تعددت الفرق والمذاهب الاسلامية بعد انتهاء الخلافة الراشدية واتخذت الدعوات الدينية اتجاهات مختلفة فلم تكن القضايا الدينية لوحدها موضع النزاع والخلاف بل حملت في مفاهيمها غايات سياسية وجذور قبلية وبالنظر لكون مرجع المسلمين بعد القران الكريم هو الاحاديث النبوية الشريفة ولكون هناك اختلاف في نقل هذه الاحاديث وتعددها لذلك اعتمدتها الفرق السياسية المتنازعة في توجيه اتباعها خدمة لمصالحها فاختلط الامر كما تختلط الامور في ايامنا هذه حينما تتضارب الاقوال حول مسئلة من مسائل الساعة وكان الجدل والخلاف في الرأي تتم مناقشته في المساجد على الاغلب ويكون بحضور الخليفة او كبار القوم وكان جدالا عقليا بين ائمة العلم والفقهاء ورجال الحديث ولكن بمرور الزمن وتقاطع المصالح تمددت مساحة الاختلاف والتطرف لدى تلك الفرق والمذاهب واتخذ البعض دينا لهم بعيدا عما جاء به القرأن الكريم واحاديث الرسول (ص) المعتمدة ولعل الخوارج خير مثال على ذلك لكن السؤال المطروح هنا هل ان ظاهرة التطرف والانحراف الديني ظاهرة اسلامية بحته مثلما يدعي بعض المفكرين الغربيين ووسائل اعلامهم ام ان الاديان بشكل عام قد تعرضت لنفس الانحراف الفكري . ففي الديانة المسيحية على سبيل المثال نجد ان هنالك تحول فكري جرى توظيفه في بعض المذاهب المسيحية فالحروب الصليبية لم تستطع ان تستمر كل تلك السنين الطويلة لولا استخدام العالم الغربي في حينها المشاعر الدينية لتحقيق اهداف دنيوية تحت غطاء التبشير والغزو الفكري والعقائدي ان اعنف واوسع حماس ديني انتشارا في اظلم حقبة مرت بها الكنيسة هي فترة الحروب الصليبية ذلك الحماس الذي اجج بأسم الدين مشاعر ملايين المسيحيين والذي ادى الى ترك بيوتهم كي يهلكوا في ارض غريبة وبعيدة عن ديارهم ان حملة الصليبيين خرافة وتعصب لكونها حركة عدوانية اذكتها قضايا دنيوية اذا لا يمكننا ان نصدق ان الرب يخدع الملايين ويغريهم بوعود خلابة . اننا يمكن ان نبصر بوضوح كيف يوظف الحماس الديني من دون المعرفة وخير مثال على التطرف المذهبي والديني في امريكا مثلا ما قام به القس ( جونز ) في (معبد الناس ) عام 1998 عندما قاد اتباعه الى الانتحار الجماعي وراح ضحية هذه المجزرة 911 فردا من النساء والاطفال والرجال هذا اضافة الى المأسي التي حدثت بين الكاثوليك والبروتستانت ومذابح الكهنوت بفرنسا والحروب الدينية في المانيا ومذابح الكاثوليك في ايرلندا ولعل المجزرة الدموية التي ارتكبها المواطن النيرويجي ( اندريس بيرنك) في العام الماضي والتي ادت الى مقتل 76 مواطن من ابناء بلده احتجاجا على زيادة عدد المقيمين المسلمين في القارة الاوربية كما صرح به اثناء التحقيق لتمثل دليلا اخر على التشدد والعنصرية التي تكمن في نفوس العديد من امثاله والذين ساهموا في تشويه معالم الديانة المسيحية ام فيما يتعلق بالديانة اليهودية فقد نجحت الحركة الصهيونية في توظيف الدين اليهودي لغرض حث اتباعه المنتشرين في كافة دول العالم على الهجرة الى ارض فلسطين وما رافق ذلك من ارتكاب العديد من المجازر بحق اصحاب البلد والذي لا يسمح هذا المقال القصير على ذكرها . ان الاديان السماوية دعوات اصلاحية هدفها اسعاد البشر وغاياتها النبيلة كافية لاجتذاب الناس اليها ان ما يتعرض له المجتمع الاسلامي على يد الارهابيين والحركات السلفية المتطرفة حاله كحال التطرف الذي مارسته بعض الفرق والمذاهب المسيحية واليهودية في السابق على مجتمعاتها ومجتمعات الديانات الاخرى. ان التطرف ظاهرة عالمية غالبا ما تتخذ من التعصب الديني اساسا لها لذلك يجب معالجته من قبل الجميع بعقد العديد من المؤتمرات والندوات التي تتناول حوار الاديان ومكافحة التطرف في كل مكان من العالم مهما كانت اسبابه .
مقالات اخرى للكاتب