حصل بسرعة ما لم يكن بالحسبان، سقط حكم الأخوان في أم الدنيا، مصر...ففي ساعة نحس إسلاموية، ومن دون وعد، تشابكت ألعاب ومكر التاريخ ، مع "المكر الإلهي" لإنتاج أكبر عمل درامي غطى المشهد السياسي المصري. فيلم درامي مصري من نوع آخر، دراما حقيقية دون ابتذال اجتماعي وتلاعب مسف بالعواطف، دراما غير معنية بتفاهات الحياة، دراما حية نابعة من شقاء وبؤس الشارع المصري، من أزقة الفقراء، هناك حيث يتم عن عمد، خلط السياسة بالدين، لتصوير مشهد أكثر مأساوية ودموية. دراما احتوت كل دسائس ظلمات التاريخ، ومهدت لمختلف أدوار العبث والحماقات والعهر السياسي. فما بين شجاعة شعب وإيثار جيش من صلبه يبحثان عن توطيد حكم المساواة والديمقراطية الحقة، يقف الآن قادة الفشل والظلم والاستحواذ، بإذلال ومكابرة، مثل ثعالب ماكرة مكبرة باسم الله، في محاولة احتيال يائسة لتعتيم مشهد صراع الإرادات في "صدفة تاريخية" لا تتكرر ألا في مصر.
بشكل ما، هي مشيئة قدريه لكن بملابسات سياسية موضوعية فرضها واقع شبابي بائس، بشجاعته انتهى حكم الأخوان ، وفي زمن قياسي مخجل وصعب. لعل خير وصف لها، ما عبّرت عنه لماحية الشاعر احمد فؤاد نجم: ( لقد حقق مرسي - بعون الله- ما اخفق عن تحقيقه عبد الناصر والسادات وحسني في تحطيم الأخوان المسلمين ).
الغريب ان نفس المكر الإلهي -الصدفة التاريخية - الذي سمح للإسلام السياسي المتخلف بملء ما خلفته لنا دكتاتوريات العسكر من فراغ سياسي، وهيّأ له الوصول للسلطة ، هي ذاتها- الصدفة- لكن بمسلمات وملابسات موضوعية جديدة ، أَسقط بها مكر وظلم وفساد وفشل مكبريها الكذابين.! لقد وقف إلهنا لهم بالمرصاد، وكان "أسرع الماكرين". فخلال عام من حكم الشرعية الدستورية !! اغرقوا الشارع والمجتمع المصري بالظلم والفساد والافتراء، و بفتاوي الضلالة والهوس الجنسي، أغلقوا حياة الناس بالمحرمات وبكل ما لا يرضاه الله أو شرع.. أليست نفوسهم الشريرة المريضة الأمارة بالسوء وحب التسلط والمال و ملذات الدنيا، هي من فِعل إرادة الله !؟ إنه حقاً خير الماكرين !!
الأكثر غرابة في المشهد، تصاعد دعوات سلفية مؤمنة صالحة تدعو بلم شمل المسلمين واحتواء الانقسام الشعبي الذي خلفه الاخوان.! فالسلفيون ينطلقون من كون ما حدث ، هو قدر إلهي ليس إلا.!؟ مشيئة ربانية لا دخل لها بقصور الإسلام السياسي الفكري، ولا لحماقات مرسي والإخوان.!
منطلق جميل ان نسمع دعوات صالحة ! تبري الجماهير المصرية والجيش من "اثم" تغيير الشرعية، ولا تتهم الأحرار بالعمالة لإسرائيل والغرب!.
ويبقى سقوط الإخوان السريع وهم في أوج ربيعهم الأجرد الأحمق، بقدر ما هو صفعة للإسلام السياسي السني والشيعي، فهو يمثل معيارا نموذجيا أمثل لثقافته وقصوره الفكري والسياسي، ومقياسا لفشل مشروع إعادة إحياء "دولة الخلافة الإسلامية" وعدالتها الواعدة.!
سيبقى الله للأبد، "خير الماكرين" وخير مؤازرلكل بطل شريف شجاع لا يهاب خرافات الضالين ..
مقالات اخرى للكاتب