تعد البطاقة التموينية واحدة من الأساليب الناجعة والمهمة لتحقيق الأمن الغذائي ، لاسيما وقت الأزمات والحروب ، وقد اعتمدها العراق منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي ، ولكن الانعطاف الأهم هو الخلل الكبير الذي أصاب مسارات وحيثيات البطاقة التموينية بعد عام 2003من تلكؤ لافت للنظر وفساد مالي واداري غير مسبوق فيها .
وتتحمل وزارة التجارة في جميع الحكومات السابقة والحالية هذا الخلل الكبير في إدارة ملف البطاقة التموينية ، في وقت نتساءل ما المهام الكبرى التي تنهض بها وزارة التجارة والتي يمكن أن تحول دون إدارة ملف البطاقة التموينية بكفاءة والذي يعد هو الملف الأهم في سياق مهام وزارة التجارة ، فقد فشلت هذه الوزارة فشلاً ذريعاً في توفير مفردات البطاقة التموينية طيلة ثلاثة عشر عاماً خلت ، وقد شابت غالبية التعاقدات في هذا الملف حالات من الفساد المالي والإداري سواءا أكانت عن طريق القطاع الخاص أو التعاقدات المباشرة من قبل الحكومة وهي قليلة جداً ، وعلى الرغم من تواتر تصريحات مسؤولي وزارة التجارة في إمكانية تحسين هذا الملف إلا أننا نصطدم بين الفينة والأخرى بحالات من الفساد التي طالت كبار موظفي الوزارة ، وأصبح الفساد ظاهرة في هذا الملف من دون أن تبادر إلى إجراءات كفيلة بالمعالجة والتصحيح ، ولا نعرف مالعوائق الحقيقية سوى يافطة الفساد طيلة الأعوام الماضية ، ومن الضرورة بمكان أن نشير إلى أن الوزارة لو بادرت بتحويل إدارة هذا الملف للقطاع الخاص الحقيقي وبإشراف من قبلها ، لكانت نسب النجاح كبيرة جداً .
وعلى الرغم من الوعود الكثيرة التي أعلنت عنها وزارة التجارة أخذت منحنيات الإخفاق والتلكؤ تتهاوى ، وغدا المستهلك يفقد الأمل من إمكانية تحسين هذا الملف إدارة وتوزيعاً ومفردات لم يبقى منها سوى ثلاث فقرات لم تصل له كاملة ، في ظل ارتفاع نسبة ممن هم في خط الفقر أو تحته ، من دون أدنى معالجة من قبل الحكومة .
وفي ظل الأزمات التي تلازم الاقتصاد الوطني يطفو على السطح دوماً هذا الملف الذي يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي ، في وقت تقفا السلطتين التشريعية والتنفيذية عاجزتين عن وضع العلاجات الناجعة على الرغم من أهميته القصوى وانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة ، الأمر الذي يتطلب من مصادر القرار دراسة ملف البطاقة التموينية والإخفاقات المتكررة والمستمرة ، حيث نرى في هذا الاتجاه إما تعويضها بمبالغ مالية مع إجراءات لضبط منظومة الأسعار برفع التعرفة الكمر كية عن المواد الغذائية وتشديد الرقابة على الأسواق عن طريق قوانين وإجراءات تنفيذية ، أو أن تعمل الحكومة على الإتيان بإجراءات كفيلة بتوفير مفردات البطاقة التموينية من دون تعثر أو تلكؤ ، كأن تكون الاتجاه إلى التعاقد مع شركات عريقة من القطاع الخاص لتوفير مفردات البطاقة التموينية وإيصالها إلى المستهلك .
مقالات اخرى للكاتب