم الملكي الزاهرة ) لوجدناهم اكيد انهم نادمون عن الماسي التي سببوها واكيد انهم يبكون ويتحسرون على تلك الفترة المستقرة المليئة بالهدوء والرخاء والتقدم الحضاري ومن بناء واعمار للبلد والانسان وحفظ كرامة وحقوق المواطن ...
واقولها وبصراحة وبتجرد ..ان حظنا كعراقيين وبشر كان سيئا ونستحقما حل بنا من ويل وثبور ..لاننا لم نستحمد ربنا على النعمة التي كنا بها ...فقال الله لنا انتظروا وسترون ..فسلط اخيرا وربما ليس اخرا ...علينا من لايرحمنا طيلة ما يقارب الستين سنة الماضية واخرها حكومة النهب والفرهود والمحاصصة الطائفية الحالية ..ليقتل بعضنا بعضا وليشرد الابرياء من الفقراء والمساكين ويوميا في الشوارع بلا مأوى او ظل يستظلون به ولا لقمة عيش كريمة وانما يستجدون المعونات الانسانية وبلا دواء او خدمات ..لك الله ياعراق ..
الا لعنة الله على كل تلك الايام السود التي مرت بشعبنا تحت شعارات الحرية والاستقلال والديمقراطية والتي اثبتت الايام كذب ودجل وفساد ناشريها وادعياءها...
ارجوا المعذرة من القاريء الكريم لما كتبت ..لانني متألم وعشت كل تلك العهود السابقة وكنت معارضا لبعضها ومواليا ومصفقا لبعضها وكنت كغيري احلم بمستقبل زاهي وزاهر وبحياة افضل واصدق الوعود واركض وراء الشعارات البراقة ..واذا بي اكتشف كذب وعودهم الى درجة انهم كذبوا حتى على رب العالمين وخالفوا قرانه وعلى الانبياء وحتى على الائمة والصحابة الاطهار ..ولكن الايام اثبتت وفي نهاية العمر واحر المطاف ان غالبية رجالات العهد الملكي رحمهم الله ربما كانوا عملاء ولكن كانوا اكثر شرفا واخلاصا ومواطنة وحبا للعراق واهله واكثر منا جميعا ممن يعيش في هذه الايام ...
اللهم ارفع هذه الغمة عن هذه الامة ..
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا
مقالات اخرى للكاتب