اشرت التصريحات الأخيرة التي أدلى بها رئيس مجلس الوزراء وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ضد المجلس الأعلى والتيار الصدري ان الرجل يعيش أزمة حقيقية تكاد تطيح به وبعرشه قبل وقته المحدد، ظهرت بوادرها الأساسية بعد فضيحة هروب عتاة المجرمين والقتلة التابعين لتنظيم القاعدة الإرهابي من سجني أبي غريب والتاجي بعد اقتحامهما وفتح أبوابهما وكذلك بعد التراجع الأمني الرهيب في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب والذي أدى الى استشهاد وإصابة ألاف المدنيين من الرجال والنساء والأطفال خاصة الأشهر الأخيرة التي سجلت ارتفاعا في الخروقات الأمنية وفي اعداد القتلى المدنيين وإعادة الصورة المأساوية لما كانت عليه الحرب الطائفية قبل خمس سنوات مما دعا وزارة الداخلية إلى القول بان العراق يعيش حربا طائفية حقيقية لكن المالكي رفض هذا التوصيف واعتبره امرا عاديا حتى وان بلغ عدد القتلى في شهر واحد أكثر من ألف قتيل. هذا التدهور الامني وما صاحبه من تراجع وتدني في مستوى الخدمات مع ارتفاع مؤشر البطالة وتفشي ظاهرة الرشوة واتساع مديات الفساد المالي والاداري جعلت المالكي يبحث عن طوق نجاد وبأي اسلوب فكان ان وجد ان تحميل الاخرين مسؤولية اسباب الفشل وتنصله عن مسؤولياته مخرجا مقبولا ومقنعا لدى المالكي ومحبية ومريدية حتى ولو لفترة محدودة لان هذا الاتهام سيواجه برفض من قبل الاطراف المتهمة ،واتهام المالكي لخصومه وشركائه منهج متبع من قبل المالكي يلجا اليه في كل مرحلة حرجة وفي هذا الاتهام ينسى انه هو الشخص الاول المسؤول عن كل الملفات وان اي خلل في اي مفصل تكون المسؤولية الاساسية بعاتقه . واذا كان المالكي يعتقد ان اتهامه للتيار الصدري يمنحه فسحة من المناورة وتحميل الفشل للتيار الصدري كونهم يمسكون بعصم بعض الوزارات الخدمية الا ان هذا الاتهام غير مبرر لان المالكي هو المسؤول عن هؤلاء الوزراء وفشل هؤلاء يعني فشل ادارة المالكي والا لو كان المالكي ناجحا لكان الفريق الذي معه ناجحا ومع ذلك يمكن التماس بعض المخارج التي تعطي المالكي بعض الحق في تفاصيل محدوده في اتهامه للتيار الصدري لان المسؤولية مشتركة، لكن ما هو عذر المالكي في اتهامه للمجلس الاعلى ومحاولة اشراكه في الفشل الذريع الذي تعاني منه كل مفاصل الدولة فالمجلس الاعلى لم يكن طرفا في حكومة المالكي ولم يشترك بها وليس له فيها وزير او امير بل اعلن منذ البداية ان حكومة يراسها المالكي تشكلت في ازمة لن يشارك بها لانها ستكون حكومة ازمات وفعلا تحققت نبوءة المجلس الاعلى وكانت النتيجة ان العراق يخرج من ازمة ويدخل في ازمة وكان الحكومة لم تتشكل لخدمة الناس بل تشكلت لخلق الازمات والتضييق على ابناء الشعب العراقي. ان لجوء المالكي الى هذه الاساليب الرخيصة في اتهامه للاخرين وتنصله عن المسؤوليات الملقاة على عاتقه تعني ان الرجل بدا يفقد توازنه وانه بات على حافة الغرق في ازماته التي افتعلها وان محاولة تنصله منها وقذف الاخرين بها لن تمنحه طوق النجاة ولن تجعله بمامن من النهاية الماساوية التي ستنهي بفترته الثانية.
مقالات اخرى للكاتب