فن الالقاء من قديم قدم الزمن فقد استخدمه القادة والقواد العسكريون كوسيلة لتحقيق الاهداف التي يرومون تحقيقها. في مسرحية يوليوس سيزر نرى كيف تنافست الشخصيات بعد مقتل القيصر للوصول الى قلوب وعقول الناس والفوز برضاهم بما كان قد حدث. وكان فن الخطابة هو الوسيلة. حيث اخفق جماعة بروتس اقرب اصدقاء القيصر في اقناع الرومان بضرورة التخلص من القيصر وذلك لعدم اجادة الالقاء اولا وثانيا لضعف الحجج المقدمة لعموم الرومان واخيرا اخفقوا في امرين: عدم اجادة الخطابة وعدم رصانة الحجج المقدمة لعموم الناس اي ضعفها اي عدم تمكنهم من الاجابة عن ما يدور في عقول الناس
ولكن لما جاء الدور الى القائد العسكري المحنك انطونيو ليقدم حججه ورؤيته للمستقبل كان بارعا جدا في توجيهه كلامه وتوقفاته اثناء الخطابة وكان ناجحا وموفقا في استخدام لغة الجسد. وإحضار الحجج المادية والتحرك امام الجمهور ويبدو انه جاء بإجابات مقنعة لما كان يدور في اذهان المتلقين من الرومان.
هذا ما اورد لنا الكاتب الكبير وليام شكسبير كدليل على قدم هذا الفن. في عصرنا الحديث ظهر اهنمام منقطع النظير بهذا الفن الذي يعتمد على امور كثيرة منها:
* غزارة معلومات ومهارات وخبرة المتحدث وخاصة في الموضوع الذي يتحدث عنه
* الانسيابية ومقارعة الملل
* الشجاعة الادبية وعدم التخوف من مخاطبة الجموع مهما كانت
* اتقان لغة الجسد ولغة الاشارة وكيفية التموضع امام الجمهور
* الاجابة على ما يدور في اذهان الناس في لحظة الالقاء
* التهيؤ النفسي والبدني لمناسبة الالقاء والامثلة على ذلك كثيرة
الكثير منا شاهد الفيلم العالمي المعروف " خطاب الملك"( The King Speech)) والذي فيه كان يتعذر على الملك جورج السادس في النصف الاول من القرن العشرين مخاطبة شعبه بسبب الاعاقة الجسدية وهي التلعثم والتأتأة . وصادف بعد اعتلائه العرش انتصار بريطانيا والحلفاء في الحرب العالمية الثانية على المانيا بقيادة هتلر وكان عليه مخاطبة الشعب وتهنئته . قبل ذلك احست زوجته اليزيبيث بالمشكلة وكلف مدرب استرالي في تدريبه
ونجح في ذلك بعدما نشأت علاقة ودية بينهما. هنا الاعاقة جسدية ولكن احيانا تكون الاعاقة نفسية وهي التخوف من مواجهة الجمهور والتحدث اليه. وتظهر هذه الحالة الاخيرة منذ نعومة الاظفار وسببها الخجل وعدم محاولة علاجه ولكنها قابلة للعلاج كسابقتها بالإرادة والتصميم .
كما يتطلب من الخطيب ان يكون سريع البديهية حيث يقال ان عضو برلمان بريطاني من حزب العمل اثناء حملته الانتخابية سأله احد الاشخاص من الجمهور بقصد اهانته : هل اخبرت والدتك عندما خرجت من البيت هذا الصباح فأجابه : نعم كما اخبرتها متى سأعود .............ويعتقد نتيجة لبداهته فاز بمقعد دائرته الانتخابية.
اذن الخطابة سلاح لا يستهان به وطريق متطلباته متى ما تم تلبيتها احرز النجاح
مقالات اخرى للكاتب