في الثامن من أغسطس/أب، توقفت الحرب العراقية-الإيرانية، التي دامت لثمان سنوات (1980-1988)، من الدمار والخراب على البلدين.
يوم ولادتي هو 8-8، الذي يصادف ذكرى انتهاء هذه الحرب، وبالمقابل أصبح اسمي "فرح"، فرحة بانتهاء الحرب كما تقول لي والدتي، التي أطلقت علي هذا الاسم.
والدتي أخبرتني أن" العراقيين في تلك الفترة، في أثناء انتهاء الحرب، كانت الفرحة تنبع من أعماق قلبهم، لانتهاء الدمار والقتل التي راح ضحيتها الكثير من جانب الطرفين العراقي والإيراني".
الآن، في وقتنا الحاضر، عندما نحب أن نفرح، نحس أن الفرحة فيها "غصة"، وينقصها الكثير من الأشياء، بسبب ما نعيشه من أوضاع "مدمرة" في العراق، سابقاً، كنا نخوض حربا مع جهة واحدة ومعروفة، الآن نواجه أطراف وجهات وأعداء كثر وما خفي كان أعظم، كذلك نواجه التخلف والجهل والفتنة الطائفية، ولا أقصد هنا الجهل الإنسان غير المتعلم، بل على العكس هناك أشخاص متعلمين وربما على مستوى صحفي، إعلامي، مهندس، وطبيب....الخ، لكن عقولهم طائفية تحب التفرقة والفساد، تراهم أمامك شيء وهم في الحقيقة شيء أخر، وفي مجال الصحافة، بما أنني دخلت هذا المجال، تصيبك الصدمة من بعض الصحفيين والكتاب المعروفين، الذين نعتبرهم قدوة لنا نحن الشباب في المجال الصحفي والإعلامي، لأنهم في الحقيقة عندما تعرفهم عن قرب، يكونون خلاف الصورة التي كنا نرسمها لهم من خلال كتاباتهم التي يختبئون ورائها.
العراق منذ سنوات طويلة مر من حرب إلى حرب، والآن، البلاد عبارة عن انفجارات، مفخخات وقتل وتهجير بقية المكونات العراقية، والبلاد الآن ليست بحاجة إلى مجرد كلام جميل يندد بالوضع الراهن، وإصدار بيانات صحفية التي تندد بالواقع المرير، مع وقفات تضامنية وتصريحات سياسية من هنا وهناك، وكتابات صحفية تبين لك من يقف وراء ذلك وكيف هو التخطيط، ومن المستفيد، وإبداء التحليلات وإعطاء الرأي والتعليقات.
العراق مدمر، الكل مستهدف المسلم والمسيحي والصابئي واليزيدي....الخ، والصورة باتت واضحة الآن، وهي معروفة منذ زمن طويل، والمواطن العراقي الحقيقي والبسيط ليس ساذجاً، لأشرح له من المستفيد ومن وراء ذلك، إنما المواطن العراقي مغلوب على أمره، يلجأ إلى الصمت خوفا على نفسه وعلى عائلته ولكسب رزقه في بلد السلطة والمال.
البلاد بحاجة إلى فعل وليس مجرد كلام، بحاجة إلى حل جذري لإخراجه من هذا الظلام، وعندما أكتب هذه الكلمات فأنني مواطنة بسيطة قبل أن أكون صحافية، كان من الممكن أن يذهب أهلي ضحية انفجار حدث خلال اليومين الماضيين في بغداد، فلو كان أهلي راحوا ضحية هذا الانفجار، فمن كان سيعوضني عنهم، الكتابات الصحفية أم التنديدات أم الوقفات التضامنية، وأنا أكتب هذه الكلمات، الله أعلم الآن كم انفجارا حصل؟ وكم عائلة أخرى هُجرت من مكانها؟، والمهجرون والنازحون، هم ليسوا بحاجة إلى إمدادات تنفذ خلال وقت قصير، بل بحاجة إلى مأوى، سكن يأويهم ويأوي أطفالهم، سكن يقيهم من درجات الحرارة المرتفعة صيفاً، ومن الأمطار والبرودة شتاءاً، الكل مستهدف هنا في العراق، لكننا نمض بحياتنا ونتوكل على الله الذي هو أرحم من البشر، فحياتنا هنا واقفة على شعرة واحدة....
مع ذلك، اليوم هو يوم ميلادي، وكلما أمر بضيق أو شدة أتذكر اسمي "فرح"، الذي يبعث لي البهجة والأمل والطمأنينة، صحيح عندما نرى هذه الأوضاع المؤسفة التي نعيشها، نعجز عن الكتابة والتعبير لما نراه من وضع مؤلم، لكن الحياة تستمر، والأمل موجود، الله سبحانه وتعالى موجود، ولا نقول غير حسبي الله ونعم الوكيل، وأتمنى في السنة المقبلة من تاريخ ميلادي أن تكون سنة السلام والمحبة والأمان على العراقيين والعالم أجمع.
مقالات اخرى للكاتب